الرئيسية / شؤون محلية / الزنداني .. هذا ما دار بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح
الزنداني .. هذا ما دار بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح

الزنداني .. هذا ما دار بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح

18 يوليو 2011 08:07 صباحا (يمن برس)
في الأيام الماضية تقريباً قبل أسبوع أوأكثر دار بيني نقاش وبعض الشباب حول تصريحات منسوبة في بعض المواقع الإخبارية للشيخ عبد المجيد الزنداني قيل فيها ،وتُقّول فيها عليه ثم صاحبتها حملة شعواء غير مبررة من كتاّب وصحفيين لم يقفوا قطعاً على كلام الشيخ وموقفه من القضايا المثارة مؤخراً،ولكن ذهبوا يحاكمونه ويوسعونه شتماً،وطعناً وقدحاً فيه ولم يستثنوا أحداً على صلة به من قريب أومن بعيد ،ولاتزال الحملة الإعلامية المسعورة لم تتوقف بعد،وغبارها لم تقف رياحه .. لذا أحببت أن أسجل الكلمة الصوتية مسطورة وأؤمل أن تحض بالنشر العام الواسع حتى يدرك الجميع أن الشيخ الزنداني مفتئت ومجني عليه ... وإلى نص الكلمة الصوتية بألفاظها التي تحدث فيها الشيخ عبد المجيد الزنداني عن مادار بينه وبين الرئيس صالح ،والتي اجتزأتها ،وحرفتها وسائل الإعلام . نص كلام الشيخ عبد المجيد الزنداني في المحاضرة الصوتية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد : المشروعية في اختيار الحاكم للشعب: بلادنا تعيش أياماً تاريخية وأحداثاً سوف تؤثر في مستقبل اليمن ووضعه القادم، ولذلك هناك اهتمام بأمر اليمن من كثير من القوى الداخلية والخارجية؛ لأن لكل قوة من هذه القوى نظرة تريد أن ترى اليمن عليها في المستقبل، فيتنافس الناس في هذا الموضوع ويتكلمون، ونحن نريد أن نقرر حقيقة، وبدهية من البدهيات، وهي: من صاحب الحق في اليمن؟ من صاحب الحق؟ بدهياً صاحب الحق الشعب اليمني، والبدهية الثانية: أن هذا الحق حق للشعب اليمني في أرض اليمن كلها، هو حق للشعب كله لا لفئة من الفئات، ولا لطائفة من الطوائف، ولا لجهة من الجهات، ولا لقبيلة من القبائل، ولا لحزب من الأحزاب، وإنما لكل أبناء اليمن، لكن هناك تنافس كبير بين القوى المختلفة كل واحد يريد أن يكون هو المؤثر في مستقبل اليمن ،وهذا يسوقنا إلى أن نتكلم عن أصل، وهو: ما هو الأمر المشروع، وما هو الأمر غير المشروع ؛ أي: ما هو الأمر المقبول، وما هو الأمر غير المقبول؟ فعندما تقول: هذا أمر شرعي يعني مقبول، هذا أمر مشروع. يعني مقبول، هذا أمر غير مشروع. يعني لا قبول مرفوض. وهذا يسوقنا إلى ما يتعلق بالشرعية. أنت الآن هذه القوة لها آراء.. ننظر هل هذه الآراء مشروعة أو غير مشروعة؟ صحيحة أم غير صحيحة؟ مرفوضة أو مقبولة؟ وهذه الفئة كذلك، وهذه الطائفة كذلك، وهذه الدولة كذلك، وهذه الجهة كذلك، وهذه القوى الدولية كذلك.. ننظر هل هي مقبول أو غير مقبولة؟ معنى الشرعية: وهذا يسوقنا إلى البحث عن الشرعية؛ فما هي الشرعية؟ أي: ما هو الأمر المقبول. الشرعية أيها الأحباب تأتي بمعنيين رئيسين: الأول: وضع التشريعات والقوانين في البلاد، ما يسمح به وما لا يسمح به، ما هو محظور ممنوع، وما هو مباح مسموح به، فأقول: هذه المشروعية التشريعية، ثم من الذي يطبق وينفذ هذه الأحكام، ويشرف على سير الأمور في هذه البلاد، وهو ما يسمى السلطة أو الحكومة أو الإدارة التي تطبق ذلك النظام، وتلك الأحكام. وعندنا في اليمن الأمر الأول محسوم، وإن كان الأمر في بلادنا وفي سائر بلاد العرب وكان إلى هذه اللحظة، وإن كنا الآن في مرحلة تغيير.. كان الغالب فيه الحكم بالقوة، من امتلك القوة أخذ المشروعية، ويصدر من الأحكام ما يشاء، ويعين من يشاء من الوزراء والحكام والمسئولين؛ فالمشروعية كاملة كانت بيد الحكام، والحكام يرتبون أمرهم مع القوى الدولية، ومع القوى المحلية؛ حتى يفرضوا هذه الأمور المعتمدة على القوة، لكن الآن الناس يطالبون بالتغيير، وإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح، وإلى نصابها، فما هي المشروعية عندنا في اليمن؟ نقول: نحن مسلمون، والمشروعية عندنا في جانب التشريع قد حسمت؛ لأننا ندين بدين الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]، والإسلام معناه: الخضوع والاستسلام لأوامر الله جل وعلا وشريعته وهديه دون معارضة أو مقاومة لذلك، والله قد بين لنا بكل وضوح هذا الأمر وجلاه؛ فأخبرنا أنه الذي خلقنا.. الله الذي أوجدنا من العدم ولم نك شيئاً، وخلقنا وصورنا في بطون أمهاتنا، وربانا ونشأنا وغذانا وحمانا وحفظنا حتى أصبحنا شباباً ثم رجالاً ثم كهولاً وهكذا، وسخر لنا ما في الأرض جميعاً، وسخر لنا ما في السماوات من أمطار ومن هواء ومن ضوء شمس ومن تقلب ليل ونهار وحر وبرد ومن... ومن... فالله سخر لنا هذا الكون بكله.. أنا الذي خلقتكم؛ فأنا صاحب الحق في أن أوجه إليكم الأمر والنهي، قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]، فبما أنه صاحب الخلق فهو صاحب الأمر، وهو الذي أوجدك لم تك شيئاً. ثم قال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ}، يقول: أنا الملك.. أنا الملك {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13-14]. فهذه النقطة أيها الأبناء الأحبة جلتها لنا هذه الآية: أنا الملك! وما دام هو الملك فهو صاحب الحق في أن يتصرف في ملكه كيف يشاء، وهو مالك الناس، ورب الناس، وهو صاحب الحق، وصاحب هذه المشروعية. ويقول لنا سبحانه: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة:140]، من أعلم أنتم أم الله؟ فبما أني أنا الأعلم؛ فأنا الأعلم بما يضركم وبما ينفعكم، وأعلم بما يصلحكم وبما يفسدكم، والأعلم بالخير وبالشر، بالصلاح وبالفساد وبأسباب الصلاح وبأسباب الفساد، فما دمت أنا كما قال تعالى {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم:32]، يعني: هو أعلم بأحوالكم وشأنكم وخلقكم وتكوينكم وأنتم لا زلتم في الوديان زرعاً يُكون ثماراً يأكله الآباء والأمهات؛ فينشئ نسلاً فيكون بشراً، أنا أعلم بكم وأنتم ما زلتم (سبول) في الوادي، وأعلم بكم وأنت في بطون أمهاتكم تتخلقون وتتكونون، وأخلق لكم الأسماع والأبصار والأيدي وسائر الأعضاء. ثم يقول: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} [الحجرات:16]، يعني: أصبحتم أنتم الذين تعترضون على الله وتقولون هذا الذي عملته حلال، وهذا خطأ نحن لا نقبله! من أنت؟ هل أنت ستعلم الله بالدين الحقيقي الصحيح؟ {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة:140].. {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} [الحجرات:16]، فأنا صاحب العلم. الله يقول هذا، فما دمت الأعلم بما يصلحكم؛ فأنا صاحب الحق في توجيهكم وإرشادكم. ثم يقول: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:7-8]، من أحكم مني؟ والحكيم هو الذي يضع الشيء المتقن المنضبط الدقيق الصحيح في مواضعه، فيقول: أنا أحكم الحاكمين، وديني الذي شرعته لكم وأنزلته إليكم هو الدين الحق؛ فمن هذا الذي يكون أحكم مني ويشرع ديناً أحكم من ديني، وأنا أحكم الحاكمين؟ {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:7-8]. فنحن المسلمون آمنا بهذا وصدقناه وارتضيناه وقبلناه وتعلقنا به ولا ننقضه، ثم حكم الله على من ينقضه وعلى من يخالفه فقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، لم يرض أن يقبل حكمي، لماذا؟ هل هو أعلم مني؟ هل هو أحكم مني؟ هل هو أرحم مني؟ هل هو خالق بجواري؟ هل هو مالك للناس معي؟ هذا الذي يعترض على حكمي كافر إذا كان اعتراضه متضمناً: أن الحق ليس لك يا الله! أو الحق لك ولكني سأعترض على ما تقول! هذا كفر. أما إذا كان جاهلاً لا يعلم فيعلم، ولذلك حكم الله عليه {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، وقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} [النساء:65] أي: لا يتحقق لهم الإيمان {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65]، أي: يخضعوا لشريعة الله جل وعلا ولشرع الله وللحلال والحرام {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء:65]، فالمطلوب أكثر من ذلك وليس فقط يحكموك ويقبلون حكم الله، لا. بل يتحقق الرضا في قلوبهم بهذا الشرع، ويرضون بأنهم خضعوا لحكم الله جل وعلا، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]، تسليم لا معارضة معه ولا مقاومة بعد ذلك. ثم قال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف:40]، هذ الحكم في شأن الناس عبادة خضوع استسلام من عبد لخالقه؛ فهو كالصلاة وكالصيام وكالزكاة، وكغيرها من سائر العبادات؛ فالخضوع له في شرعه كالخضوع له في القيام بالصلاة وفي القيام بالحج وفي القيام الجهاد وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي القيام بأداء الزكاة.. عبادة من العبادات، فالقبول بحكمه عبادة، والرافض لحكمه رافض للعبادة، {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف:40]، لذلك كانت هذه المسألة في غاية الوضوح عند المسلمين عبر التاريخ كله. وأنا أذكر أهل قريتي والتي نشأت فيها والبيئة والناس كان إذا جاء أي شيء يسألون: هل هو حلال أم حرام؟ إذا طرأ أي طارئ في أي جانب من جوانب الحياة، وفي أي شأن من الشئون الشخصية أو العامة أو العلاقة بين الزوجة وزوجته، أو بين الجار وجاره، أو بين البائع والمشتري.. أي مسألة يقولون: هل هو حلال أم حرام؛ لأنهم يقرون أن المشروعية هنا هي حق لله جل وعلا لا ينازعه غيره فيها. هذا الأمر الأول فيما يتعلق بالمشروعية، فمن يقول: أريد الديمقراطية مطلقاً هكذا ملتزماً بمعناها الأصلي الذي وضعت له؛ فنحن نقول له ما يلي: ما الديمقراطية؟ فيقول: الديمقراطية هي الشورى. فنقول: الشورى هذه لفظ إسلامي له معنى وله أحكام. لكن هذه الديمقراطية لفظ جاءنا من الغرب، نسأل أهل الغرب ماذا يقصدون بها، فهم المرجع في هذا، فيقولون: الديمقراطية عندنا لها تقوم على أساسين: الأول: حكم الشعب بالشعب. الثاني: السلطة للشعب. فنقول لهم: حكم الشعب بالشعب عندنا كفر؛ لأنك عندما تقول هذا فأنت تشرع، يعني: إذا قال الشعب الخمر حلال. هل يصبح حلالاً؟ أو قال: الزنا حلال. هل يصبح حلالاً؟ الربا حلال. هل يصبح حلالاً؟ البيع الحرام. هل يصبح حراماً ولو اجتمع الشعب كله؟ لأن هذه المسألة الحكم فيها ليس حكم الشعب بالشعب، وإنما حكم الشعب بحكم الله، فالمسلمون يحتكمون إلى حكم الله.. إلى شرع الله، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65]، {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83]، نرجع إلى العلم وأهل الاجتهاد وأهل الاستنباط ليبينوا لنا حكمها الشرعي الذي جاء من عند الله جل وعلا. فأن يحكم الشعب نفسه أو غيره أو بعضه، أو يدعي أحد فيقول: أنا سأحكمك بما أرى وإن خالف شرع الله، فيقول له: أنا لست عبداً لك إنما أن عبد لله جل وعلا، وأنا لا أقبل شيئاً غير حكم الله جل وعلا. هذه المسألة كما قلت مرفوضة. فإذا جاء وقال: نريدها ديمقراطية. قلنا: ماذا تقصد؟ قال: أنا لا أقصد الشريعة، أنا أقصد السلطة، قلنا: لا تأت بلفظ يحمل معنيين أحدهما صواب والآخر خطأ، يقول: كيف؟ نقول له: الديمقراطية تقوم على أساسين: الأساس الأول: التشريع، والأساس الثاني: الشعب هو صاحب السلطة في اختيار الحكام الذين يطبقون شريعة الله، وهذه تقوم على خمسة مبادئ.. السلطة للشعب تتحقق بخمسة مبادئ: المبادئ الخمسة التي تحقق السلطة للشعب: المبدأ الأول: حق الشعب في اختيار الحاكم: نقول: الإسلام يقوم على هذا المبدأ، بل إن الله كلف به عباده، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58]، الأمانات ما هي؟ بينها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن كيفية تضييع الأمانة، فقال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله»، أي: وضعت المسئوليات عند غير أهلها؛ فتوسيد الأمر إلى أهله هو وضع المسئوليات عند أهلها، وهناك آيات من كتاب الله أن أمر الأمة شورى فيما بينها {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، بل يأمر الله الحاكم فيقول: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159]، فالمسلمون شركاء في هذا التشاور، ففي الأمر الجامع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور الأمة بجموعها كما هو أحد وفي بدر وفي غيرها، وفي بعض الأمور التي تخص جوانب معينة يسأل الذين يتعلق بهم الأمر في ذلك الجانب ويشاورهم فيه، لكن القاعدة الأصلية: أن الأمة شركاء في التشاور فيما بينهم. كذلك هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، ما معنى: «وليس في عنقه بيعة»؟ معناه: أن الأمة تختار وتبايع الحاكم برضاها، ولذلك البيعة وإن كانت قد تكون على مرحلتين، فأهل الحل والعقد يرشحون من الذي يرجى فيه الصلاح والخير؛ لأن عامة الناس لا يعرفون من هو الأصلح، فيحتاج إلى ترشيح، ولذلك قالوا: كانت بيعة السقيفة، التي هي بيعة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار نوعاً من الترشيد لمن يكون بعدهم، ثم يأتي بعد ذلك بقية المسلمين إما أن يقبلوا أو يرفضوا، لكن لا تتحقق البيعة ولا يكون الخليفة خليفة إلا إذا بايعته عامة الأمة. إذاً: البيعة هي صاحبة عقد البيعة، ومن الذي يعقد؟ الشعب هو صاحب العقد، وعقد البيعة هذا يثبت أن الشعب هو صاحب الحق، وأن الخليفة ما هو إلا وكيل ائتمنه صاحب الحق الأصلي، وهو عامة المسلمين. إذاً: المبدأ الأول مقبول عندنا شرعاً، وهو: أن يختار الشعب حكامه. المبدأ الثاني: أن يشاور الحاكم شعبه: وهذا واضح، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159]، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، ولا يستبد بالأمر من دونهم، ومعناه: أن يرجع ليعرف رضا هؤلاء الذين وراءه. المبدأ الثالث: المراقبة للحاكم: يعني السلطة تتحقق بأن يختار الشعب الحاكم، وبأن يشاور الحاكم هذا الشعب، في أن يراقب الشعب هذا الحاكم، والمراقبة عندنا اسمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي مفوضة للأمة كلها، وقد أمر الله بها الأمة بأكملها.. راقبوا أي منكر يكون، في أي موقع كان، وأينما كنتم، «فمن وجد منكم منكراً فليغيره بيده» إن كان من أهل الولاية على ذلك المنكر، كالرجل في بيته، أو الرجل في مصنعه، أو في مزرعته، أو ولي الأمر في مدينته، أو ولي الأمر في البلاد بأكملها التغيير باليد من حقه، «فإن لم يستطع فبلسانه» يكون التغيير باللسان عن طريق النصح، أو عن طريق الشكوى، أو عن طريق استنفار الناس {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء:148]، لا تجهر لكن إذا ظلمت، إذا وقع فاجهر من أجل أن تجد لك أعواناً وأنصاراً. إذاً: التغيير باللسان حق للأمة، سواء كان هذا في قرية من القرى، أو مدينة من المدن، في مركز أهلي.. في مركز حكومي كبير أو صغير، ما دمت قد رأيت هذا المنكر فانه عنه بيدك إن كنت صاحب سلطة وولاية، وإن لم فبلسانك؛ فإن لم فبقليك وذلك أضعف الإيمان. إذاً: المراقبة حق مشروع للأمة بحق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحقيقة أنه ليس حقاً إنما هو واجب؛ لأن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب وليس حق من حقك أن تمارسه أو لا تمارسه، إذا لم تمارسه لعنك الله، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79]. المبدأ الرابع: حق الشعب في مقاضاة الحاكم إذا ظلم أو اعتدى: وفي ذلك يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} [النساء:59]، فإن تنازعنا في شيء مع الحاكم الذي هو ولي الأمر نتحاكم إلى شرع الله، لا يوجد أحد فوق الشريعة، لا يوجد أحد فوق الدين، لا يوجد أحد كلامه فوق كلام الله، الكل تحت الشريعة، الكل يخضع للشريعة، من الخليفة إلى آخر إنسان. إذاً: مقاضاة الحاكم حق، بل واجب عند واقع الخلافة أن يقع تقاضي ويجب عليها أن يستجيب، وهنا لما نتكلم عن القضاء سنحتاج إلى الكلام عن القضاء المستقل الذي لا يتحرك بالتلفونات وبالإشارات، ولا إذا جاءك الغريب عليك به، وإذا جاءك فلان فانتبه له. فهو مرتبط بأمر آخر وهو القضاء المستقل. المبدأ الخامس: