الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٨ صباحاً

هل الشمال والجنوب على مركب واحد؟

يسري الأثوري
الاربعاء ، ١٥ يونيو ٢٠١٦ الساعة ١٢:٢٥ مساءً
يصر الكثير من ابناء الجنوب وخاصة المتشددين منهم على أن مصيرهم بات مستقلاً عن الشمال وأن الحرب في الشمال لم تعد تعنيهم، فليظل الحوثي مسيطراً على الشمال ومن وجه نظرهم فليس الشماليين سوى حفنة من المتحوثيين الجدد وأنصار المخلوع ويتجاهلون حرب طاحنة في تعز والبيضاء ومأرب والجوف.

من يطرح وجهة النظر السطحية هذه هم ذاتهم الذين طرحوا وجهة نظر مماثلة في وقت سابق عندما كان الحوثي يغزو عمران وصنعاء، وكثيراً ما رددوا بأن هذه حرب بين آل الأحمر والحوثي وحرب شمالية شمالية لا علاقة للجنوب بها، ولم يستفد سوى الحوثي من تلك السطحية الزائدة بل ربما عمل هو على نشرها واقناع الناس بها، غير أن النار ألتهمت الجميع ولم تمضي سوى 6 أشهر على سقوط صنعاء بيد الحوثي حتى كانت جحافله ودباباته تدك مدينة عدن وأحدثت دماراً هو الأسواء في تاريخ المدينة على الإطلاق.

الآن ذات الاطروحات تتكرر بطريقة مشابهة مع اختلاف بسيط يتحدثون مواربة وصراحة أن دعوا الحوثي يلتهم الشمال ويحكمه معتقدين أن هذا سيجر إلى الإنفصال، متجاهلين ان اليمن ستصبح دولة منسية لا احد يعيرها إهتماماً كما هي الصومال اليوم وسيتشرد اليمنييون في أصقاع الأرض ومن لم يتم بالحرب سيموت بحمى الضنك وقد يموت جوعاً، وقد يكون حال الجنوب في احسن الأحوال وفق هذه الاطروحات كحال جمهورية ارض الصومال في ذلك البلد الأفريقي الذي تمزقه الحروب منذ 25 عاماً فلا هي جمهورية معترف بها ولا هي تنعم بالعيش الرغيد.

ما حدث لم يكن كافياً ليستوعب البعض عشر معشار ما يدور على اليمن من صراع وما هي مآلاته ونتائجه الكارثية، وما زال يطرح أفكار سطحية بل وفي غاية من السطحية، والبعض لا يرى الإنهيار الإقتصادي الذي يعم اليمن بأسرها من شمالها إلى جنوبها ولا يرى الغلاء في عدن وحضرموت يسابق صنعاء.

الإنهيار والدمار الإقتصادي الذي تحدثه ميليشيا جماعة الحوثي بحد ذاته يجعلنا على مركب واحد، يجبرنا شمالاً وجنوباً على أن نتوحد ضد هذه الميليشيا المدمرة، وليعلم الجميع ان ايران لن تترك لا الشمال ولا الجنوب يعيش حياة مستقرة بل على العكس تريد للمناطق المحررة وخاصة المحافظات الجنوبية ان تغرق في الفوضى حتى تصبح نموذج سيئ للتحرر من عصاباتهم وهذا ما يحدث الآن.
كل الفوضى التي تحصل اليوم في المحافظات الجنوبية وبالأخص عدن وراءها ايران والحوثيين والمخلوع صالح، ولن يتركوا المحافظات الجنوبية تعيش حالة إستقرار طالما وهم يسيطرون على الشمال ولديهم الإمكانيات ولا حل لنا جميعاً شمالاً وجنوباً الا بالقضاء على الحوثيين وكل من تحالف معهم.

عندما يتوجه اليمني سواءً كان شمالياً او جنوبياً إلى أي دولة في العالم سيتم معاملته على انه يمني ولن يعرفوا عنه هل هو شمالي او جنوبي لن تمنحه أي دولة تأشيرة دخول، سيطرد اليمني من دول العالم كما حدث في الأردن ومصر، وعندما فرضت الصومال تأشيرة دخول على اليمني فرضت على الجميع بدون إستثناء، وعندما أغلقت السفارات ابوابها في صنعاء لم تغلقها هناك ولم تكن تخدم صنعاء وحدها بل اليمن وكل اليمن وكل اليمنيين، وعندما سقطت صنعاء غادرت الشركات النفطية من حضرموت وغيرها، وعندما ترفض مطارات العالم إستقبال اليمنيين فلا ترفض الشمالي وتسمح الجنوبي وحتى دول الخليج فإنها لا تتعامل مع الجنوبي معاملة خاصة بل أنه يجد نفسه ممنوعاً من دخول أي دولة خليجية مثله مثل الشمالي.

واذا كان ابناء عدن ولحج اصبحوا لاجئين في الصومال فإن ابناء المحافظات الآخرى في طريقهم إلى هناك، اما المجاعة والكارثة الإنسانية والأمراض والأوبئة فلن تستنثي محافظة دون آخرى، واليمن كلها ستغرق في الوحل.

مؤخراً الإتفاقية التي وقعت مع الامارات لتحسين وضع كهرباء عدن لم تكن هبة بل كانت قرض مقيد على الحكومة اليمنية ومستقبلاً لن يتمكن اليمنيون من الحصول حتى على قرض لإدارة شئون حياتهم، لسبب بسيط وهو لا يوجد أحد يدفع إلى ما لا نهاية مهما كان صديقاً.

يجب على اليمنيين أن يثبتوا أنهم على قدر من المسؤولية لإنقاذ بلادهم وانقاذ أنفسهم أولاً وأخيراً مالم فإن الكارثة تنتظر الجميع وما إنهيار الريال اليمني الا مؤشر على قرب الكارثة.


وعندما تغرق صنعاء وتعز والحديدة فلن تسلم حضرموت وعدن وسقطرى وهذا ما نشاهده اليوم، لأنه بإختصار مركب واحد والعالم يتعامل معه على أنه مركب واحد، اما قرار الوحدة والإنفصال فلا يمكن إتخاذه في هكذا ظرف وفي ظل وجود عدو يتربص بالجميع وحدويين وإنفصاليين.