يعيش محمد ذو الاربعة أعوام في أيامه الأخيرة بين الم خبيث وانتظار قاتل إذ يعاني من فيروس داء الكلب الذي انتشر في محافظة إب بصورة مخيفة وزادت نسبة انتشاره خلال الفترة الاخيرة خصوصاً مع ارتفاع اعداد النازحين الذين قدموا اليها من المحافظات المجاورة هروبا من الصراع المسلح.
انتشار داء الكلب وقلة المصل المضاد له واللقاح بات يشكل خطراً داهماً في ظل تزايد عدد الاشخاص تعرضوا للعضّ والمصابين بالداء الذي ازهق ارواحا كثيرة، إذ بلغت ضحاياه منذ بداية العام 2016م اي على مدى شهرين فقط ( 630 ) بينهم اربع حالات وفاة فيما وصلت إحصائية من تعرضوا للعضّ للعام 2015م في محافظة اب الى (2600 ) حالة عض بينها احد عشر حالة مصابة بفيروس داء الكلب، ما يعني ان نسبة الاشخاص تعرضوا للعضّ والمصابين تزداد كل عام ، وخصوصاً في الارياف، حسب تقارير مكتب الصحة بالمحافظة.
هذا الداء الخبيث الذي أصبح خطرا يهدد المحافظة والتي اصبحت خلال الحرب الراهنة التي تمر بها البلاد ملاذاً امناً لآلاف النازحين.
الفيروس وأعراضه والوقاية منه
داء الكلب فيروس قاتل تحدثت عنه الدكتورة خديجة البعداني، مختصة وحدة داء الكلب بمكتب الصحة بمحافظة اب، وقالت إنه "فيروس ربوي والتهاب دماغي نخاعي حاد ينتقل للإنسان عبر لعاب الحيوان المصاب من خلال العضات والخدوش من قبل الحيوانات المصابة بعدوى المرض، وقد يؤدي للوفاة بمجرد ظهور اعراضه خلال اسبوع في حالة عدم حقن المصاب بمصل اللقاح المضاد للفيروس".
وعن أعراض الفيروس بينتها الدكتورة البعداني بالقول " صداع وحمى وتوعك والم وحكة مكان العضة او الخدش، وكذا تغيرات حيوية غير محددة وإذا وصل المرض الى مراحله المتقدمة ظهرت اعراض تشنج عضلات البلع عند محاولة البلع والخوف من الماء وهذيان وكذا زيادة افراز اللعاب".
وتصل فترة احتضان الفيروس في جسم الانسان من اسبوع الى ثمانية اسابيع وهذا يعود على حجم الجرح فكلما كانت العضة او الخدش قريبة من الدماغ كلما اسرعت فترة الحضانة للمرض وانتشاره في جسم المصاب، حسب ما قالت الدكتورة البعداني.
وللوقاية من فيروس داء الكلب تؤكد الدكتورة البعداني على أهمية التأكد من تطعيم الحيوانات الاليفة ضد هذا الفيروس، ووضع الحيوانات في مكان بعيد عن المشاة او تقييدها خارج البيت بعيدا عن الطريق، وكذا الابتعاد عن هذه الحيوانات وخصوصا المسعورة منها وتجنبها".
شحة المصل المضاد خطر اضافي يهدد المصابين
عضة واحدة قد تؤدي للعديد من الوفيات المصابين بداء الكلب، ولكن كمية لا بأس بها من اللقاح قد تعافي حياة شخص واحد فقط، هكذا تحدث الاستاذ احمد مثنى، منسق وحدة داء الكلب بمحافظة إب، إذ تعزو شحة اللقاحات والمصل المضاد لداء الكلب الى الوضع الراهن والحصار القائم على اليمن وما نتج عنه من تدهور الوضع الصحي والاقتصادي، علاوة على أن المستفيدين حاليا من وحدة داء الكلب تسع محافظات أخرى.
فيروس ليس بجديد ولكنه متجدد وخطير يقض مضاجع سكان إب في ظل استمرار وجود الكلاب الضالة على مستوى مديرياتها.
