الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٢ مساءً

اليمن: "صالح" متوسطا حكومة ضعيفة وانقلاب بلا خبرة

منى صفوان
الأحد ، ٠٦ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٣٣ مساءً
انهار البلد الفقير اقتصاديا، فاليمن لا يستطيع تحمل حرب طويلة، واعتداء خارجي بهذا الحجم والشراسة، وحلت الكارثة الانسانية ، مع عجز المجتمع الدولي.
ووسط المشهد الموجع ظهر “علي عبد الله صالح” بريئا مما يحدث، وبرغم تحالفه مع الحوثيين، الا انه لم يتحمل توابع الانهيار الاقتصادي، والفشل السياسي خلال عامين.
التحالف بينهما كان من البداية مبنيا على عدم الثقة. الحوثيون لم يظهروا ثقة كبيرة بصالح، وصالح لايثق بقدرتهم على ادارة البلاد.
وتراجع الرجل الذي حكم اليمن ثلاثة عقود ، لصالح جماعة عدم الخبرة السياسية. وظهر الدهاء بجعل الحوثيين في الواجهة سواء بعدم تواجده في اللجنة الثورية، و اعلانه انها ضد الدستور، واخيرا بتراس الحوثيين، للمجلس السياسي المشكل مؤخرا.
الحوثيون هم من يعينون كبار موظفي الدولة في المؤسسات الحكومية التي سيطروا عليها، وهم من يتولون الحكم الاقتصادي ، ومن كانوا يشرفون على البنك المركزي قبل انتقاله الى عدن، وهم من يسيطرون عسكريا على المناطق التي استولوا عليها.
وفي الضفة الاخرى لم تفرض الحكومة المدعومة من السعودية سيطرتها ، ولم تظهر اي تواجد حقيقي لها في المناطق التي تسيطر عليها، وفشلت تنمويا واقتصاديا وحتى عسكريا. في فرض سيطرتها واحتواء مطالب اليمنيين في مناطقها. برغم الدعم المالي والسياسي والعسكري الكبير الذي تحصل عليه من السعودية والامارات وبقية دول التحالف.
في هذه المساحة المضطربة يتقن صالح ” لعبة حافة الهاوية” الهاوية التي ينجرف اليها اليمن سريعا، فيظهر هو من خلف المشهد دون ان يتحمل اي مسؤولية، ومن جهة اخرى يبتز الحوثيين لمكاسب سياسية يريدها منهم، وسمح لهم بتصدر المشهد، وهو يعلم عدم كفائتهم وفشلهم الادراي وضعف خبرتهم، فلم يشارك رجال “صالح” المشهود لهم بحسن الادراة والخبرة في المرحلة الفاشلة في عمر حكم الحوثيين.
خرج الرئيس السابق من دائرة السخط الشعبي، بسبب ما يحدث في اليمن من انهيار اقتصادي وفشل مؤسسي ومعاناة انسانية، برغم انه يحتفط بمليارت الدولارات التي كونها خلال فترة حكمه، وان كانت خارج اليمن وربما ليست باسمه، ولكن لحد الان لم يفتح ملفه المالي ، و لم يطالبه احد بشكل رسمي بتحمل المسؤولية.
اضف الى ذلك ان سياسيته في ادارة البلاد اكثر من 34 سنة، كانت سببا مباشرا بتحول اليمن الى بلد فقير ومربك اقتصاديا.
لكن “لعبة حافة الهاوية” ليست موجهة للداخل فقط، بل للخارج ايضا، الخارج الذي يمعن باهانة اليمنيين، ويرتكب بحقهم افضع الجرائم، وسط صمت دولي معيب
حيث يريد “صالح” ان يظهر كحامل الورقة الاخيرة، وبانه لم يستخدم كل اوراقه كاملة بعد، وبنفس الوقت، لايتحمل مباشرة اي مسؤولية سياسية، ويقوي من موقفه الحاضن الشعبي الذي يحصل عليه خلال هذه الفترة، حيث يتشكل الوعي العام باتجاه ان اخراج صالح من الحكم واسقاط رئاسته بعد الاحتجاجات الشعبية 2011 كان سببا مباشرا لكل ما حدث لليمن اليوم. وانه الاجدر على قيادة البلاد، خاصة بعد فشل حكومة هادي المنفية في الرياض من السيطرة حتى على المناطق التي تعلن انها تحت سيطرتها.
ففشل الحوثيين في مناطقهم، وحكومة المنفى في مناطقها، قفز بصالح مرة اخرى الى الواجهة السياسية، كورقة حل لم تستخدم بعد. وكرجل الوسط. برغم انه سبب المشكلة من البداية.
رسالته واضحة للداخل والخارج ، بانه مازال الاجدر على قيادة البلاد سياسيا واقتصاديا، ولو بطريقة غير مباشرة عبر حزبه ورجاله
وبرغم تعنت السعودية بشأنه وبشان بقائه في الدائرة السياسية لمرحلة ما بعد الحل السياسي، الا انه يمكن للسعودية التخلي عن “هادي” ولكن من الصعب التخلي عن “صالح”، الذي يضغط بهذا الاتجاه ليبقي في دائرة التفاوض، وكواحد من عناصر الحل، بعد اثبات فشل الحوثيين، وحكومة هادي.
مازال صالح حتى هذه اللحظة محتفظا بالحصانة السياسية والمالية التي حصل عليها بموجب المبادرة الخليجية، والتي تعتبر مرجعا لاي حل سياسي قادم في اليمن.
ولحد الان يبدو ان التحالف العربي بقيادة السعودية، يمكنه القبول بمبادرة المبعوث الاممي “ولد الشيخ” التي تتحدث عن تقليص صلاحيات “هادي” الرئيس المنتخب الذي شنت الحرب من اجل عودته بعد سيطرة الحوثيين، لكن ، برغم احتمال التخلي عن هادي، فصالح لايظهر انه سيكون خارج اللعبة ، كما يبدو من المبادرة.
ومن يدفع الثمن المباشر لهذه اللعبة الكارثية هم اكثر من 60% من سكان البلد المهددين بالمجاعة، واكثر من مليون ونصف طفل يمني يعاني المجاعة وسوء التغذية، هؤلاء هم من يسقطون في الهاوية.
والمنظمات الدولية وعلى راسها الامم المتحدة ما نفكت تحذر من تمدد الكارثة الانسانية ، ومن شبح المجاعة الذي يخيم على اليمن، لكن هذه الاستغاثة لايسمعها من هم في دائرة اللعبة السياسية.

"رأي اليوم"