حق الشعب في عزل الحاكم: وهو مبدأ مستنبط ومستنتج من مبدأين سابقين، وهما: أن الشعب صاحب الحق في التعيين، وهو الذي عقد، فإذا أخل الحاكم بالعقد وشروط العقد يصبح من حق الشعب أن يعزله وأن يخلعه، أو أصبح عاجزاً لا يستطيع أن يقوم بالواجب، وقد تكلم العلماء في هذا، وقالوا: إذا لم يقم بالشروط الواجبة على الحاكم فيجب عزله، لكن اشترطوا ألا يؤدي ويسوق هذا العزل إلى فتنة تراق فيها الدماء، ويأتي منكر أعظم من المنكر الذي كنا نشتكي منه. لكن - وهذه نقطة في غاية الأهمية - الفكر السياسي العالمي، ومن ثم الإسلامي وصل إلى طريقة نافعة جداً لا تحوجنا عند عزل الحاكم إلى حرب ولا إلى فتنة ولا إلى قتال، ما هي؟ قالوا: لا يولى الحاكم مدى الحياة، وإنما يولى لفترة محدودة، وإذا كان رئيس جمهورية وسمح له بفترة ثانية فلا يسمح له بالثالثة حتى لا يجمع إمكانيات البلاد لخدمة نفسه وحكمه، فلذلك الحاكم يحكم أربع سنوات أو خمس سنوات، وقبل أن تنتهي السنوات الخمس لا بد من انتخابات جديدة، وإلا يسقط تلقائياً، ويصبح هو الخارج عن نظام الدولة وعن العقد الذي جرى بينه وبين الناس وهو الدستور.. الذي ينظم مثل هذه العلاقات هو عقد وهو الدستور، فهو يبين المدة، ويبين كيف يكون؟ ويبين من الذي يقوم بهذا؟ وكيف يتم التصرف في هذا؟ وهذه المسألة ناقشتها مع واحد من كبار علماء المسلمين في السعودية، الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، كنت أتناقش معه فقلت له: يا شيخ! مبدأ التوقيت لولي الأمر هل يمكن أن نستأنس له بواقعة حصلت في عهد الصحابة، وهي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل جيوشاً لمحاربة الروم في اليرموك، فاجتمع أحد عشر جيشاً ولكل جيش قائد؛ فتشاورا فيما بينهم من يكون القائد؟ فقالوا: تكون بيننا مداولة، الفترة الأولى لفلان والفترة الثانية لفلان وهكذا، فإذا انتهت فترة الأول تولاها غيره، فقبلوا ذلك، فهل قبول الصحابة بهذا يمثل سابقة لنا نستأنس بها على أننا نحدد؟ قال: يمكن ذلك. إذاً: توقيت المدة يوفر علينا أعباء الخروج، وأعباء الثورات، وأعباء الفتن والحروب.. يوفر علينا هذا كله.. ثم هناك شيء آخر تعارف عليه الناس، والحقيقة لم يوضح جلياً عندنا لكنه يعتبر من الأعراف السائدة في العالم, وهو: إذا الناس انتقدوا رئيساً وقد اختاروه، وقالوا له: أنت أسأت الآن ولم تكتمل فترتك، نحن نريد انتخابات رئاسية مبكرة، فيقر بإحداث انتخابات رئاسية مبكرة، والصناديق بيننا، لكن الصناديق هذه تحتها عشرون خطاً، لا يصح أن ترشح (صالح) ويكتب (قاسم)، أو ترشح (قاسم) ويصعد (مقبل)، فلها شروط وضمانات حتى تكون صحيحة. فنقول أيها الأبناء الأحبة!إذاً: هذه المشروعية في حق الشعب في أن يعزل الحاكم إذا أساء أو عجز، وهذه المبادئ الخمسة تمثل المشروعية التي تسمى: حق السلطة. من هو صاحب السلطة؟ يقال: الشعب. من صاحب التشريع؟ يقال: الله ورسوله، ثم العلماء الذين يعلمون دين الله وشرع الله هم الذين يسألون عن هذا الشرع كما يسأل الأطباء في الطب، ويسأل المهندسون في الهندسة، ويسأل صاحب كل اختصاص في اختصاصه يسأل العلماء في اختصاصهم. معنى المشروعية الثورية وبيان ما تحتمله من حق وباطل: لكن بدأنا نسمع عن كلام اسمه المشروعية الثورية، بداية نريد أن نعلم أولاً أن الحكم لمن؟ فإن قالوا: ديمقراطية للشعب. فهذا لفظ موهم، ولفظ يحتمل حقاً وباطلاً، الحق في أن السلطة للشعب، والباطل في أن الحكم ليس لله، وإنما للشعب. نحن لا نقبل هذا الكلام العام. هذا كلام يجب أن يبين، وفي المصطلحات المستعملة لدينا موقف من العلماء القرآن أسسه، وهو: أن الصحابة الكرام كانوا إذا أرادوا أن ينادوا الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون: راعنا. أي: انظرنا. فكان اليهود يستعملون نفس الصحابة، ويحضرون مع الصحابة، ويقولون: راعنا. وهم يقصدون معنى سيئاً مذموماً مشتقاً من الرعونة، ويفرحون أنهم ينادون الرسول بوصف مؤذي، فأنزل الله قوله: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا} [البقرة:104]، نهى