خلف النظارات السميكة والتجاعيد، الدموع تترقرق في أعين العلماء وهم يتحدثون عن الأمر، إنه يشبه اختراع غاليليو للتلسكوب لأول مرة، كما تقول عالِمة شابة غير مصدقة، الموسيقى تتصاعد بقوة في التقرير الذي يذاع في المؤتمر الصحفي الذي شاهد بثه المباشر حوالي 90 ألف شخص في جميع أنحاء العالم، على الشاشة تتابع الجمل مع تصاعد الموسيقى، ألف عالِم، من 16 دولة، وأكثر من 90 جامعة ومركز بحثي، بعد خمسة وعشرين عاماً، مقدم المؤتمر يقول بحماسة "سيداتي سادتي، لقد وجدنا موجات الجاذبية، لقد فعلناها !"، تنفجر القاعة بالتصفيق والهتاف.
يمكنك أن تفهم لماذا تتحدث كل وسائل الإعلام التي تعرفها عن الأمر، إذا فكرت في التغيير الذي أحدثه اكتشاف الأشعة السينية، أو موجات الراديو، اكتشاف "موجات الجاذبية" سوف يكون على نفس المستوى من الثورية، أو أكثر. الفيزياء التي نعرفها سوف تتغير إلى الأبد.
منذ أكثر من 400 سنة، صوب غاليليو غالي تليسكوبه الأول إلى الفضاء، دون أن يعرف أنه يفتح البوابة لأعظم اكتشافات الفلك، وهو نفس ما يتوقع أن يفعله هذا الاكتشاف، عندما استطاع جهاز ليجو "LIGO"، أن يلتقط في 14 سبتمبر الماضي، أول إشارة لـ"موجات الجاذبية" القادمة من الفضاء، وقد كانوا غير مصدقين لدرجة أنهم لم يعلنوا هذا إلا الآن.
بعد مئة عام: أينشتاين يرفع علامة النصر من قبره
فبعد رحلة بحثية استمرت خمسة وعشرين عاماً، استطاع فريق دولي من العلماء الفيزيائيين إثبات موجات الجاذبية التي تحدث عنها أينشتاين، والذي عده المراقبون مرشحاً قوياً لجائزة نوبل في الفيزياء، وأحد أعظم اكتشافات الفيزياء الفلكية لهذا القرن، وقد تحمس العالم كله له، لأنه كان أحد آخر أكبر التنبؤات التي تنبأت بها نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي لم تثبت بعد، وسوف يساعدنا فهمنا له على فهم كيفية تشكل الكون من الكتلة.
علينا أن نفهم أولاً ما تعنيه موجات الجاذبية، فوفق نظرية أينشتاين للنسبية، الكون يشبه بحيرة تلقي فيها أنت حصاة تحدث موجات، فنسيج الزمكان، يمكن أن ينحني بفعل أي شيء ضخم في الكون، فعندما يحدث أي شيء عنيف، مثل اتحاد ثقبين أسودين أو انفجار نجوم، فإن هذه المنحنيات تبث موجات حولها، لكنها صغيرة جداً، لدرجة تصل إلى حوالي واحد على مليار من قطر الذرة، لهذا لا نستطيع التقاطها، ولهذا أيضاً لم يستطع العلماء إثبات وجودها من قبل، لكن العلماء تساءلوا: ماذا لو اخترعنا جهازاً ما؟ ومن هنا، بدأت حكاية "ليجو".
ليجو، هو راصد موجات الجاذبية، الذي يعمل عن طريق ارتداد الليزر في أنابيب طويلة يبلغ طولها حوالي أربعة كيلومترات، وهو ما سمح لعلماء الفيزياء بقياس تغيرات متناهية في الصغر تحدث في الزمكان، علماء مختبر ليفينجيستون في لويزيانا قفزوا من الدهشة عندما استطاع جهازهم الجديد في 14 سبتمبر 2015 أن يلتقط أول إشارة في تاريخه، كما استطاعوا أن يلتقطوا إشارة أخرى في مختبرهم في هانفورد بواشنطن والذي يبعد عن الأول مسافة 4000 كيلومتر، مما أشار إلى موجة جاذبية تمر عبر الأرض آنذاك.
أهلاً من العالم الآخر: ألو؛ السيد "كون"، من أين تتحدث بالضبط؟
العلماء قالوا إنها ليست صدفة، احتمالية أن يكون مصدر الإشارة شيئاً آخر هي واحد على الستة مليون فحسب، وانهمكوا في الأشهر التالية للحدث في دراسة هذه الإشارة الغامضة بدقة، الفكرة إنها كانت مطابقة بالضبط لتصور العلماء عن موجات الجاذبية المبنية على نظرية أينشتاين، وهنا ظهر السؤال الآخر في أذهان العلماء الفيزيائيين، من أين أتت هذه الإشارة بالضبط؟
وعندها، استطاعوا تتبع الإشارة، حتى وصلوا إلى إنها كانت من اندماج ثقبين أسودين هائلين حدث قبل 1.3 مليار سنة مضت، وقد كان هذا الحدث ضخماً كفاية لكي يربك نسيج الزمكان العظيم، ويحدث الاضطراب فيه، لينشر الموجات التي وصلت إلينا العام الماضي، ولكي تدرك مدى ضخامته، فعليك أن تعرف أن كل ثقب تبلغ كتلته حوالي ثلاثين ضعف كتلة الشمس، قبل أن يصطدم كلاهما بالآخر. القوة الناجمة عن اندماج الثقبين في هذا الاصطدام القصير، توازي 50 ضعف قوة كل النجوم في هذا الكون مجتمعة.
