الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً

صعاليكي ينتصرون

فيصل علي
الاثنين ، ٢٩ مايو ٢٠١٧ الساعة ١٠:٢١ مساءً
"الحمد لله صعاليكي ينتصرون في تعز، بينما أنا أشعر بقرف السياسة وتمزق روحي هزائمها، ليس لكرمك حدود إلهي" قلت هذه العبارة وأنا عائد من صلاة التراويح هذه الليلة، لم يترك العرب لرمضان قدسيته هذا العام، فمناكفات الاخوة لا تنتهي، وجدتني وحيدا أهيم في خيالات صحاري العرب الموحشة، أو كمدعو لحفلة زار سخيفة، أهرب من ذاتي المشوهة، كي لا أخوض معركة ليس لي فيها شرف، شعرت مرارا بالأسى، وبأني مسير لا مخير في معركة السيوف الخشبية، ويا بعضي قاتل بعضي، الفكرة لا تروقني بالمرة، وسائل التواصل الاجتماعي تستدعيني دوما للخوض في الفتنة، والفتنة هي الإدمان العربي الأصيل، والمتبقي لديه منذ داحس والغبراء.



قررت عدم الصلاة في مساجد أئمتها عرب، فالعرب الذين يكسرون صورتهم كل يوم لا يصلحون لإمامة الدين والدنيا معا، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى في المهجر وفي بلد غير بلدهم يحتم فقه الدولة بحسب معرفتي "أن لا يؤم الرجل الرجل في حرزه" لسنا أفقه من المسلمين في ماليزيا حتى نتقدمهم في الصلاة، نحن نحمل مشاكلنا وتدينا المغشوش أينما اتجهنا، لم نعد أهلا لحمل الرسالة الخالدة، نحن نحمل بذور الفناء والتعصب والجهالة والتصنيف المسبق والحكم على المظاهر والشكليات، مبتعدين عن المقاصد الكلية لوحي السماء، جهلنا لغتنا وديننا وواقعنا، نحن خارج اطار الحضارة والتاريخ، في أي تجمع يَؤُمُّه عربي في صلاة التراويح يستلم الإمام القوم قطاع الصلاة فيمطهم مطا ويجلدهم بالعبادة جلدا حتى يعيدهم للإيمان الشكلي المنحرف الذي يعشش في رأسه.

التراويح ليس لها من اسمها نصيب عند العرب لقد حولها الأئمة إلى غمة لا تراويح واستراحة من هموم الدنيا، ولا تلمس للأرواح فيها، ولا إحياء لموات الأرواح التي كادت أن تهلك طوال العام، لقد ظنوا وبعض الظن سوء أن المقصد من التراويح اليوم هو نفس المقصد من التراويح في مجتمع الصحراء، كل شيء تغير البشر القدرات الأوقات وساعات العمل واختلاف البيئة، ولذا قررت أن اذهب للصلاة مع أهل الدار واصوات أئمتهم حسنة، فقهاء في صلاتهم، ركيعات خفيفة وتسابيح وصلاة على رسول الله تعيد الهدوء لنفسي التائهة كملايين العرب.



تعز وحدها اليوم من أعادت الابتسامة لوجهي الشاحب، واختلطت دموع الفرح والحمد بالضحكات، لكن تعز دوما تغير عجلة التاريخ وخطوط سير القوم، فانتصارات الصعاليك في الجبهة الشرقية لدليل على أن لو الأمر لتعز لغيرت الخرائط الحربية والمعارك كلها، لنستمع لتعز جيدا فما زال لديها ما تقوله.



لا أحد يخذل نفسه مثلنا، لا أحد يقطع أوصاله كالعرب، يتناسى العرب أنهم في حضرة أبيهم يعرب، ويرفعون أصواتهم بلا مهابة وهو يستمع إليهم جيدا، رويدا رويدا أين تذهبون بأنفسكم يا عرب الصحراء؟ اختلفوا حول كل شيء الا الثوابت وعلى رأسها اليمن، لن يعصمكم من الفتنة المحدقة سوى اليمن، لو نظرتم بعين العقل هل يصح الاختلاف على الوطن الأم؟ الموضوع ليس حدود التشطير ولا أهداف التحرير الأمر أبعد من ذلك كله، كمن يطعن في نسبه في حضرة والديه، ماذا سيقول لكم التاريخ غدا؟ استوضحوا من تعز كيف تصنع النصر مع قلة الناصر والعتاد؟ أعرف أن الأسئلة صعبة جدا، لكن لابد منها، جربوا ولن تخسروا شيئا.