داء الكلب مأساة على المصاب وذويه
يتألم أبو محمد ويعتصره الأسى وهو يشاهد ولده الصغير وقد أصبح قاب قوسين او أدنى من موت محقق وليس بمقدوره أن يعيد اليه حياة تأبى الا أن تفارق جسده النحيل سوى دموع تجود بها عيناه وعبارات من الحسرة والحزن اذ يقول "مجرد خدشة كلب وجهلا ستجعلني أفقد ولدي"، يتمنى يائسا لو أنه أدرك ولده بجرعة من اللقاح" يا ليتني نقلته الى الوحدة الصحية يوم ان انقض عليه الكلب المسعور ونهش جسده وأعطيته اللقاح ولو كلفني ذلك حياتي، لكن جهلني بهذا الداء وخطورته أفقدني ابني".
فجهل أبي محمد وقلة الوعي لدى كثير من الأسر حول خطورة هذا الداء الذي تسببها عضات الكلاب المسعورة يجعلهم يفقدون أرواحهم وأبناءهم ثمناً للجهل والاهمال كما دفعه أبو محمد.
الجهات المسؤولة .. تنصل ام مشكلة حقيقية
مكتب الاشغال العامة والطرق، وصندوق النظافة، والسلطة المحلية يتحملون الجزء الأعظم من المسؤولية حيال هذه الكارثة، إذ تقع مسؤولية التخلص من الكلاب المسعورة وتنفيذ حملات الإبادة للكلاب المصابة بهذا الفيروس على هذه الجهات مجتمعة دون استثناء.
يبرر مكتب الاشغال تقاعسه عن القيام بواجبه ازاء هذه بـ"عرقلة مكتب المالية صرف ميزانية الحملات وشراء المبيدات بدعوى الوضع الاقتصادي المتدني و شحة المبالغ المالية في المكتب، كذلك ارتفاع الاسعار والتي زادت من كلفة شراء المبيدات والسموم لقتل الكلاب"، علما أن عملية الابادة المطلوبة تقتصر على اناث الكلاب فقط، ما يعني أن التحجج بالضائقة المالية غير مقبول خصوصا وان المبلغ المطلوب للقضاء على كلبة واحدة تعض عشرة اشخاص وتنجب في السنة ما يقارب عشرين حياة مصاب بالفيروس.
الجهات المختصة تكتفي بإلقاء اللائمة بعضها على الاخرى وكل منها تزيح المسؤولية من كاهلها وتحلمها للجهة الاخرى فيما الجهات العليا ممثلة بوزارة الصحة ترفض صرف الشيك المخصص لشراء اللقاح ضد داء الكلب بحجة عجز مالي لا يسمح بشرائه، ووزارة المالية ترفض توجيهات الاشغال المقدمة اليها حول حملات ابادة الكلاب بدعوى ايضا شحة الميزانية والجميع يرجع ذلك لوضع البلاد الراهن من حرب وحصار وتدني اقتصادي يصعب فيه توفير المقومات الاساسية للعيش الامن والكريم للمواطن الذي يدفع ثمن كل شيء دائما.
بارقة أمل
برزت العديد من المبادرات المجتمعية في إطار مدينة إب محاولة التخفيف من كارثة فيروس داء الكلب ليس احداها مؤسسة التنوير الاجتماعية التي بادرت إلى التنسيق مع الجهات المختصة لعمل حملات توعية للسكان وإبادة للكلاب المسعورة.
خالد العزب رئيس مؤسسة التنوير تحدث عن أهدف هذه الحملة ومراحلها المتمثلة بالتنسيق مع السلطة المحلية ورجال المال والاعمال والمواطنين لمواجهة هذه المشكلة، داعيا السلطات ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع المحلي الى التكاتف والتعاون لمواجهة هذه المعضلة والوباء الذي أخذ في الاتساع والحد منها وتقليص حجم الخطورة المحتملة.
جائحة خطيرة تستفحل يوما تلو الاخر وجهود متواضعة لمواجهتها وانتظار لدور نوعي تتصدى له الجهات المسؤولة للحد من استمرار شكل اخر للموت في ظل تعدد صنوف الرحيل من الحياة في بلد مثقل بالحرب والجوع والحصار، ورصاصة في قلب كلبٍ خير من ان تضيع في الهواء او تسكن في قلب بشر.