عن القول، نهى عن استعمال هذا المصطلح، {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا} [البقرة:104]، أي: لا تقولوا هذا القول الذي فيه معنيين يحمل حقاً ويحمل باطلاً، وقولوا اللفظ الذي يدل على المعنى الصحيح، {وَقُولُوا انظُرْنَا} [البقرة:104]؛ فأصبح هذا أساساً عند المسلمين أننا إذا أردنا أن نستعمل مصطلحاً فلا بد أن نستعمل مصطلحاً صحيحاً يدل على المعنى الصحيح.. لفظ صحيح يدل على المعنى الصحيح، فإذا أردتم الشورى فقولوا شورى، فإذا أردنا أن نقول دولة تحكم بالديمقراطية بمعنى الشورى نسميها الاسم الصحيح لنتجنب المعنى الآخر المحذور، فنقول: نريد دولة إسلامية شوروية -في هذا الباب- فإذا أردنا بالمدنية التحضر والتقدم والعمل المؤسسي فليس هذا هو المعنى الصحيح للمدنية، المعنى الصحيح للمدنية هو: ضد النظام الإقطاعي، ضد النظام العسكري، ضد النظام الديني، أي شيء له صلة بالله مرفوض عندهم، وهو نظام علماني، فلماذا أنا أستعمل لفظاً يحمل معنيين؟ ماذا تقصد منه؟ أقصد الحضارة وأقصد التقدم؟ إذاً: استعمل لفظاً يدل على هذا المعنى، فنقول: نريد دولة إسلامية. ولا بد أن ننطق بكلمة: إسلامية. فلسنا كفاراً نحن مسلمون، نحن ندين بدين الإسلام {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]. والعجيب أيها الإخوة الأحبة! أن أوروبا التي قالت بأن المدنية هي الدولة اللادينية.. العجيب بأنهم يسمحون بقيام أحزاب تعلن عن نفسها وتقول: الحزب المسيحي. ولا يقولون: إنه مخالف. بينما نحن لو قلنا: الحزب الإسلامي. صاحوا وعولوا.. أوروبا ممتلئة بالأحزاب المسيحية، بل ثلاثة عشر دولة من دول أوروبا الصليب في أعلامها، والصليب علامة دينية مقدسة عندهم، ولا يجدون في ذلك خلالاً ولا عاراً، وكذلك في أمريكا، الإنجيليون الجدد الذين حكموا أمريكا أيام بوش -وهم قاعدة كبيرة- يقولون: نحن الإنجيليون الجدد، ونحن نستحي أن نقول: نحن مسلمون؛ فلذلك لما نقول: نحن دولة إسلامية، تريد أن تقول مدنية فقل: حضارية، تريد أن تقول ديمقراطية، فقل: شوروية، تريد أن تقول حداثية حديثة، نقول لك: الحداثة قد ورد استعمالهما في بلاد العرب في الخمسين الأخيرة بمعنى اللادينية، لماذا تورد أسماء كلها فيها اعوجاج، قل المعاصرة. فإذا أعلنا قلنا هذا: نريد دولة إسلامية حضارية شوروية معاصرة. تحققت المعاني التي يريدها الجميع، ونكون خرجنا من هذا الإشكال. وهذا هو المعنى الأول وهو التشريع للدين. المعنى الثاني: الحكم: لمن الحكم؟ نحن قلنا: إن الأساس في الشريعة جعلت الشعب كله، والناس جميعاً هم أصحاب الحق في ممارسة هذه الأمور، ودستورنا القائم ينظم هذا على أحسن ما يكون، ولذلك كنا نقول وما زلنا وغيرنا أيضاً يقول ذلك: الدستور اليمني من أحسن الدساتير، لكن المشكلة في عدم تطبيقه، وفي عدم تنفيذه، كان يقول الرئيس علي عبد الله صالح لبعض الناس الذين يطمئن إليهم: أنا الدستور.. أنا القانون. عطله! كما رأينا بأعيننا وسمعنا بآذاننا في المقابلة مع أحمد منصور في الجزيرة، وهو يتكلم عن الجيش، الدستور يتكلم أن الجيش وظيفته حماية البلاد والدفاع عنها، وهو يقول: الجيش لا مهمة له، وظيفته الاستعراض وقمع الشعوب، وحماسة الكرسي. والله لا هو موجود في دستور ولا موجود في قانون، ولكنه أعطى الجيش وظيفة من رأسه، وبالفعل ينفذ هذا، ويوم أن قال هذا الكلام وسمعه العالم، ما قام أحد فقال له: أنت غلطان وأنا أحتج عليك؛ لأنه يعرف أن هناك قناصة، وهناك أمور أخرى تنتظره. فأقول: كما غير مواد في الدستور، بل ووضع تعديلات دستورية توافق مراده وتتناسب مع مقاييس الأمر الذي يريد. دستورنا ممتاز راقي جداً، من أرقى الدساتير ومن أحسنها، يضمن كافة الحقوق وقابل للتجديد؛ لأنه يضع قواعد للتجديد وللتغيير وللتبديل وللإضافة الحذف، وكنا نظن أن الدستور سيحترم، وينتقد على الإضافات الدستورية التي أدخلها الرئيس مخالفة لرأي الناس، لكن وجدنا أن هناك من يقول: نريد دستوراً جديداً وإلغاء