الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

المقاومة والهوية

فيصل علي
الخميس ، ٣١ مارس ٢٠١٦ الساعة ١٠:٣٢ مساءً
عاصفة الحزم هي تكفير السعودية عن أخطائها القديمة حيث ظلت تدعم الأقلية الشيعة أو الزيدية الجارودية الأقرب للشيعة من 1962 إلى 2014.
بدأت هذه الإشكالية عندما دعم الزعيم جمال عبد الناصر للثورة في اليمن في 1962 وقد سبقه في دعم الثورة الإمام حسن البنا في 1948، وذلك يعد سبقا لمصر والمصريين في الرؤية العروبية الإستراتيجية في المنطقة. لم يكن لإخوان اليمن مشكلة مع ناصر بل بالعكس كانوا يعتبرونه القائد الذي خلصهم من الرجعية الهاشمية الهادوية التي تؤمن بالحق الإلهي الثيوقراطي في الحكم.
كانت بريطانيا وإسرائيل وكل الممالك في العالم القديم يدعمون الأقلية المتخلفة في حكم اليمن، وهذا ما رسخ التخلف في اليمن و سبب الكوارث وأهمها عدم تمكن "اليمنيون" من بناء دولتهم الجمهورية بعد انتصارهم في ثورة 26 سبتمبر 1962.
وقد مثلت المصالحة السعودية بين الجمهوريين والملكيين في السبعينات من القرن الماضي المأزق الحقيقي لبناء الدولة في اليمن، فمن المعروف أن الدولة تبنى على أساس الهوية الوطنية، فلا دولة بدون هوية، كانت هوية الهاشمية السياسة متغلغة في مفاصل السلطة، وأتى انقلاب 1974 ممكنا لها من مفاصل الدولة العسكرية والسياسية، مما أدى إلى حدوث شرخا للهوية في البلد الذي لم يتمكن أبنائه من بناء دولتهم.
مثل نظام علي عبدالله صالح قمة الشرخ "الهوياتي" في البلد فقد مثل نظامة خلطة من الزيدية الاجتماعية والهاشمية السياسية تحت مسمى "المركز المقدس" أو ما نسميه اليوم" هضبة ربنا" وأوصل هذا الشرخ في الهوية الدولة في اليمن إلى "دولة فاشلة" بحسب تسمية البنك الدولي في 2010، ولذلك قامت ثورة انقاذ شعبي للبلد في 11 فبراير 2011 ، تم الانقلاب عليها من قبل الهاشمية السياسية وهضبة ربنا في 21 سبتمبر 2014، واطل التخلف بوجهه القبيح من جديد.
تخوض المقاومة اليمنية اليوم عملية إنقاذ حقيقية للهوية والدولة اليمنية معا، ولذا وجدت دعما شعبيا لا مثيل له، التيار الثوري الجديد في اليمن غير معادي لا للسعودية ولا للخليج ولذا هو من قبل بالمبادرة الخليجية ورحب بها، ورحب بطلب هادي من دول الخليج التدخل لإنقاذ اليمن وأيد عاصفة الحزم.

ومثلت عاصفة الحزم استفاقة عربية من الخطر الإيراني المهدد للامن القومي العربي، ونأمل أن تتذكر السعودية أن دعم الإمامة مرة أخرى سيصب في صالح إيران وسيعصف بالهوية اليمنية ولن يتمكن شعبنا من بناء دولته وسيضعف بناء الدولة كما حدث في السبعينات.
لا عداوة دائمة في السياسة ولا صداقة دائمة أيضا، لكن مصالح مشتركة يجب حمايتها، ومصالح شعوبنا في المنطقة تتمثل في أن تظل إيران والأقليات "المتأرينة" في إطار خارج الفعالية والحكم.