الرئيسية / تقارير وحوارات / كيف وصل صالح إلى قصر الملك عبدالله وجلس أخيراً على طاولة توقيع المبادرة الخليجية؟
كيف وصل صالح إلى قصر الملك عبدالله وجلس أخيراً على طاولة توقيع المبادرة الخليجية؟

كيف وصل صالح إلى قصر الملك عبدالله وجلس أخيراً على طاولة توقيع المبادرة الخليجية؟

05 ديسمبر 2011 08:01 صباحا (يمن برس)
* كان متوقعاً صدور قرار من مجلس الأمن بتطبيق عقوبات شخصية ضد 16 شخصية من نظام "صالح"، بينهم أبناؤه وأبناء أخيه، إضافة إليه، كما تستهدف قيادات مؤتمرية مثل: حافظ معياد وعارف الزوكا والشيخ سلطان البركاني

* مصادر ديبلوماسية: "صالح" وأقاربه ومحسن وحميد كانوا أبرز المرشحين للعقوبات، لكنها اقتصرت في الأخير على "صالح" وأقاربه خوفاً من أن تدفع العقوبات خصوم"صالح" للتحالف معه مجدداً

* العقوبات ليست السبب الوحيد لتوقيع "صالح" بل "رغبته في الحصول على فيزا للعلاج"!!

*  السفير البريطاني: حالة "صالح" تسوء وجلوسه أمام الكاميرات يتطلب إعداداً طبياً جيداً ولدى السعوديون وسائل غير شفافة لكنها فعالة


وقع الرئيس علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية بعد أكثر من 8 أشهر من المماطلة والوقوف حجر عثرة أمام خروجها إلى النور وحيز التنفيذ.

لكن مايزال من المبكر الجزم في ما إذا كان حفل مراسيم التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية التي تابعت اليمن والعالم أحداثه في الرياض مساء الأربعاء الماضي سيشكل نهاية نفق الأزمة اليمنية..  ورضخ الرئيس "صالح" أخيراً للضغوط الدولية المتصاعدة التي مورست عليه من أجل تنفيذ التزاماته المقطوعة مراراً بالتوقيع على المبادرة، وهي الضغوط التي وصلت مؤخراً إلى تحديد موعد انعقاد اجتماع لمجلس الأمن الإثنين الماضي، لكنه أجل بطلب من "صالح" بعد تقديمه التزاماً قاطعاً بالتوقيع على المبادرة.

وكان من المتوقع صدور قرار من مجلس الأمن بتطبيق عقوبات شخصية ضد 16 شخصية من أركان حكم صالح، بدءاً به وأولاده ومروراً بعدد من أبرز قيادات المؤتمر في حال لم يوقع على المبادرة.

ويسعى هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز أوراق الضغط الدولية التي قادت "صالح" إلى قصر العاهل السعودي، حيث جلس أخيراً وقام بما تلكأ وراوغ طويلاً من أجل تفاديه.

وأتى التوقيع بعد وصول المفاوضات المتعثرة إلى حالة انسداد شبه تام، استمرت عدة أسابيع، أحكم اليأس خلالها قبضته على الأوساط الديبلوماسية الغربية في اليمن. ووقفت غيمة من التشاؤم والإحباط فوق جهود الوساطة الإقليمية والدولية الرامية لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة في اليمن والدخول في المرحلة الانتقالية طيلة الأسابيع الماضية، ما دفع اللاعبين الغربيين الرئيسيين في الوساطة بين الرئيس"صالح" وحزبه والمعارضة إلى التلويح بالعقوبات.

وكشفت مصادر وثيقة الاطلاع على ما يدور في كواليس الديبلوماسية الغربية في اليمن عن نقاشات جرت بين سفارات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي منذ مطلع الشهر للخروج بقائمة عقوبات تشمل أطراف النزاع غير المتعاونة في نزع فتيل الأزمة وانتقال اليمن إلى مرحلة نقل السلطة.

وقالت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الإفصاح عن هويتها؛ لأنها غير مخولة بالتصريح للإعلام: إن النقاشات الغربية وقفت أمام نظام "صالح" والطرف الآخر المتمثل في شركائه العسكريين والقبليين من بيت الأحمر المنشقين عنه والمنضمين إلى الثورة على السواء؛ باعتبارهما شريكين في الجرائم والانتهاكات التي مورست في صور مختلفة من إهدار دماء المعتصمين السلميين وانتهاكات حقوق الإنسان في حقهم، كما في صور العقاب الجماعي على الشعب اليمني عموماً.

