حصن العنكبوت
سام الغباري
الأحد , 19 يناير 2020
الساعة 01:13
مساء
كُنت كلما هرولت خلف حروفه أجدني خائفًا، مرتعشًا ومُشفقًا على «الضحايا»، مُنكرًا أن يكون ذلك الظلم الطويل قد مر على أناس من الأسلاف، وأن أجد قسوة فيلكبير مُلتاعًا عن حقيقة جزء من تلك السردية الموجعة، فأجابني بما لا يشفي غليلي، ومرة تلو أخرى أترك روايته مفجوعًا، أقذفها بعيدًا بعينين زائغتين، وكف مرتعشة، ثم ما ألبث أحبو إليها عائدًا متعوذًا من شر الفسق القديم.
ومع كل صفحة أغضب، متسائلًا: لِمَ لا يقاتلون؟ وحين فعلوا، طاف بي حُلم الخلاص، غير أنه «الغربي» عاد ونكّس راية الخلاص، بدا يائسًا من كسر حلقة التزاوج المشيخي - الديني، ولما فر إلى عدن، ورغم البحر والحدود المفتوحة لم أستطع التقاط نفس واحد، كأنها أرض ملعونة، وبحر ميت!
دمّرني «الغربي عمران» في هذه الملحمة الصاخبة، التي إن كنت سأرفع سبابتي لاتهامها في شيء، ففي التركيز الزماني والمكاني على «المشيخة» كوظيفة اجتماعية ظالمة، شديدة الظلمة والبؤس، دون أن يطرق كاتبنا الكبير باب الأئمة بإصرار، تلك الإمامة التي أنتجت هذه المشيخات الحاقدة، حين غرست في كل قرية شيخًا يواليها وسحقت كل من رفض فكرتها العنصرية، وتحويل القبائل إلى جنود للسلب والقتل الرخيص.
في نهاية ما قرأت طاف سؤال مُغرق بمياه السيول التي جرفت الموتى شاخصًا بعينين ذاهلتين: إن لم يكونوا قد اكتسبوا معرفة منعتهم من رفض واقعهم، فأين فطرتهم في الحرية والكرامة؟، أشير بذلك إلى الذين عاشوا خدمًا مهانين في حصون أوهن من بيت العنكبوت.. وهو السؤال الذي يتكرر منذ قرون.. سؤال قد يجرفه سيل صنعاء، فيصعد بخارًا إلى الغيم الذي يمضي بعيدًا ليهطل مُزنًا على أناس حقيقيين يُقدِّرون معنى العيش برأس مرفوع، وعلى أرض غير ملعونة.
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |