الثلاثاء ، ٣٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٠ مساءً

في نهاية حكمه .. الحصان يطلب حصانة

عباس القاضي
الأحد ، ١٥ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٠٤ مساءً
ما يدور هذه الأيام من معارك وملاسنات على المواقع الإلكترونية والصحف المحلية، حول قانون الحصانة، لرأس النظام المنتهي ولايته، وأركان نظامه والمتضمنة في المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، يكون الحسم في معظم الأحيان، لصوت الممانعة، لأن الجروح لم تندمل بعد، وتراب قبور الشهداء ما زال طريا، إلا أننا بحاجة إلى قراءة متأنية بعيدة عن العواطف لهذه المسألة من حيث الطلب نفسه.

فالنظام المنتهي ولايته، ومن خلال طاحونة إعلامه الذي صم الآذان في تمجيد رأس النظام أثناء فترة حكمه، حيث كانت نشرة الأخبار تمتد لساعات ترصد المنجزات وتستعرض "كامل الأوصاف" بأن "لولاه ما طلع في الدنا شمسٌ**** ولا دار في الفلك أقمار"، كيف به يطلب مع نهاية حكمه بقانون يحميه من جرائم جسيمة واختلاس أموال الشعب، أما كان له وهو ابن اليمن البار وفارس العرب أن يطلب تكريما أو شهادة تقدير.

أقول لإخواننا الثوار : إن طلبه هذا - لعمري- هو من أكبر المنجزات، اعتراف بسلميتها مقابل وحشيته، وانهزام نفسي أمام عنفوان الثورة، حيث كان من الصعب على الثوار، حصر كل المتورطين في أعمال العنف، ضد المعتصمين والمتظاهرين، لأن النظام اعتمد في تنفيذ هذه الجرائم على أشخاص، كانوا يتمترسون في بعض المباني الحكومية، أو في منازل بعض المتنفذين، متوارين خلف أسوارها ووراء شرفاتها، يخفون وجوههم بفائض ما يلفون به رءوسهم، وإن ألقَوا القبض عليهم كلهم، فقيمتهم لا تساوي قدم شهيد، من أمثال مجاهد القاضي أو صلاح الشرماني، لكن القاتل الحقيقي هو من درّب ومول وحرّض وقلب الحقائق وأفتى بهدر دمهم.

كان على الثوار وبعد استكمال أهداف ثورتهم أن يستعينوا بمراكز أبحاث وخبراء عالميين، ليتوصلوا إلى هؤلاء الأشخاص،قد تستغرق سنوات، ولكن في غفلة من إدراك النظام المتهالك، جاء بالقائمة وفيها هؤلاء الذين كان لهم دور في هذه الأحداث، بمعنى آخر هم من أدانوا أنفسهم من باب " كاد المريب أن يقول خذوني".

لأنه من الطبيعي أن يصيب مسئول ويخطئ في عمله، فإن أصاب فهذا مقتضى عمله الذي على أساسه يأخذ مرتبه، وإن أخطأ فلا عقوبة عليه إلا بحكم شرعي بحسب القوانين النافذة، فلا داعي أن يطلب حصانة من أحد، أما أن يطلب حصانة بعد هذه الأحداث المأساوية فهذا يدل على اعتراف صريح بممارسته لهذه الأعمال.
لذلك فإعطاءهم الحصانة يجعلهم في موقفين لا ثالث لهما:

الموقف الأول : أن يغادروا اليمن بعد التصويت على القانون – هذا إن حدث – فهذا معناه أن اليمن قد تخلصت من غراب البين لتبني دولتها الحديثة، الدولة المنشودة في أذهان الثوار، وتحققت الذي من أجله بذل الثوار دماءهم، بعدها يتم ملاحقتهم في تلك البلدان الذي لا يُعتَبَر القانون اليمني ملزما لها.
الموقف الثاني : أن يبقَوا في اليمن وهذه الكارثة ليس على الثوار ولكن عليهم هم، فبعد كشف أسمائهم وصفاتهم فإنهم لن يبيتوا في بيوتهم مطمئنين ولا يمشوا في الشوارع والطرقات آمنين، لأن أولياء الدم لا تكف أيديهم ورقة مكتوب فيها حصانة.

الأفضل أنهم يطوون صحيفتهم قبل أن تنشر على الملأ في طلب الحصانة، ويتركوا مواقعهم الذي بسببها خرج الثوار، ويسلمون أنفسهم للقضاء ليميز الخبيث من الطيب.

وسنعطيهم درسا بأول حصاد لثورتنا من خلال محاكمة عادلة.