الرئيسية / كتابات وآراء / قراءة في اتفاق حلب ومصالح أطرافه

قراءة في اتفاق حلب ومصالح أطرافه

مارب الورد
الأحد , 18 ديسمبر 2016 الساعة 08:36 صباحا
الإعلان عن اتفاق جديد لإخراج سكان الأحياء الشرقية في #حلب بعد فشل الأول إثر عرقلة #إيران والمليشيات الموالية لها لأنها قبلته ولم تكن طرفا فيه بعد التوصل إليه بوساطة #تركيا.

الاتفاق أكد الاعتقاد السائد أن #روسيا هي من تمسك بالملف السوري وأن #إيران ومليشياتها مجرد بيادق لا يستطيعون تجاوز الدب الروسي الذي جاء بعد فشلهم وعجزهم عن إنقاذ النظام بتوسيع مساحة سيطرته الجغرافية.
وأظهر الاتفاق أيضا أن هناك خلافات بين #موسكو و #طهران في #سوريا وليس هناك تطابق كامل في المواقف والرؤية منها على سبيل المثال أن الأولى ليست مع بقاء بشار للنهاية وقد تقبل استمراره لستة أشهر أو سنة في أي مرحلة انتقالية خلافا للثانية التي ترفض إزاحته بأي شكل.

ومن أسباب الخلاف أيضا أن كل طرف يريد أن يكون هو المتحكم بكل شيء وهذا حال روسيا حاليا الأمر الذي يزعج طهران التي وجدت نفسها مجرد تابع أو لاعب ثانوي، بالإضافة إلى أن روسيا بوتين دولة يهمها ضمان مصالحها وليس بقاء الأشخاص وقد تقبل أي صيغة تحفظ لها ما تريد مستقبلا، أما إيران فهي تدعم النظام وتتمسك به لأنه علوي شيعي وهذا يجعلها تفضل الحل العسكري على السياسي إلا إذا حقق لها غايتها ولن يكون.
بالعودة لإفشال الاتفاق والإعلان عن اتفاق جديد، قد يقول قائل إذا كانت روسيا هي من توصلت له مع تركيا وهي المتحكمة بكل شيء فلما لم تضمن تنفيذه وسمحت لإيران ومليشياتها إفشاله؟
الجواب ببساطة أن #إيران أرادت تحقيق مكاسب لم يضمن لها الأول وهذه المكاسب لا تعارضها روسيا ولا تشكل تناقضا بينهما وإن لم تمثل لها أولوية كما الثانية، ومنها ضمان خروج المدنيين المواليين للنظام المحاصرين بقريتي كفريا والفوعة بمحافظة إدلب المجاورة لحلب والتي يسيطر عليها كليا جيش الفتح منذ 2015 باستثناء القريتين المواليتين للنظام.

لكن في المقابل المعارضة طرحت مطالب جديدة مقابلها وهي خروج الحالات الإنسانية من بلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق المحاصرتين من قبل النظام.
وحتى تتضح الصورة أكثر، يمكن القول إن الاتفاق الأول حقق لروسيا ما أرادت وهو أنها حققت نصرا كما تعتقد في حلب ولا يهمها إن كان عسكريا للأخير أو باتفاق طالما وهو يحقق لها الهدف ذاته.

أما إيران ومليشياتها بما فيها النظام فهي تقاتل طائفيا وتنتقم من سكان حلب لوقوفهم ضد النظام وتريد إبادة الجميع بلا رحمه ولا فرق بين مدني ومقاتل ولهذا كانت منزعجة من اللحظات الأولى لإعلان الاتفاق وظلت مليشياتها تقتل وتقصف وتهاجم وتختطف المدنيين.
من هنا عطلت تنفيذ الاتفاق وطرحت شروط جديدة لم تكن بالاتفاق الأول وهي إخراج المدنيين في القريتين في إدلب لهدف سنوضحه تاليا وحاولت إخراج الأسرى من حركة النجباء العراقية الذين أسرتهم فصائل المعارضة وربما فشلت بهذا المطلب.

روسيا لم تمانع في ذلك طالما لم يتعارض مع ما تريده وهو إنجاح الاتفاق بأي شكل لأسباب منها أنها حققت هدفها عسكريا كما قلنا وثانيا أنها تريد إرضاء حليفتها تركيا باتفاق كهذا وثالثا تحاول التحسين من سمعتها وتخفيف حدة الضغوط الدولية عليها عقب الانتقادات الموجهه لها بارتكاب جرائم حرب بحلب.

واللافت بالاتفاق الجديد هو الانزعاج الروسي الكبير من اعتداءات الميليشيات الإيرانية بحلب وعرقلتها الاتفاق الأول والأهم هو تعهدها بعدم السماح لتكراره وهو ما يعني أولا أن هناك خلافات بين الروس والإيرانيين على النفوذ بسوريا وثانيا على الطريقة التي يجب أن تنتهي بها معركة حلب الشرقية.

وفي رسالة بدت تحذيرية لحلفائها الإيرانيين ومليشياتهم من مغبة خرق الاتفاق الجديد، أعلنت موسكو تشكيل غرفة عمليات مع تركيا لمراقبة التنفيذ وحماية أمن الخارجين من #حلب.
نأتي الآن لهدف إيران من إخراج المدنيين الموالين للنظام بقريتي كفريا والفوعة، وهو سعيها لسحب ورقة قوية من المعارضة قد تستغلها لاحقا إذا بدأت معركة #إدلب ويكون المدنيين الموالين للنظام تحت الخطر إن فكرت مهاجمة المحافظة.

يجدر التذكير هنا بأنه كان هناك اتفاق بين النظام والمعارضة في سبتمبر الماضي بإشراف الأمم المتحدة، يتضمن وقفا لإطلاق النار وينص على وجوب أن تحصل عمليات الإجلاء من هاتين القريتين ومثلهما في ريف دمشق مواليتين للمعارضة وإدخال المساعدات بشكل متزامن، لكن النظام أفشله.