ودارت النقاشات حول أبرز المتهمين من الطرفين بالتسبب في جرائم وانتهاكات ضد المعتصمين السلميين والشعب عموماً، وفقاً للمصادر التي كشفت عن أن الرئيس"صالح" وأبناءه شكلوا مع اللواء "علي محسن الأحمر" والشيخ "حميد الأحمر" أبرز المتهمين المرشحين لقائمة العقوبات.

لكن قائمة العقوبات التي خرجت بها النقاشات في نهاية المطاف اقتصرت على الرئيس "صالح" وأبنائه، ولم تتضمن علي محسن وحميد الأحمر، بحسب المصادر التي أفادت أن المخاوف الغربية من أن تدفع قائمة العقوبات الطرف المنشق من بيت الأحمر عن نظام "صالح" إلى التحالف معه مجدداً وقفت وراء استبعاد محسن وحميد منها.

وكان السفير البريطاني في صنعاء قد كشف عن قائمة عقوبات شخصية قال: إنها قد تطبق على "صالح" وأبنائه مع عدد من أركان نظامه المتورطين في ارتكاب أعمال "بلطجة"- هكذا، قال: بلطجة - وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد المعتصمين السلميين.

وتحدث السيد جوناثان وليكس إلى بضعة من الناشطين والصحفيين قبل نحو أسبوعين عن الخطوات التالية التي سيلجأ إليها المجتمع الدولي في حال لم تستكمل مفاوضات نقل السلطة وإجراءات التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

ولدى سؤاله عن أبرز أسماء المسؤولين المؤتمريين الموجودين على القائمة، رد وليكس: من هم أعضاء اللجنة السياسية؟ وحين بدأ الحاضرون في طرح أبرز الأسماء المتهمة بإدارة أعمال "البلطجة" ضد المعتصمين السلميين، لم يرد صراحة بالإيجاب ولا بالنفي، لكنه كان يومئ بما يشي بالإيجاب مبتسماً.

وقد كان حافظ معياد وعارف الزوكا والشيخ سلطان البركاني أبرز الأسماء التي أومأ السفير البريطاني بالإيجاب مبتسماً عند طرح أسمائهم عليه من قبل الحاضرين كمرشحين لقائمة العقوبات الشخصية إلى جانب"صالح" وأبنائه.

وتحدث وليكس في ذلك اللقاء عن طرفين في الأزمة ومسؤولية مشتركة بين هذين الطرفين في الانتهاكات. ولوحظ في حديث السفير - الذي شغل مواقع ديبلوماسية مختلفة في عدة بلدان عربية ملتهبة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ويتقن اللغة العربية - استخدامه المتكرر لمفردة "بلاطجة" في إشارته إلى مرتكبي أعمال العنف والانتهاكات ضد المعتصمين السلميين من رجال "صالح".

لكن "البلاطجة" في قاموس السفير البريطاني لا تقتصر على مؤيدي "صالح" ضد شباب الثورة السلمية فقط، بل تشمل أيضاً مسلحي الطرف المقابل المؤيد للثورة.

ففي سياق حديثه عن ضرورة إزالة عوامل الأزمة وأسباب التوتر، أشار إلى "بلاطجة الطرفين".

ولدى وليكس تقييم شخصي وسياسي سلبي لأبناء "صالح" وعلي محسن وحميد الأحمر على السواء. ويحضر أحمد علي عبدالله صالح وأبناء عمه الراحل محمد عبدالله صالح كمتغطرسين في هذا التقييم.

ويعتبر السفير البريطاني حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر متورطين مع"صالح" وأبنائه في إهدار دماء المعتصمين السلميين، وأوضح أنهما يدفعان المعتصمين السلميين إلى الموت من أجل تحقيق مكاسب إعلامية وسياسية ضد الأول.

وعند سؤاله في ما إذا كانت هذه المسؤولية تشمل الشيخ صادق الأحمر أو أي من إخوته أو شخصيات أحمرية أخرى، رد بالنفي، مؤكداً أن علي محسن وحميد الأحمر هما المسؤولان.

وقال وليكس: إن علي محسن "يتلاعب كثيراً".

