الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٠ مساءً

حرير الجنة والفضيلة اختيار

جمال أنعم
الاربعاء ، ٢٩ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٠٢ مساءً
1 وعد من الله لامن الإنسان
صارت الجنة مكافأة سهلة في يد المجانين والبله يلوحون بها لليائسين من الحياة والباحثين عن طرق مختصرة للانتقال إلى نعيم الأبد إقناع هؤلاء بالموت من أجل بلوغ الجنان صار يسيراً وأصعب منه إقناعهم بجدوى الحياة وأهمية النضال في سبيلها والحفاظ عليها وحمايتها وطلب الجنة من خلال مراكمة البذل والعطاء والأعمال الصالحة لخير الإنسان وتحقيق مصالحه ونشدان الحق والعدل والحرية والكرامة والقيام بمهام الاستخلاف والتعمير لا الإتلاف والتدمير هذا طريق طويل لا يناسب هؤلاء المتعجلين المتلهفين إلى جنة سهلة المنال ولا تحتاج منهم كثير عناء وطول مكابدة «بكبسة زر وأنت هناك مع الحور العين «ربما علينا لكي نوقف هذا الواقع الجحيمي أن نبدأ بتحرير الجنة من أيدي هؤلاء نريد استعادة حياتنا وتأمينها من غارات مجانين الجنان هؤلاء.
لكل جنة يغري بها الأنصار والأتباع حتى الذين أوغلوا في قتل الحياة وصادروا دنيا الناس وحقهم في العيش الكريم يمدون وعودهم السخية إلى الآخرة.ويصرفون قطعا منها على بياض
الجنة لا يمكن أن تكون غاية نقوض لبلوغها الدرب والشهادة مشروع حياة لا موت لذات الموت لا يمكن أن تكون قتلا مجانيا يتذرع بالأسانيد الملتبسة، الجنة وعد من الله للإنسان ومن الخطورة بمكان أن تصير وعدا من الإنسان للإنسان
٢ الفضيلة اختيار حر
هناك نوع من كره الكذب نابع من معنى حاد للشرف، غير أن نفس الكره يمكن أن يكون محض جبن عندما يكون عدم الكذب فقط انصياعا لأمر صادر من أية سلطة لا علاقة لها بعالم الضمير " من فرط جبنه لايكذب «فريدريك نيتشه "لعلك تقرأ المعنى العميق لهذه الحكمة ,ثمة متدينون يكذبون ويقترفون مختلف الرذائل, ألا يدل ذلك على أن التزامهم لم يكن أبداً حكمهم الخاص واختيارهم النابع من شعورهم الحاد بالقيمة وبمعنى الشرف
لايكون هناك إلزام للتحريم الإلهي ما لم يتحول إلى حكم شخصي , المسافة بين الأمرين مساحة لنشوء النفاق والرياء ، أنت لا تقف بعيداً خارج دائرة القيمة بحيث تقوم بها كمحكوم مقسور لايملك الخيار الفكرة الأكثر عمقاً في هذا الطرح , لمن يربي ويعلِّم , ويدعو ويوجِّه , لابد من أن نصبغ الشخصية بالتعاليم , وأن نصل حد جعلها حكمها الخاص ,واختيارها الذاتي الحر , يجب ألا تظل قانوناً مفروضاً من خارجنا , ولا أوامر نخضع لها بالقسر والإكراه , بحيث يمكننا عصيانها أو الخضوع لها جبناً ورياءً, مداهنة ونفاقاً .
علينا أن ندرك أن طاعة الله والالتزام بأوامره ونواهيه , لا يعني استسلامنا لسلطة أخلاقية خارج الضمير , لأن الله في قلوبنا وفي أعمق أعماقنا , وحياتنا ووجودنا , لذا نحن نخضع لسلطة أرواحنا المفطورة على الفضيلة والخير والحق والجمال , نحن نطيع حكمنا واختيارنا , نختار كمالاتنا نلتزم بشرط إنسانيتنا حيث نجد الله.
وعلى ضوء ذلك يمكن قراءة الحديث الشريف “ الْحَلالُ بَيِّن ٌوَالْحَرَامُ بَيِّنٌ،وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌمِنَ النَّاسِ،فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِه ِوَعِرْضِهِ،وَمَن ْوَقَعَ فِي الشُّبُهَات ِوَقَع َفِي الْحَرَامِ “ .
هذه الحساسية تقليب ذاتي , محض اختيار , بدافع قيمي خاص , وحس عالٍ بالشرف وبأصالة الشخصية المتخلقة من هذا المزيج الصاقل للروح والسلوك المتكون من الدين والحس الإنساني الفطري بكرامة العرض وأصالة الشرف.