*برنامج تمكين الشباب، المركز اليمني لقياس الرأي العام.
انتشار داء الكلب وقلة المصل المضاد له واللقاح بات يشكل خطراً داهماً في ظل تزايد عدد الاشخاص تعرضوا للعضّ والمصابين بالداء الذي ازهق ارواحا كثيرة، إذ بلغت ضحاياه منذ بداية العام 2016م اي على مدى شهرين فقط ( 630 ) بينهم اربع حالات وفاة فيما وصلت إحصائية من تعرضوا للعضّ للعام 2015م في محافظة اب الى (2600 ) حالة عض بينها احد عشر حالة مصابة بفيروس داء الكلب، ما يعني ان نسبة الاشخاص تعرضوا للعضّ والمصابين تزداد كل عام ، وخصوصاً في الارياف، حسب تقارير مكتب الصحة بالمحافظة.
هذا الداء الخبيث الذي أصبح خطرا يهدد المحافظة والتي اصبحت خلال الحرب الراهنة التي تمر بها البلاد ملاذاً امناً لآلاف النازحين.
الفيروس وأعراضه والوقاية منه
داء الكلب فيروس قاتل تحدثت عنه الدكتورة خديجة البعداني، مختصة وحدة داء الكلب بمكتب الصحة بمحافظة اب، وقالت إنه "فيروس ربوي والتهاب دماغي نخاعي حاد ينتقل للإنسان عبر لعاب الحيوان المصاب من خلال العضات والخدوش من قبل الحيوانات المصابة بعدوى المرض، وقد يؤدي للوفاة بمجرد ظهور اعراضه خلال اسبوع في حالة عدم حقن المصاب بمصل اللقاح المضاد للفيروس".
وعن أعراض الفيروس بينتها الدكتورة البعداني بالقول " صداع وحمى وتوعك والم وحكة مكان العضة او الخدش، وكذا تغيرات حيوية غير محددة وإذا وصل المرض الى مراحله المتقدمة ظهرت اعراض تشنج عضلات البلع عند محاولة البلع والخوف من الماء وهذيان وكذا زيادة افراز اللعاب".
وتصل فترة احتضان الفيروس في جسم الانسان من اسبوع الى ثمانية اسابيع وهذا يعود على حجم الجرح فكلما كانت العضة او الخدش قريبة من الدماغ كلما اسرعت فترة الحضانة للمرض وانتشاره في جسم المصاب، حسب ما قالت الدكتورة البعداني.
وللوقاية من فيروس داء الكلب تؤكد الدكتورة البعداني على أهمية التأكد من تطعيم الحيوانات الاليفة ضد هذا الفيروس، ووضع الحيوانات في مكان بعيد عن المشاة او تقييدها خارج البيت بعيدا عن الطريق، وكذا الابتعاد عن هذه الحيوانات وخصوصا المسعورة منها وتجنبها".
شحة المصل المضاد خطر اضافي يهدد المصابين
عضة واحدة قد تؤدي للعديد من الوفيات المصابين بداء الكلب، ولكن كمية لا بأس بها من اللقاح قد تعافي حياة شخص واحد فقط، هكذا تحدث الاستاذ احمد مثنى، منسق وحدة داء الكلب بمحافظة إب، إذ تعزو شحة اللقاحات والمصل المضاد لداء الكلب الى الوضع الراهن والحصار القائم على اليمن وما نتج عنه من تدهور الوضع الصحي والاقتصادي، علاوة على أن المستفيدين حاليا من وحدة داء الكلب تسع محافظات أخرى.
فيروس ليس بجديد ولكنه متجدد وخطير يقض مضاجع سكان إب في ظل استمرار وجود الكلاب الضالة على مستوى مديرياتها.