وكان السيد وليكس يوجه حديثه إلى بضعة صحفيين كان بينهم إصلاحيون؛ حين أورد إشارته السابقة التي صدمت أحد صحفيي الإصلاح - كما يبدو - ودفعته إلى سؤاله مستغرباً: البلاطجة إحنا ؟! لكن السفير البريطاني لم يجب - على ما يبدو - بأكثر من إجابته على أسئلة الصحفيين له عن أبرز أسماء "بلاطجة صالح" الذين تضمنتهم قائمة العقوبات الشخصية.

غير أن أحد الصحفيين والناشطين المدنيين المستقلين والمشاركين في الثورة السلمية منذ بدايتها تكفل بتحديد المقصود بـ"البلاطجة" للصحفي الإصلاحي قائلاً: البلاطجة أنتم، في إطار سعيه إلى إبراز التمايز بين شباب الثورة السلمية ومسلحي الإصلاح.

وكان السفير البريطاني وزميلاه الفرنسي والأميركي قد نسقوا جهودهم مع السفيرين الروسي والصيني للخروج بموقف موحد في اجتماع مجلس الأمن الذي كان مقرراً في 21 من هذا الشهر.

وقال وليكس، في لقائه بالصحفيين، إنه إذا عقد المجلس مداولاته قبل أن يوقع "صالح" على المبادرة فلن يتراجع إلى الوراء، بل سيمضي إلى الأمام في إشارة إلى اتخاذ قرار العقوبات.

وأوضح وليكس أن الموقف الروسي مثالي بالنسبة لليمن قياساً به في سوريا وليبيا، وكذلك الصيني، وأنهما لن يختلفا عن المواقف الغربية في خصوص التصويت لقرار عقوبات فردية ضد الطرف المعرقل لنزع فتيل الأزمة في اليمن.

وشكلت قائمة العقوبات الشخصية ورقة ضغط حاسمة في إجبار "صالح" على التوقيع في الـ23 من شهر نوفمبر، بعد تأجيل اجتماع مجلس الأمن حتى يوم الإثنين، لكنها لم تكن الوحيدة التي استخدمتها الدول الدائمة العضوية بالمجلس.

وتحدث السفير البريطاني عن ورقة ضغط أخرى استخدمت من أجل إجبار "صالح" على تنفيذ التزاماته المتعلقة بالتوقيع على اتفاق نقل السلطة، وهي الورقة التي تمثلت في منحه "فيزا" سفر للعلاج في ألمانيا أو الولايات المتحدة.

ويسعى "صالح" للحصول على "فيزا" رئاسية للعلاج في ألمانيا أو الولايات المتحدة، لكن "برلين" و"واشنطن" أصرتا على موقفيهما القاضيين بمنحه "فيزا" عادية فقط، واشترطتا توقيعه على المبادرة من أجل منحه "فيزا" رئاسية.

ولا يحمل التقييم البريطاني لصحة "صالح" خبراً جيداً لمؤيديه، وقال السيد جوناثان وليكس: إن حالته تسوء.

ولدى سؤاله عما إذا كان يتوقع موته قريباً، أجاب: لا أتوقع انهياراً دراماتيكياً في حالته الصحية، ولكنها تسوء ولاسيما في ظل الوضع الراهن.

وأوضح السفير البريطاني أن حالة "صالح" سيئة إلى درجة أن جلوسه تحت الإضاءة أمام الكاميرات للتصوير يتطلب الإعداد له والترتيب جيداً من قبل أطبائه.

ورغم أنه من الواضح أن ورقتي الضغط هاتين لعبتا دوراً فاعلاً في انتشال المبادرة الخليجية من حالة التعثر الطويلة عند نقطة التوقيع، إلا أن فاعليتهما لا تبدو بقدر فاعلية الورقة الأخيرة.

وبدا السيد جوناثان وليكس قبل أكثر من أسبوعين ميالاً إلى التشاؤم أثناء حديثه حول توقعاته المستقبلية بشأن اليمن في ظل امتناع "صالح" عن التوقيع، ولم يكن واثقاً من تزحزح الأخير عن موقفه تحت الضغوط التي حاول هو وزملاؤه السفراء الغربيون ممارستها على الرجل، لكنه كان واثقاً تماماً من أن هناك ورقة واحدة لو استخدمت فإنها ستغير موقف "صالح" كلياً.

وقال السفير البريطاني لضيوفه: إن لدى المملكة العربية السعودية وسائل غير شفافة ولكنها فعالة جداً في لي ذراع نظام "صالح". وأوضح أن السعوديين إذا استدعوه  إلى الرياض للتوقيع، فإنه لن يستطيع الرفض.

*تقرير:نبيل سـبيع
حديث المدينة
شارك الخبر