الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٩ مساءً

المعذبون حتى الموت والحاجة الى منظور مختلف في التغطية و التعامل

جمال أنعم
الجمعة ، ٢٦ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ١١:٤٤ صباحاً
نحن معنيون بالبحث عن سبل أخرى في تغطية مثل هذي الجرائم والعمل عليها بشكل مغاير، بحيث نلتقط تفاصيلها العميقة وأبعادها ودلالاتها المتعلقة بجوهر الصراع الدائر.
نحن بحاجة إلى تحويلها بعضا من وقود المقاومة، أكثر من التعامل معها ضمن الأبعاد الحقوقية والانتهاكات التى يتم رصدها في اطار جرائم الإنقلابيين المتكاثرة.

هذا وحده ما يمنح مقتل هؤلاء المعنى الكبير، أن تغدو دماءهم باعثا على مزيد من الصمود والبسالة في المواجهة.
هذه حرب.. يفترض أن يعاد بلورة كثير من القضايا ذات البعد الحقوقي ضمنها، أي تغدو قضايا متعلقة بالحرب والصراع لا قضايا حقوقية مجردة يمكن التعامل معها وفق المنظورات المعهودة.

قضية الشهيد الزوعري مثلا.. لماذا لا يفصح الحوثيون عنه وأمثاله إلا بعد تصفيتهم؟؟ هذا يعني عدم اكتراثهم بالتبعات..لكن هناك جانب متعلق بموقف القتيل ورفضه وآخر متعلق بيأس القاتل من اخضاعه وانتزاع اي اعتراف منه بالتسليم .

يفترض التركيز على هذا البعد من خلال حصر الذين تمت تصفيتهم بتلك الصورة عبر التعذيب في المحتجزات وذلك لكي نوفر بعض الحماية لغيرهم..مهم التركيز كذلك على أهمية قيام المجتمع بدوره في حماية بنيه وعدم خذلانهم وإسلامهم للقتل والتعذيب..
لابد من إدانة هذا الإذعان التام والخضوع الكلي للقهر وعدم القيام بأي شيء للدفاع عن من يتم احتجازهم وتعذيبهم.
ما تفعله عائلات المختطفين والمخفيين والمحتجزين من فعاليات وإعتصامات نراها موجهةً للحكومة الشرعية وللمجتمع أساسا ومهم الإشتغال عليها لإثارة الكبرياء العام المقموع. من العار أن تسقط هذه القضايا من إطارها الوطني لتصير اعباء أسرية ومعاناة خاصة بأهالي الضحايا .

ثم أتدرون ماذا يعني تعذيب هؤلاء حد الموت؟؟
يعني أنهم وصلوا معهم حد اليأس التام من انتزاع أي اعتراف بسلطة الإنقلاب والتوحش وبأية تهم وجنايات معدة ومخترعة.
أي أنهم أعلنوا مطلق الرفض والإنكار ولم يرضخوا أو يستسلموا ولم يلتمسوا عفو القتلة.

وبالتالي من المهم إعطاء مقتلهم بُعده الملحمي المجيد الباعث للروح والإباء، كونهم التجسيد الأكمل للبطولة والشجاعة والصدق والصبر والثبات واليقين والاستعداد للتضحية والفداء بالروح في سبيل كل ما يؤمنون به ويرونه مستحقا الموت في سبيله لأنه أسمى وأغلى من أن يعيشوا بدونه.. لأنه الحياة بالنسبة إليهم.

ماذا يعني أن يتم تعذيب رجال عُزل محتجزين ومقيدين بتلك الوحشية حد الموت؟؟ الأمر ليس مجرد نزوع عدمي للقتل، نحن عادة ما نتحدث عن هذه القضايا بصورة نركز فيها على الجرم وبشاعة الفعل وبما يجعل من القتلة مجرد متعطشين للقتل وسفك الدماء واقتراف الفظاعات وهو ما يصرف الانتباه والاهتمام بعيدا عن جوهر القضية ويكرس لدى المجتمع حالة من الخدر والذهول والاستكانة ويعزز من صورة القاتل المرعبة والمثيرة للفزع.

هؤلاء الذين يعذبون حتى الموت هم آيتنا الكبرى ورموز المقاومة الكبار وهم أعظم الثوار وأكرم الشهداء الأبرار.. يجب أن لا نجعلهم مجرد أرقام في كشوف الضحايا المقتولين بصمت بارد والمشيعين ببرود أكبر.

*صفحة الكاتب على الفيسبوك