الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٧ مساءً

الانتخابات ,,, والربيع العربي

عباس القاضي
الاربعاء ، ٠١ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢٩ مساءً
ظلت الانتخابات في العالم العربي, ضرورة ملحة للحكام العرب, كتغطية يستخدمها الإعلام, لشرعية القوة, رغم حسم نتائجها لصالحهم سلفا, من خلال استغلال المال العام والوظيفة العامة والجيش والأمن, يسانده في هذا كله الإعلام الذي يكيل التهم على منافسيهم, يدعمهم شبكة من الاستخبارات لإطلاق الشائعات بالويل والثبور وعظائم الأمور في حالة فوز المنافسين, يجعل الحليم حيرانا, حتى يصل إلى قناعة, وإن كانت مريرة بواقعه الذي لا يرى أملا بإصلاح ما فسد في الماضي, ولا تطورا في الآتي, خوفا من مستقبل مجهول, صورته الإشاعات أن فوز المنافس معناه,, صوملة أوعرقنة.
وهذه الخطوات تواصوا بها الحكام العرب ليصبح نظام الحكم في مظهره ديمقراطي, وفي جوهره ديكتاتوري ,,فإذا ما احتج المواطنون سلط الحاكم سيف شرعية الديمقراطية على رقابهم , وبندقية شرعية القوة على رؤوسهم .

وجاءت ثورات الربيع العربي, لم تتغير قراءتهم للواقع, وظنوا أن الشعوب كما هي , حناجرهم تصدح بحمدهم, ولسانهم تلهج بشكرهم وأياديهم ما وجدت إلا للتصفيق لهم , طال عليهم أمد الحكم, فقست قلوبهم, وارتبطوا بحلقتين لا ثالث لهما: حلقة المصلحة, من أولئك المتنفذين من حولهم بربط المصير بالمصير, وحلقة المصالحة لأرباب الدفع المسبق الذين يرون أنهم بدونه عدم, لكن الزمن غير الزمن والشعوب تغيرت, فلم تعد تنفعهم سيف الشرعية المزورة, ولا بندقية القوة المكابرة.

رأيتهم في جولة "عَصِرْ " وجوههم ممتقعة, وعيونهم تقدح شررا وملابسهم الرثة تدل عليهم , وبيد كل منهم عصى غليظة (صميل) مكتوب عليها " الشرعية الدستورية " ليتصدى بها للمتظاهرين السلميين , تعززهم أرتال من الجنود , والمدرعات والمصفحات, ولو كانت شرعية حقيقية لما احتاجوا أن يحموها بكل هذا العتاد.

ونحن نتأهب للانتخابات الرئاسية في الـ 21 من فبراير الذي بها سنطوي حكم كهنوتي جثم على صدورنا, أكثر من ثلاثة عقود.
هذا اليوم تتويج لتحقيق الهدف الأول من ثورتنا, برحيل رأس النظام, والذي دشن رحيله جسدا في غسقٍ من الليل متنكرا , خوفا ورعبا وهلعا, من دوي صوت الثوار بكلمة "ارحل" وسيرحل اسما وصورا في الـ21 من فبراير.

وإن بقي بعضٌ من أركان نظامه لعامين فإن الماء الكثير من أحزاب فاعلة وجماهير ثائرة ستتغلب على ما يعتريها من شوائب.

الذي يدعو لغير الانتخابات, لا يؤمن بهذه الثورة, فقد أغضبه الرحيل , هذه الكلمة التي رسمناها على جبين أطفالنا وعلى صدور شبابنا وعلى عمائم شيوخنا, كتبناها شعرا بكل البحور, وتغنينا بها بكل المقامات, شكلناها رسما بأبنائنا وأحجارنا, بحثنا عن مرادفاتها, ومعانيها في المعاجم.

"ارحل" عندما أطلقها ثوار تونس, والتي تعني باللغة الفرنسية "ديغاج degage", حصلت هذه الكلمة على جائزة أفضل شعار في فرنسا,,, "ارحل" اسم أول كتاب عن ثورة تونس.
"ارحل" احتسيناها مع قهوة الصباح , اغتبقناها مع حليب المساء, رأيناها سحبا تتشكل في السماء بكلمة "ارحل", ابتسمنا ونحن نيام عندما حلمنا برحيله.

أذكر أنني في بداية الثورة بحثت عن شعار أحمله في الساحة, فلم أجد أفضل من هذا الشعار, الذي خاطبت به رأس النظام " إذا كان رحيلك مرهون بقتلي , فاقتلني وارحل "وعندما يأتي الفعل الذي فيه نرحله من خلال الانتخابات, نتراجع,,لا والله إن هذا هو الخيانة لدماء الشهداء.