هذا، لماذا تبديل، هذا الدستور يضمن كل الحقوق، وكل أسباب التقدم والنهضة والحضارة، وينظم حقوق الفرد، وحقوق الدولة، وينظم العلاقة بين السلطات الثلاث، ويتكلم عن استقلال القضاء، ويتكلم عن استقلال السلطات.. دستور من أحسن ما يكون! هل تعلم أنه في الدستور: لا تستطيع الدولة حتى لو كان رئيس الجمهورية أن يعتقلك أكثر من أربع وعشرين ساعة، لا يستطيع، رئيس الجمهورية لو أراد أن يعتقلك أكثر من أربع وعشرين ساعة إلا أن تكون متلبساً بجريمة، رأوك وأنت تقتل شخصاً، في هذه الحالة أنت متلبس بجريمة. أما غير ذلك فلا يقدر، له أربعة وعشرين ساعة ثم يبلغ النائب العام ليأتي النائب العام لينظر في قضيتك هل تحبس أو لا تحبس؟ فإن كنت تستحق الحبس فيبقيك سبعة أيام فقط، ولا يجوز للنائب العام أن يعتقل أحداً إلا سبعة أيام، ثم يحيلك إلى المحكمة، ويجب على النائب العام أن يبلغ أولياءك أنك قد حبست، من أجل أن ينظروا في قضيتك، ويدافعوا عنك، فإذا لم يفعل فحبسك باطل خارج القانون. قولوا لي: كم في داخل الشعب مساجين خارج القانون؟ كم كم كم.. الطارف يحبس. هذا هو الدستور، لكنه سيف بيد عجوز، الدستور صح، لكن من عدم اطلاعنا على الدستور، وكلامنا في أمر لا نعرفه أصبحنا نصب غضبنا على ما فيه نفع لنا وخير لنا، ثم هذا الدستور تميز من بين دساتير المسلمين في العالم أنه دستور يحمي الهوية الإسلامية ويحافظ عليها، حتى بدأنا نشعر أن المقصود الهوية الإسلامية؛ لأنه يقول: اليمن دولة عربية إسلامية. المادة الأولى. المادة الثانية: الإسلام دين الدولة الرسمي. واللغة العربية اللغة الرسمية. المادة الثالثة: الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات. ثم مواد أخرى كثيرة موجودة في هذا الدستور مبثوثة في أماكنها وأبوابها تحمي الدين وتحمي الإسلام وتدافع عنه، وهو يأتي يقول: ألغه! طيب ألغيناه. قال: مبادئ الثورة وأهدافها ماذا تريدها، قال: مدنية ديمقراطية حديثة. الله الله الله! أين الإسلام؟! سقط الإسلام! أنا متأكد أنا الشباب المعتصمين ما قدموا دماءهم ولا رءوسهم ويريدون الشهادة في سبيل الله أنهم يريدون غير الإسلام، لا والله! ولكنهم شباب صغار واثقين بمن يوجههم ويطمئنون لما يقال لهم، فيرددون ما يقال لهم بدون روية، وقد حدث شيء من الاستعجال ولم يرجعوا في ذلك إلى العلماء، ولو فعلوا ما أمرهم الله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7]، ما وقعوا في هذا الغلط. وحققوا ما أمر الله في قوله: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83]، فمن قال: أنا سأشرع خيراً من شرع الله فهو كافر، أو من قال: أنا لا أقبل شرع الله فهو كافر، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].. {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36]، فالشرعية بهذا المعنى معلومة معروفة. وقد تكلمنا عن قضايا ووصلنا إلى المشروعية الأخرى بمعنى أن السلطة للشعب، وهو العنصر الثاني في الديمقراطية، وقلنا إن هذا مبدأ يمكن أن نجد نصوصاً كثيرة تستقيم مع هذا المبدأ وتكلمنا عنه. الموقف من الرئيس بسبب ما يحدث في ساحات الاعتصام في اليمن : والآن نبدأ بالقضية القائمة الآن، وهي: أن رئيس جمهورية احتج عليه الناس، اعترضوا على طبيعة حكمه، ثم اعتصموا في الميادين، وقالوا: سلمية؛ فكان الجواب قتل لهؤلاء، لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك إلا جاهل لم يعلم ولم يكن حاضراً ولم يسمع.. وإلا فقد تعرض المعتصمون في جميع ميادين الاعتصام للقتل، هذا جور.. هذا ظلم.. هذا عدوان، واجب الحاكم أن يحميهم لا أن يقتلهم، وهو يقول: "قد أمرنا بحماية المعتصمين"، لأنه يعرف ذلك، لكن عملياً القتل، فازدادت ثورة الناس، لما رأوا أبناءهم يقتلون بغير حق، بل الجيش نفسه رفضها، وانشق عن الجيش، وتخلى عن الجيش الذي يفعل هذا الفعل، والموظفون وكثير من المسئولين والقياديين ووزراء، وموظفون في السلك الدبلوماسي، سفراء في الخارج، وأعضاء مجلس نواب، وأعضاء مجلس شورى، فضلاً