داء الكلب مأساة على المصاب وذويه
يتألم أبو محمد ويعتصره الأسى وهو يشاهد ولده الصغير وقد أصبح قاب قوسين او أدنى من موت محقق وليس بمقدوره أن يعيد اليه حياة تأبى الا أن تفارق جسده النحيل سوى دموع تجود بها عيناه وعبارات من الحسرة والحزن اذ يقول "مجرد خدشة كلب وجهلا ستجعلني أفقد ولدي"، يتمنى يائسا لو أنه أدرك ولده بجرعة من اللقاح" يا ليتني نقلته الى الوحدة الصحية يوم ان انقض عليه الكلب المسعور ونهش جسده وأعطيته اللقاح ولو كلفني ذلك حياتي، لكن جهلني بهذا الداء وخطورته أفقدني ابني".
فجهل أبي محمد وقلة الوعي لدى كثير من الأسر حول خطورة هذا الداء الذي تسببها عضات الكلاب المسعورة يجعلهم يفقدون أرواحهم وأبناءهم ثمناً للجهل والاهمال كما دفعه أبو محمد.
الجهات المسؤولة .. تنصل ام مشكلة حقيقية
مكتب الاشغال العامة والطرق، وصندوق النظافة، والسلطة المحلية يتحملون الجزء الأعظم من المسؤولية حيال هذه الكارثة، إذ تقع مسؤولية التخلص من الكلاب المسعورة وتنفيذ حملات الإبادة للكلاب المصابة بهذا الفيروس على هذه الجهات مجتمعة دون استثناء.
يبرر مكتب الاشغال تقاعسه عن القيام بواجبه ازاء هذه بـ"عرقلة مكتب المالية صرف ميزانية الحملات وشراء المبيدات بدعوى الوضع الاقتصادي المتدني و شحة المبالغ المالية في المكتب، كذلك ارتفاع الاسعار والتي زادت من كلفة شراء المبيدات والسموم لقتل الكلاب"، علما أن عملية الابادة المطلوبة تقتصر على اناث الكلاب فقط، ما يعني أن التحجج بالضائقة المالية غير مقبول خصوصا وان المبلغ المطلوب للقضاء على كلبة واحدة تعض عشرة اشخاص وتنجب في السنة ما يقارب عشرين حياة مصاب بالفيروس.
الجهات المختصة تكتفي بإلقاء اللائمة بعضها على الاخرى وكل منها تزيح المسؤولية من كاهلها وتحلمها للجهة الاخرى فيما الجهات العليا ممثلة بوزارة الصحة ترفض صرف الشيك المخصص لشراء اللقاح ضد داء الكلب بحجة عجز مالي لا يسمح بشرائه، ووزارة المالية ترفض توجيهات الاشغال المقدمة اليها حول حملات ابادة الكلاب بدعوى ايضا شحة الميزانية والجميع يرجع ذلك لوضع البلاد الراهن من حرب وحصار وتدني اقتصادي يصعب فيه توفير المقومات الاساسية للعيش الامن والكريم للمواطن الذي يدفع ثمن كل شيء دائما.
بارقة أمل
برزت العديد من المبادرات المجتمعية في إطار مدينة إب محاولة التخفيف من كارثة فيروس داء الكلب ليس احداها مؤسسة التنوير الاجتماعية التي بادرت إلى التنسيق مع الجهات المختصة لعمل حملات توعية للسكان وإبادة للكلاب المسعورة.
خالد العزب رئيس مؤسسة التنوير تحدث عن أهدف هذه الحملة ومراحلها المتمثلة بالتنسيق مع السلطة المحلية ورجال المال والاعمال والمواطنين لمواجهة هذه المشكلة، داعيا السلطات ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع المحلي الى التكاتف والتعاون لمواجهة هذه المعضلة والوباء الذي أخذ في الاتساع والحد منها وتقليص حجم الخطورة المحتملة.
جائحة خطيرة تستفحل يوما تلو الاخر وجهود متواضعة لمواجهتها وانتظار لدور نوعي تتصدى له الجهات المسؤولة للحد من استمرار شكل اخر للموت في ظل تعدد صنوف الرحيل من الحياة في بلد مثقل بالحرب والجوع والحصار، ورصاصة في قلب كلبٍ خير من ان تضيع في الهواء او تسكن في قلب بشر.
*برنامج تمكين الشباب، المركز اليمني لقياس الرأي العام.