الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٢ مساءً

مبارك رضوان: أخبار الجرائم .. مدرسة لجرائم الغد أم عبرة من جرائم الأمس

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - مبارك رضوان :


لايمنع الإسلام البحث في الجريمة ، أيا كانت نوع هذه الجريمة ، سواء كانت جريمة قتل ، أو جريمة زنا ، أو جريمة اغتصاب ، أو أي جريمة من الجرائم ، سواء جرائم الآداب ، أو جرائم القتل ، التي تقع في المجتمع، ويرتكبها الإنسان وذالك من اجل التعرف على أسبابها ودوافعها من اجل العمل على الوقاية منها .
لكن هنالك خطورة في تناول مثل هذه الموضوعات في وسائل الإعلام سواء المرئية أو المقروءة ، وخصوصا بعد أن توسعت الصحف في بلداننا العربية ونشرها أخبار الجريمة ناهيك عن الصحف المتخصصة في أخبار الحوادث والجريمة والقضايا كصحيفة نباء اليمنية الصادرة عن مؤسسة الجمهورية للصحافة والنشر، وأخبار الحوادث المصرية الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم .
وغيرها من الصحف المتخصصة في نشر الحوادث والقضايا ، ونظرا للدور الهام والمؤثر الذي يمكن أن تقوم به هذه الصحف أو صفحات الحوادث في الصحف اليومية أو الصحف المتخصصة بهذه الأخبار والقضايا إذا ما تم النشر على أسس موضوعية ، تهدف إلى مصلحة المجتمع قبل أن تسعى في زيادة مبيعاتها والتفكير بالربح المادي للصحيفة وكان لسان حالها يقول مصائب قوم عند قوم فوائد ، والقائمين عليها يدعون ربهم بان يكثر لهم من الحوادث والجرائم حتى يزداد التوزيع .. لكن السؤال الذي نطرحه هنا هل فعلا ما نقرأه في تلك الصحف من حوادث حقيقية ام ان معظم ما تتناوله تلك الصحف من حوادث ماهي الا حكايات من نسج الخيال يصيغها كتاب وصحفيون ، من اجل زيادة مبيعات الصحيفة والضحك على العقول والاستخفاف بها .. كما يحدث مع مخرجي الافلام البوليسية الهوليودية وغيرها ،،، من هنا
اختلفت آراء وخبراء وأساتذة الصحافة حول المعالجة الصحفية لشئون الجريمة فهنالك من يعارض النشر وهنالك من يؤيد النشر وهنالك فريق ثالث يقف موقفا وسطيا بين الرأيين السابقين
فالذين يمانعون ويعارضون نشر أخبار الجريمة في الصحف استندوا إلى رأيهم في الحجج التالية
أولا – أن الصحف التي تعرض وتنشر هذه الأخبار وهذه القضايا فإنها تعرضها بشكل سلبي دون أي محاوله من جانها لتحليل أسابها وهذا يؤدي إلى المساعدة في انتشار الجريمة وارتكابها
ثانيا – إعطاء صوره خاطئة عن الحادثة وذالك من اجل زيادة التوزيع
ثالثا – تتحول الصحيفة إلى قاضي في تلك الجرائم وتنصب نفسها محكمة وتخول لنفسها إصدار الأحكام في المتهمين
رابعا – تلعب دورا كبيرا في التأثير على شهادة الشهود وأحكام القضاة وهذا يعتبر تدخل سافرا في شئون القضاء
خامسا – تسهل للمجرمين في التعرف على الحيل التي يتخذها رجال الشرطة في القبض عليهم ، وقد تعظم من شأنهم أي المجرمين وقد تخلق منهم أبطالا في عقول المراهقين مما يدفع هؤلاء إلى تقليدهم طمعا في الشهرة وذيوع الصيت
أخيرا نشر الصحف لهذه الأخبار يؤدي إلى حدوث بلبله في أفكار المجتمع بالنسبة للجريمة ، ومن هنا فان هذا الفريق يطالب بان تنشر الجريمة في الصحف في أضيق الحدود
أما الفريق الذي يؤيد النشر فإنهم يبررون هذا الشيء بالحجج التالية
أولا – نشر أخبار الجريمة يمنع من تكرارها ، ويعرف الناس بأساليب المجرمين ومن هنا يأخذون حذرهم من هؤلاء المجرمين فلا يقعون فريسة بين أيديهم
ثانيا – نشر أخبار الجريمة في الصحف يجعل الناس يتجنبون الإقدام على ارتكابها خوفا من الفضيحة ، ناهيك عن أنها تعرف الصبيان والفتيات وخصوصا المراهقين بما في مجتمعهم من خير وشر قبل أن ينزلوا إلى مترك الحياة
ثالثا – تعتبر الجريمة جزء من الواقع الاجتماعي وتجاهل هذا الواقع يحرم الصحيفة من أداء واجبها كمرآة للحياة الاجتماعية
أخيرا - منع نشر الجريمة لا يقلل من وقوعها وإنما يزيد من انتشارها وعدم تحرك الصحافة لنشرها يحرمها من حق تنبيه المجتمع إلى خطورتها
أما الفريق الثالث والذي يقف موقفا وسطا بين الرأيين السابقين فهو مع نشر أخبار الجريمة في الصحف ولكن بشروط من هذه الشروط
أولا – أن تلتزم الصحيفة في عرضها لوقائع الجريمة الحقيقية وان تكون دقيقه في تفاصيلها وان تكون موضوعية في تناولها للجريمة
ثانيا – أن تقوم الصحف بتفسير الجرائم وان تحلل أبعادها ودلالاتها
ثالثا – ألا تبالغ الصحف عند نشرها للحادثة أو الجريمة وان تكون التغطية الصحفية للجريمة على تقديم الحقيقة وحدها ولا شيء سوى الحقيقة
أخيرا – أن تبتعد الصحيفة عند تناولها لهذه المواضيع عن الإثارة في عرضها للقصة وخصوصا في جرائم الآداب
ويبقى السؤال . هل أخبار الجرائم .. مدرسة لجرائم الغد أم عبرة من جرائم الأمس

[email protected]