الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٦ صباحاً

بصمة من خلف القضبان4

م. المعتقل إبراهيم الحمادي
الاثنين ، ٢٣ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٦:٢٠ مساءً
إفساد الأعداء الخارجيين وكيدهم لنا يزدنا تماسكاً، لكن النخر الداخلي يوهي ويدهي، ويلهي و يسهي.

إن التنظير وحده من غير عدد هائل من الجنود التنفيذيين الذين يحوّلون الأفكار والرؤى إلى خطط ومشروعات عملية.. يكون عبارة عن سفسطة فارغة، لا تسمن، ولا تغني من جوع. وعلينا أن نقول هنا: إن الواحد منا لا يستطيع خدمة مستقبل الأمة على نحو جيد إلاّ إذا عرف أولوياتها في المرحلة القادمة، وهذا يعني أن يُلمّ التنفيذيون برؤى المنظرين؛ لتكون عطاءاتهم في السياق الأكثر أهمية، وهذا يعني أن يعملوا وفق النظرية القائلة: (فكِّر عالمياً، وتصرف محلياً)، ومن المؤسف أن هذه النقطة لا تلقى إلاّ القليل من الاهتمام والمتابعة .

تحتاج الأمة في مثل هذا الوقت إلى الأمل الواسع الفسيح (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ , وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ) (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ , إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

علمتني القضبان:
أن بيننا عباقرة ومبدعين.. لكن قلوبهم راضية بقيود الرق والاستبداد لذا لا يسمع بهم أحد ويموتون في صمت .. وعلى الجانب الآخر هناك بسطاء أحرار .. يسمع بهم العالم ويسطرون بجرأتهم وإقدامهم أسماءهم في سجل التاريخ.

(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ)
ترسم هذه الآية صورة بعض المثقفين المغفلين الذين تعلقت قلوبهم بأوهام وأماني حول عالم مثالي (يتوبيا) بدلاً من التعلق بحقائق الدين.

فما أحوجنا أن نتدبر هذه الآية وأن نعرض أنفسنا عليها.

العبودية الخالصة لله هي -في واقع الأمر- عين الحرية، وسبيل السيادة الحقيقية، فهي -وحدها- التي تُعتِق القلب من رِقِّ المخلوقين، وتُحرره من الذُّل والخضوع لكل ما سِوى الله من أنواع الآلهة والطَّوَاغيتِ التي تَستعبِدُ الناس وتَسترِقُّهم أشدَّ ما يكون الاسترقاق والاستعباد، وإنْ ظهروا -صورةً وشكلاً- بمظهر السادة الأحرار!

إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلا ومتشائما فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن. فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك. وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى.
علمتني القضبان:
انه .. ليست المنزلة أن تنال لقباً أو أنْ توضع في الصدارة، ولكنّ المنزلة أن تحتل حيّزاً في قلوب الآخرين ، وأنْ تنادي ملائكةُ السماء أهلَ الأرض أن الله تعالى أحب فلاناً فأحبوه.
يكتبها ويعدها:
ابراهيم حمود الحمادي
معتقل الثورة الشبابية الشعبية السلمية