الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٣ صباحاً

حذاء حق عند سلطان جائر‎

عبدالعزيز العرشاني
الجمعة ، ٢٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
اهدي مقالي هذا للهامة العملاقة والرجل الحر الملازم عمرو الحاتمي .

قيل أن الضبع اعتلى مكانة غير مكانته فوقف في الغابة متحدثاً عن صيده وأكله ووجباته فقال :

أنا أحيانا أكل الأرنب وأحيان أخرى أكل الخروف وفي أُخر أكل الفهد وقد أكل النمر وأكل الأسد والتفت فرأى الأسد على يساره ولم يشعر بمقدمه فبهت الضبع ولكنه أستدرك الأمر بقوله :
وأكثر الأحيان أكل القْنَاطر ( مفرد قنطرة وهي الحذاء الغليظ ) .

كانت رسالة قوية وحازمة ومختصرة ومفهومة من الملازم عمرو الحاتمي .. فما دامت الحروف والكلمات والعبارات لم تفهم أسرة أبو جهل وعبد الله بن أبي .. أسرة الشقاق والنفاق .. أسرة الكبر والتعالي والغرور .. أسرة الرذيلة والجريمة والفساد .. أسرة العمالة والخيانة .. أسرة الجهل والفقر والمرض .. بفعل انغلاقهم على ذاتهم ورؤيتهم لأنفسهم باستعلاء وعلى أنهم فوق الآخرين وأن الشعب دون مستواهم أمام كل هذا لا يعيدهم لرشدهم ويفيقهم من سكرتهم ومن غفلتهم سوى اللغة التي يفهمها أمثالهم ومن على شاكلتهم .. فمن لا تُفهِمهُ الحروف والكلمات والعبارات فلا بد من لغة أخرى يفهمها بديلة عن الأصوات تكون محسوسة وفاعلة وذات وقع لأشباه البشر . المعاقين في حاسة السمع والبصر والفهم . بليدي الإحساس .
أثبت الملازم عمرو الحاتمي ( وهو على وزن حاتم الطائي وكليهما اشتهر بأفعاله ) أن تدريبه لم يذهب سدى وذلك من خلال دقة التصويب وسرعة البديهة وردة الفعل التلقائي , كما أن تعليمه لم يذهب عبثاً من خلال أيجاز الخطاب والرد ببلاغة وقوة شكيمة , وأثبت أيضا أن هنالك ألف مرتضى يشابه ويساوي بل وينافس مرتضى العراقي وبنسخة يمنية ولا يختلفان إلا في المفعول به فالعراقي خاطب بحذائه المُحتل الأجنبي والحاتمي خاطب المُحتل الداخلي ( رغم أنه حاز على التعليم العالي ويعمل في وظيفة مرموقة إلى جانب خيرات بلده كل ذلك لم يشفع له في العيش على كفاف الستر وفي عزة وكرامة فهو في شظف العيش ومكابدة حال لسان حاله يقول :

تموت الأسد في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكلها الكلابُ ) .
لغة النعال
لغة الأحذية
لغة القناطر
لغة الجزم
لغة الصنادل
لغة البشامق
لغة الشبشب

لغة عالمية معتبرة لها مكانتها ووقعها الخاص تفهمها جيداً الزواحف والحشرات , كما ويفهمها أشباه الرجال فبعد الخطاب والنقاش السريع والمختصر والحاسم عند التخاطب بها يصبح المخاطب غير ما كان عليه قبل دقائق وبعد أن كان صاحب الفخامة .. صاحب السيادة .. صاحب النيافة .. القائد الهمام .. يعود إلى مكانه ووضعه الطبيعي مكسور الكرامة .. مُرَّاق الشرف .. مذبوح الرجولة .. بقايا إنسان .. فبأي وجه يظهر وبأي لسان يتحدث وبأي قامة يمتشقها بعد فعل الخطاب باللغة التي يدركها ويفهمها جيدا .

الحذاء أداة ينتعله البشر ويستخدم أحيانا كسلاح ضد هوَّام الأرض - الصراصير والسحالي والعقارب .
الحذاء أصبح لغة عالمية على غرار لغة بريل لفاقدي البصر ولغة الإشارة للصم والبكم تُسمع القريب والبعيد ويراها القاصي والداني ويفهمها العجمي والعربي .

الحذاء أصبح فعل أمر . بل وفاعل . والمفعول به الفاسد والمتكبر والجاهل .
الحذاء للبعض أو بمعنى أصح البضع - أصبح حرف وكلمة وعبارة . مفهومة . ومفيدة .

الحذاء خطاب .. رمز .. أشارة . من كل الشعب وبلسان كل الأمة من شمال اليمن إلى جنوبه.. رجال ونساء .. بالغين وأطفال .. كبار وصغار .. حضر وريف.. متعلمين وأميين مفادها لم تعتدل فاعتزل ومعناها أنكم أسرة مجرمة فاسدة كرهناكم وبغضناكم ولم يعد أمامنا نقاش وحوار معكم سوى لغة النعال .