الباحث وعضو فريق "ليجو"؛ إيريك ثرين، قال إن اكتشاف موجات الجاذبية هذه يشير إلى أن الثقوب السوداء المندمجة، أثقل وأكثر مما توقع العلماء من قبل، هذا يبشر باكتشاف المزيد من الثقوب السوداء البعيدة، كما قد يكشف لنا أحداثاً كونية أخرى ضخمة قادرة على بث موجات جاذبية.
المؤتمر الصحفي اختتم بتلقي الأسئلة من الصحفيين، وفيها توقع المتحدث رداً على سؤال ما إن كان من الممكن أن نشهد التقاط إشارة أخرى من الكون، أم إن هذا حدث لا يحدث إلا كل عقد مرة؟ فأجاب بثقة بالإيجاب، مضيفاً أن الفيزيائيين قد ينجحون في التقاط المزيد من الإشارات الكونية هذه السنة، وإنهم سوف يزيدون حساسية أجهزتهم لأجل ذلك.
ثم توالت الكثير من الأسئلة من الحاضرين عما سيحدث بعد ذلك، المتحدث أجاب بأن أحد التطورات المنتظرة هو الجهاز "ليسا"، والقادر على الاستماع إلى موجات الجاذبية بدون أي ضجيج خلفي قادم من الأرض. لكن هذه هي البداية فقط، فمازال هناك الكثير من المراقبات والراصدات لموجات الجاذبية، في الطريق خلال الخمس سنوات القادمة، وسوف تكون أكثر حساسية في كشف هذه الموجات.
لحظة؛ هل يذكرك هذا الأمر بفانتازية "إنتيرستيلار"؟
كان هناك سؤال مبتكر آخر يقول: ما معنى هذا الاكتشاف بالنسبة لنا هنا على الأرض؟ هل يضيف هذا لنا في علم السفر عبر الزمن؟، وقد أجاب المتحدث أن هذا يقدم لنا فهماً أعمق لكيفية تصرف الزمكان عندما يربكه بشدة حدث ضخم، لكن هذا لن يقربنا بأي طريقة نحو فكرة السفر عبر الزمن، هذا شيء في اتجاه آخر.
لكن، من المثير أن "كيب ثرون"، العالم الفيزيائي وأحد أعضاء الفريق، كان مستشاراً علمياً في فيلم إنتيرستيلار، فهل سيجعلنا هذا نترقب "إنتيرستيلار 2"؟ مجرد التفكير في ذلك شيء مشوق للغاية.
يمكنك أن تفهم لماذا تتحدث كل وسائل الإعلام التي تعرفها عن الأمر، إذا فكرت في التغيير الذي أحدثه اكتشاف الأشعة السينية، أو موجات الراديو، اكتشاف "موجات الجاذبية" سوف يكون على نفس المستوى من الثورية، أو أكثر. الفيزياء التي نعرفها سوف تتغير إلى الأبد.
منذ أكثر من 400 سنة، صوب غاليليو غالي تليسكوبه الأول إلى الفضاء، دون أن يعرف أنه يفتح البوابة لأعظم اكتشافات الفلك، وهو نفس ما يتوقع أن يفعله هذا الاكتشاف، عندما استطاع جهاز ليجو "LIGO"، أن يلتقط في 14 سبتمبر الماضي، أول إشارة لـ"موجات الجاذبية" القادمة من الفضاء، وقد كانوا غير مصدقين لدرجة أنهم لم يعلنوا هذا إلا الآن.
بعد مئة عام: أينشتاين يرفع علامة النصر من قبره
فبعد رحلة بحثية استمرت خمسة وعشرين عاماً، استطاع فريق دولي من العلماء الفيزيائيين إثبات موجات الجاذبية التي تحدث عنها أينشتاين، والذي عده المراقبون مرشحاً قوياً لجائزة نوبل في الفيزياء، وأحد أعظم اكتشافات الفيزياء الفلكية لهذا القرن، وقد تحمس العالم كله له، لأنه كان أحد آخر أكبر التنبؤات التي تنبأت بها نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي لم تثبت بعد، وسوف يساعدنا فهمنا له على فهم كيفية تشكل الكون من الكتلة.
علينا أن نفهم أولاً ما تعنيه موجات الجاذبية، فوفق نظرية أينشتاين للنسبية، الكون يشبه بحيرة تلقي فيها أنت حصاة تحدث موجات، فنسيج الزمكان، يمكن أن ينحني بفعل أي شيء ضخم في الكون، فعندما يحدث أي شيء عنيف، مثل اتحاد ثقبين أسودين أو انفجار نجوم، فإن هذه المنحنيات تبث موجات حولها، لكنها صغيرة جداً، لدرجة تصل إلى حوالي واحد على مليار من قطر الذرة، لهذا لا نستطيع التقاطها، ولهذا أيضاً لم يستطع العلماء إثبات وجودها من قبل، لكن العلماء تساءلوا: ماذا لو اخترعنا جهازاً ما؟ ومن هنا، بدأت حكاية "ليجو".
