أغلقت 90% من محلات الذهب في اليمن، فيما فتحت باقي المحلات أبوابها لعدة ساعات خلال النهار، في ظل تفاقم المخاوف من تزايد عمليات النهب بسبب انتشار الفوضى الأمنية، حسب تجار لـ"العربي الجديد".
وكانت مدينة عدن (جنوب) أكثر المناطق تضرراً، في ظل تصاعد الحرب بين جماعة انصار الله (الحوثيين) والمقاومة الشعبية.
وأكد نائب رئيس الغرفة التجارية في عدن عبدالله الرماح، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن أغلب محال الذهب والمجوهرات أغلقت أبوابها قبل شهرين فيما كانت المعارك على مشارف المدينة، وأوضح أن غالبية تجار الذهب قاموا بتفريغ محتويات محالهم وإيداعها في أماكن آمنة، مشيراً إلى أن بعض التجار قاموا بإيداع مشغولاتهم في خزائن البنوك، لكن الغالبية تخشى حدوث حالات سطو ونهب عليها، ولذلك فضلت إيداعها في أماكن خاصة، فيما تمكن بعض التجار من تهريب الذهب إلى الخارج.
وأوضح الرماح أن بعض المحلات تعرضت للقصف واحترقت مع محتوياتها من المصوغات الذهبية، مشيراً إلى أن تجار الذهب تكبدوا خسائر فادحة بسبب الحرب. وأكد أن شركات التأمين لا تؤمّن على محلات الذهب في الغالب، وذلك لأنها دائماً معرضة للسرقات.
ويقوم تحالف عربي تقوده السعودية منذ 26 مارس/آذار الماضي، بتوجيه ضربات جوية للحوثيين، بهدف إعادة النظام الشرعي المنتخب لتولي السلطة، وإيقاف حالة الفوضى التي تعاني منها البلاد.
احتراق المحلات
أكد صاحب سوق الحجاز مول، خالد باقيس، لـ"العربي الجديد" أن السوق احترق خلال المعارك، نتيجة تعرضه لقذائف مباشرة، وقال إن الحجاز مول سوق كبير جداً، كان يضم قرابة 350 محلا تجاريا، بينها 20 محلاً للذهب، وقد التهمت النيران جميع المحلات في السوق.
وفي مدينة تعز، أكدت مصادر محلية، رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، أن جميع محلات الذهب في المدينة مغلقة منذ بدء المعارك بين قوات الحوثيين والمقاومة الشعبية.
وأوضح تقرير حديث صادر عن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن 95% من المحلات التجارية مغلقة في تعز، وأشار إلى أن 70% من سكان المدينة نزحوا إلى الأرياف.
وأدت الاضطرابات في حضرموت (جنوب شرق)، وسيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا عاصمة المحافظة، إلى إغلاق جميع محلات الذهب والمجوهرات، نتيجة مخاوف من حدوث أعمال نهب وسطو مسلح.
كما سيطرت حالة من الركود التام علي سوق الذهب في العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أغلقت أغلب المحال في شارع حدة وشارع جمال وفي المركز الليبي ومركزي يمن مول التجاري والكميم التجاري.
وخلال جولة لمراسل "العربي الجديد" في صنعاء، وجد أغلب محلات الذهب في شارعي جمال عبدالناصر وهائل (وسط العاصمة) مغلقة.
تراجع الطلب
حسب تجار، تراجع الطلب والمعروض من المعدن الأصفر إلى أدنى المستويات، بسبب الفوضى الأمنية، ومخاوف من حدوث أعمال نهب وسلب للممتلكات التجارية، ما أدى إلى تراجع المبيعات إلى أدنى مستوياتها خلال الفترة الأخيرة.
شهدت الفترة قبيل شهر رمضان عودة عدد من محلات بيع وشراء الذهب لاستئناف نشاطها في بعض المناطق، ومنها صنعاء القديمة.
