الاربعاء ، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٧ صباحاً

ألا تكفي متاعب الحياة فتضاف إليها الأوبئة؟

عبدالعزيز المقالح
الخميس ، ١٩ مارس ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٣٧ صباحاً

نعم، ألا يكفي هذا الكم الهائل من المتاعب التي يقذفنا بها الواقع حتى تضاف إليها المخاوف من الأوبئة التي بدأت تنتشر وتنتقل من مكان إلى أخر؟ من السهل تجاوز المتاعب مهما كان مستواها، لكن من الصعب تجاوز الأوبئة وآثارها، فهي تنتقل مع الهواء وتنشر آثارها الضارة في سرعة الهواء نفسه. وهكذا يبدو الإنسان واقعاً بين نارين: نار الواقع وما يفرزه من مؤثرات ومثيرة للقلق، ونار  الأوبئة وقدرتها على الانتشار والانتقال. وإذا تمكن الإنسان –أي إنسان- من تجاوز آثار الواقع، فإن قدرته على تحدي الأوبئة يبقى محدوداً. وكلما تقدم السن بالإنسان زادت متاعبه وقلت قدرته على التحدي. لذلك فهو أكثر عرضة للآثار الجانبية السلبية، وعليه أن يتحمل الأعباء الإضافية بصبر وجلد، ومن حسن حظه أن الله منحه القدرة على التحمل وعلى مواجهة كل ما من شأنه أن يضعف قدرات التحمل، وكثيرهم أولئك الذين يقاومون كل المتاعب الصادرة عن الواقع بصبر وصدر رحب، وفي الوقت ذاته يجيدون المواجهة.  ويثبت الواقع أن الإنسان أقدر على مواجهة الآثار المترتبة على هذا الواقع، في حين يكاد يعجز عن مواجهة آثار الأوبئة لأسباب معلومة. ومن حسن الحظ أيضا أن الإنسان قادر، في كل الحالات وتحت كل الظروف، أن يقاوم وأن يتحدى وليس أمامه غير التحدي والصبر، وذلك قدره. وما كتب الله عليه من متاعب هي في حقيقة الأمر تدفع به إلى عدم الخضوع والاستسلام، ومن دون هذه المتاعب تقل حالة المقاومة ويصبح الجسد الإنساني هشاً قابلاً للكسر. وسبق لي في مقال سابق أن استعرت بيتاً من الشعر يؤكد أن النفوس الكبيرة تتحمل الأعباء الأكبر. وهذا ما يحدث دائماً في حياتنا اليومية، حيث لا تخضع القدرات لأي احتمال من الاحتمالات الباعثة على الضعف، وعدم القبول بما يفرضه الواقع من جهة، والأوبئة من جهة أخرى –كما سبقت الإشارة إلى ذلك أكثر من مرة- ولنا أن نفيد مما وصلت إليه الدراسات الحديثة الخاصة بهذه القضية النفسية والجسدية. وربما تكون قد وضُعت مجموعة من القواعد يمكن الإفادة منها والاهتداء إلى طرق قادرة على الحل المطلوب، وما علينا إلاَّ أن نلتزم بالقواعد ونسير على ضوئها وبذلك نتمكن من اجتياز الحالة التي نعاني منها وننتقل إلى مجال آخر بعيداً عن كل المؤثرات والدوافع المثبطة والداعية إلى التراجع والتكاسل. والإنسان -كما سبقت الإشارة- قادرٌ بإرادته واستعداده على مواجهة كل ما يطرحه واقعه من سلبيات، ولا أقوى من إرادة الإنسان إذا استطاع أن يتحكم بها ويسير وفق هداها. ولا شيء يتغلب على إرادة الإنسان إلاَّ إذا عمل هو نفسه على إضعافها والتقليل من قدراتها. ومن المستحيل على قوة من خارج الذات أن تقلل أو تضعف من شأن إرادة الإنسان، كما ورد في السطور السابقة. والإنسان منزوع الإرادة هو الذي يخضع لمؤثرات الظروف وما تفرزه من آثار تقود إلى التراجع والتكاسل. ومن حسن حظ الإنسان أنه يمتلك إرادة ذات فاعلية عامة لو استطاع أن يفيد من قدرات هذه الإرادة لما كان هذه حاله ولما تعرضت حياته لأي مؤثر سلبي. ومن هنا، فقد آن لنا أن نستفيد من هذه الإرادة الخلاقة، وأن نترك لها قيادة أمورنا إن أردنا أن لا تتعثر خطواتنا، وهذه هي الخلاصة دون مزيد من الإشارات أو تكرارها.