ليجو، هو راصد موجات الجاذبية، الذي يعمل عن طريق ارتداد الليزر في أنابيب طويلة يبلغ طولها حوالي أربعة كيلومترات، وهو ما سمح لعلماء الفيزياء بقياس تغيرات متناهية في الصغر تحدث في الزمكان، علماء مختبر ليفينجيستون في لويزيانا قفزوا من الدهشة عندما استطاع جهازهم الجديد في 14 سبتمبر 2015 أن يلتقط أول إشارة في تاريخه، كما استطاعوا أن يلتقطوا إشارة أخرى في مختبرهم في هانفورد بواشنطن والذي يبعد عن الأول مسافة 4000 كيلومتر، مما أشار إلى موجة جاذبية تمر عبر الأرض آنذاك.
أهلاً من العالم الآخر: ألو؛ السيد "كون"، من أين تتحدث بالضبط؟
العلماء قالوا إنها ليست صدفة، احتمالية أن يكون مصدر الإشارة شيئاً آخر هي واحد على الستة مليون فحسب، وانهمكوا في الأشهر التالية للحدث في دراسة هذه الإشارة الغامضة بدقة، الفكرة إنها كانت مطابقة بالضبط لتصور العلماء عن موجات الجاذبية المبنية على نظرية أينشتاين، وهنا ظهر السؤال الآخر في أذهان العلماء الفيزيائيين، من أين أتت هذه الإشارة بالضبط؟
وعندها، استطاعوا تتبع الإشارة، حتى وصلوا إلى إنها كانت من اندماج ثقبين أسودين هائلين حدث قبل 1.3 مليار سنة مضت، وقد كان هذا الحدث ضخماً كفاية لكي يربك نسيج الزمكان العظيم، ويحدث الاضطراب فيه، لينشر الموجات التي وصلت إلينا العام الماضي، ولكي تدرك مدى ضخامته، فعليك أن تعرف أن كل ثقب تبلغ كتلته حوالي ثلاثين ضعف كتلة الشمس، قبل أن يصطدم كلاهما بالآخر. القوة الناجمة عن اندماج الثقبين في هذا الاصطدام القصير، توازي 50 ضعف قوة كل النجوم في هذا الكون مجتمعة.
الباحث وعضو فريق "ليجو"؛ إيريك ثرين، قال إن اكتشاف موجات الجاذبية هذه يشير إلى أن الثقوب السوداء المندمجة، أثقل وأكثر مما توقع العلماء من قبل، هذا يبشر باكتشاف المزيد من الثقوب السوداء البعيدة، كما قد يكشف لنا أحداثاً كونية أخرى ضخمة قادرة على بث موجات جاذبية.
المؤتمر الصحفي اختتم بتلقي الأسئلة من الصحفيين، وفيها توقع المتحدث رداً على سؤال ما إن كان من الممكن أن نشهد التقاط إشارة أخرى من الكون، أم إن هذا حدث لا يحدث إلا كل عقد مرة؟ فأجاب بثقة بالإيجاب، مضيفاً أن الفيزيائيين قد ينجحون في التقاط المزيد من الإشارات الكونية هذه السنة، وإنهم سوف يزيدون حساسية أجهزتهم لأجل ذلك.
ثم توالت الكثير من الأسئلة من الحاضرين عما سيحدث بعد ذلك، المتحدث أجاب بأن أحد التطورات المنتظرة هو الجهاز "ليسا"، والقادر على الاستماع إلى موجات الجاذبية بدون أي ضجيج خلفي قادم من الأرض. لكن هذه هي البداية فقط، فمازال هناك الكثير من المراقبات والراصدات لموجات الجاذبية، في الطريق خلال الخمس سنوات القادمة، وسوف تكون أكثر حساسية في كشف هذه الموجات.
لحظة؛ هل يذكرك هذا الأمر بفانتازية "إنتيرستيلار"؟
كان هناك سؤال مبتكر آخر يقول: ما معنى هذا الاكتشاف بالنسبة لنا هنا على الأرض؟ هل يضيف هذا لنا في علم السفر عبر الزمن؟، وقد أجاب المتحدث أن هذا يقدم لنا فهماً أعمق لكيفية تصرف الزمكان عندما يربكه بشدة حدث ضخم، لكن هذا لن يقربنا بأي طريقة نحو فكرة السفر عبر الزمن، هذا شيء في اتجاه آخر.
لكن، من المثير أن "كيب ثرون"، العالم الفيزيائي وأحد أعضاء الفريق، كان مستشاراً علمياً في فيلم إنتيرستيلار، فهل سيجعلنا هذا نترقب "إنتيرستيلار 2"؟ مجرد التفكير في ذلك شيء مشوق للغاية.