وقال مالك محلات بيت الذهب، أسامة الرفاعي، لـ"العربي الجديد"، إن سوق الذهب في اليمن يعاني من ركود شديد، نتيجة المخاوف الأمنية التي أجبرت العديد من تجار الذهب على إغلاق متاجرهم خصوصاً في المناطق المشتعلة.
وأوضح الرفاعي أن توقف حفلات الأعراس بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتراجع القوة الشرائية، أسهم بدوره في الركود الذي يعيشه سوق الذهب، مشيراً إلى أن فترة الصيف كانت من أكثر المواسم تدفقاً للمستهلكين والمشترين، لكن حركة سوق الذهب تراجعت خلال الفترة الأخيرة. وأشار إلى أن سوق الذهب في اليمن يعتمد على البيع والشراء التقليدي بين التاجر والمواطن، ويقتصر على الاستخدام الشخصي للنساء.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، فإن ما يقرب من 11 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، وسط تصاعد الصراع، الذي أسفر عن تعطيل الأسواق والتجارة، ودفع بأسعار مختلف السلع إلى الارتفاع.
ذهب صنعاء
أكد صاحب محل مجوهرات في شارع هائل بصنعاء، حكيم الذبحاني، أن أغلب محال المجوهرات مغلقة، وبعضها عاد، لكنها خفضت ساعات العمل إلى 4 ساعات في النهار، فضلاً عن تخفيض المعروض من المشغولات الذهبية.
وقال الذبحاني لـ"العربي الجديد"، إن هناك إقبالاً ضعيفاً على شراء الذهب نتيجة انخفاض سعره، لكن الغالبية تتجه إلى بيع مقتنياتها من الذهب والمجوهرات نتيجة توقف الأعمال والركود التجاري الذي تمر به البلاد.
وأوضح أن تجار الذهب لا يستطيعون الشراء من الزبائن في كل وقت، فعندما ترتفع الأسعار ينخفض البيع، وبالتالي لا يمتلكون القدرة المالية على شراء الذهب من مرتادي السوق، والسوق قائم على حركة البيع والشراء.
وقال فهيم محسن، موظف، لـ"العربي الجديد"، إن الأوضاع المعيشية الصعبة جعلت من شراء الذهب أمرا مستحيلاً، خصوصا مع ارتفاع أسعار جميع السلع الاستهلاكية.
وأوضح محسن أن المشترين يترددون في شراء الذهب، نتيجة التحايل الذي يمارسه التجار، فإذا اشتريت مجوهرات مثلا بقيمة 100 ألف ريال (الدولار = 215 ريالا)، واضطررت إلى بيعه بعد أسبوع، فإن نفس التاجر يشتريه بتخفيض مبلغ غير محدد، لا يقل عن 20 ألف ريال ويرفض شراءه بنفس المبلغ.
وعلى عكس توجهات سوق الذهب الذي شهد تراجعاً كبيراً في الفترة الأخيرة، توقع الخبير الاقتصادي الدكتور طه الفسيل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يزيد الإقبال على شراء الذهب خلال الفترة المقبل، موضحاً أن الرغبة في الشراء تزيد في أوقات الحروب والأزمات، حيث يكون من الأمان الاستثمار في تجارة الذهب.
وتؤكد دراسات اقتصادية أن حجم استهلاك اليمن من الذهب تقلص بنسبة 50% خلال عام 2014، مقارنة بالعام الذي سبقه في ظل ارتفاع أسعار المعدن النفيس إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب ما أكده عدد من تجار الحلي والمجوهرات في اليمن.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن ما أنفقه اليمنيون خلال هذا العام على شراء الذهب تجاوز 25 مليار ريال، منها 20 مليار ريال إنفاق الحضر و5 مليارات ريال إنفاق الريف.
وبحسب البيانات، يبلغ عدد محلات الذهب في اليمن 400 محل، بالإضافة إلى 46 ورشة لصياغة الذهب.