الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٠ مساءً

لغز الإمارات والإرهاب في اليمن

وئام عبد الملك
الاثنين ، ٠٩ مايو ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٥٥ مساءً
دولة الإمارات متحمسة للغاية للحرب ضد الإرهاب، وكانت السباقة لدعوة الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف أبريل/ نيسان الماضي، للحصول على دعم عسكري يساعد في شن هجوم ضد تنظيم القاعدة في اليمن، ولاقت دعوتها تلك استجابة سريعة، فأعلن البنتاغون عن وجود مستشارين وجنود أمريكيين، لدعم القوات الإماراتية واليمنية التي تقاتل التنظيم، وتقديمهم أيضا الدعم الاستخباراتي، وللعلم فأمريكا لم تتوقف منذ بدء عاصفة الحزم، عن شن غارات من وقت لآخر بطائرات دون طيار على القاعدة.
الإمارات هي بذلك تنجح في كسب ود الدول الكبرى، وستكون شريكا فاعلا في مكافحة الإرهاب، وهو ما سيجعلها تكسب العديد من الامتيازات، وبانفرادها ذاك بمكافحة الإرهاب، ستكون تلك الدولة قادرة على تحقيق أجندتها الخاصة، في المقابل تتمكن من ضرب الإصلاح في اليمن، الذي نختلف معه كثيرا، لكننا لا نجد مسوغا للخوف منه بذلك الشكل، في ظل قيام دولة مدنية قوية مستقبلا، قادرة على خلق توازنات بين مختلف القوى في الداخل.
وقد بدا ذلك جليا في تدوينة لوزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش، الذي تحدث فيها عن عثورهم على أدلة عديدة للتعاون والتنسيق بين الإخوان المسلمين والقاعدة، وتأكيده على أن قناعتهم واضحة بشأن تحالف الانتهازية والإرهاب، وربط القاعدة بالإصلاح، ذاك يعني تحجيم الأخير، على الرغم من وجود اختلاف عقائدي بين التنظيم والحزب.
ما يزال فيلم( لغز تحرير المكلا) الذي حدث أواخر أبريل/ نيسان الماضي، حاضرا بقوة، ومن غير المستبعد أن الإمارات كانت ترغب بالانفراد بإخراج وتنفيذ ذلك الفيلم، وكان بالتالي وجود قوات الجيش الوطني اليمني والجيش السعودي هي مجرد غطاء، حتى لا تنكشف عورة الإمارات فيثير ذلك غضب الشعب اليمني، وتظهر الإمارات منفردة بالمشهد هناك.
لكن مما لاشك فيه أن ما حدث في المكلا، يعزز من موقف الحكومة الشرعية، والتحالف العربي، ويقطع الطريق أمام الانقلابيين الذين ما زالوا يراهنون على ملف الإرهاب، ويستخدموه خدمة لأجندتهم، واتضح ذلك من خلال اعتراضهم على الغارات ضد التنظيم في بعض المدن.
ما حدث في المكلا يجعلنا نتساءل عن سبب تضخيم القنوات التابعة للتحالف العربي لعدد قتلى تلك المعركة التي كانت في أكثرها" إعلامية"، فالحديث عن مقتل 800 من عناصر تنظيم القاعدة، ذلك يضر باليمن، ويثبت عليها تهمة الإرهاب بشكل مرعب، وسيغري ذلك أي دولة للتدخل في اليمن بذريعة مكافحة الإرهاب، بينما الواقع غير ذلك، وحجم التطرف ليس كما يصوره البعض، بل هو مسيس في أغلبه، كما هو في العالم بأكمله، في المقابل يخدم التضخيم التحالف العربي الذي تتهمه المليشيا بدعمه للإرهاب.
ربما ما حدث في المكلا التي تم تسليمها لعناصر القاعدة والعسكريين من أتباع صالح، هو انسحاب عناصر القاعدة هناك، باتفاق محدد غير معلن، أو أن الانسحاب حدث تلقائيا، وهو التكتيك الذي تتبعه القاعدة دوما، حفاظا على بقائها، ولم يكن الأمر انتصارا وبعصا سحرية وخلال ساعات، مالم تكن جغرافيا حضرموت غير المعقدة هي من ساهمت في حدوث ذلك.
طوال الفترة الماضية حدثت أفلام قصيرة شديدة الغرابة، فمن معركة المكلا الخارقة، إلى انسحاب الجيش من أبين، ثم موافقة القاعدة على الانسحاب وتجنيب أبين الحرب، بالإضافة إلى الانسحاب من بعض المناطق ك" عجولة" الواقعة في أطراف عدن، بعد خلافهم مع أبناء المنطقة هناك، وانسحابهم إلى تخوم مدينة لحج القريبة من تعز، وذلك قد يشكل خطرا على مدينة تعز، التي وصلت بعض التعزيزات الحوثية إليها، خاصة مع تناغم الأدوار التي تلعبها القاعدة والانقلابيين.
تبقى أمر الاستقطابات العديدة التي حدثت مؤخرا، إذ تم تدريب العشرات من الشباب في معسكرات تابعة للقاعدة في المكلا، وأولئك قد يكون لهم دورا في التخريب المنظم لاحقا، وتشير بعض المعلومات عن وصول بعض عناصر التنظيم في حضرموت إلى تعز.