عن الكثير من العلماء ومشائخ القبائل، ازدادت المعترضون على هذا الأسلوب وعلى هذا القتل والمحتجون عليه، وما زال في تصاعد، قتل قتل قتل.. حتى وصل إلى درجة الإبادة، والإزالة، والإحراق، كما حدث في تعز، والتآمر على هؤلاء لولا أن الله قيض جنداً من الجيش في الفرقة الأولى تحمي وتدافع عن هؤلاء المعتصمين في صنعاء، وإلا كان جرى لها ما جرى لتعز، وربما كان يمكن أكثر، لكن بفضل الله سبحانه وتعالى وجد من يحميهم. ثم استمرت هذه المواجهات إلى أن تصاعدت هذه الأعمال والعداوات ووصلت إلى درجة غير معقولة، فبدأ بعض العلماء يقولون: الحاكم يعزل إذا لم يفِ بشروط ولايته، وقرروا أن الرئيس علي عبد الله صالح لم يوفِ بشروط ولايته، وهي: حفظ الدين، وحفظ الدماء، وحفظ العقل، وحفظ الأموال، وحفظ الأعراض، وهي المقاصد الخمسة التي تدور عليها الشريعة، الكليات الخمس. ووجدوا تقصيراً كبيراً في الواجبات الدستورية التي عليه، ووجدوا ملاحظات كثيرة فقالوا: الرئيس لا يستحق أن يكون رئيساً، ثم تصاعد الأمر وازداد حدة حتى بلغت المواجهات الدامية حداً كبيراً وصل إلى دار الرئاسة ووصل إلى المسجد، ووصل إلى رئيس الدولة نفسه، ووصل إلى أركان حكمه، وأصبحت البلاد اليوم ليس لها قيادة، أين الرئيس؟ في الخارج يتعالج، وتأتي الأخبار متضاربة، فأخبار تقول: الرئيس يتحسن حاله ويتقدم، وسيأتيكم بعد أيام، وأخبار تقول: حالته سيئة وتزداد سوءاً، ولم يقابله أحد من الناس إلا الملك عبد الله. الأخبار تقول هكذا، طيب والشعب اليمني ما حاله؟ الرئيس قبل أن يغادر كان قد تقدم بمشروع يقول فيه: أنا سأوجد حلاً لهذه المشكلة القائمة، الصراع هو حول رئاسة الجمهورية أنا مستعد أتنازل، وكان قد أعلن أنه مستعد لأن يتنازل، وأعلن أنه مستعد أن يسلمها في ساعات، ولكن أريد أن أسلمها إلى أيدٍ أمينة، وقال: وأنا مستعد أن أجري انتخابات مبكرة للرئاسة، وألتزم بأني لا أرشح نفسي فيها، ولا أحد من أولادي، يعني لن أورثها ولن آخذها. طيب! وهو الآن غائب، فلماذا لا نخرج من مشكلتنا هذه، كيف؟ الحلول الدستورية في حال غياب الرئيس: نقول: بغياب الرئيس هناك دستور ارتضاه الجميع، وقبله جميع أبناء الشعب اليمني وهو ملزم لهم؛ لأنه عقد بينهم وبين بعضهم بعضاً وبينهم وبين الحاكم، يبين هذه القضايا وكيف تحل، والدستور يعطي حلاً سريعاً ممتازاً يرضاه جميع أبناء الشعب، ما هو؟ صاحب الحق في اختيار الرئيس هو الشعب، بل هو واجب عليه، إذاً: نعيد الأمر إلى صاحب الحق، هذا كلام مقنع للناس جميعاً، ومرضي للناس جميعاً، وأي حل غيره أن تأتي فئة وتقول: لا أنا من سيعين لكم الرئيس، أو أعين لكم من يحكمكم، ستأتي فئة أخرى وتقول: لا أقبل من عينت، وستأتي فئة ثالثة وتقول كذا، وتأتي رابعة.. وضاع الناس ودخلوا في فوضى ضاربة. فليس معنا إلا هذا الطريق الدستوري، وهو أن الدستور يقول: إذا غاب الرئيس أو قدم استقالته فيتولى الأمر نائبه، والنائب عليه أن يشكل حكومة تعينه على إدارة شئون البلاد، بالتعاون مع سائر القوى، وتعينه على إجراء انتخابات في خلال ستين يوماً لكي يختار الشعب الرئيس الجديد. فإذاً: الأول: عندنا الرئيس مريض ولا ندري متى يبرأ، ونسأل الله أن يكتب الشفاء للمسلمين جميعاً. والثاني: هو غائب عن البلاد. والثالث: أركان حكمه كلهم تضرروا معه. والرابع: أنه يقول: أنا موافق على انتخابات رئاسية مبكرة. والخامس: أن الدستور يقول: إذا غاب الرئيس فيقوم النائب بالإشراف مع حكومة مؤقتة على انتخابات حرة ونزيهة لاختيار رئيس جديد. إذاً: الشريعة الدستورية الآن تتمثل في النائب لوظيفة مهمة ودور مهم، وهو: أولاً: الإشراف على انتخابات حرة ونزيهة لرئيس قادم جديد يمثل الشعب، الشعب يختاره: أليس هذا مرضياً للناس، ويعطي الحق لكل أبناء اليمن؟ فلا يجوز لفئة من الناس أن تفرض نفسها على شعب اليمن، ولا يحق لها ذلك، وهذا عقد بين الجميع، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، وهو حل مُرضي لجميع الناس، والذي سيخالفه سيكون مخالفاً للشعب اليمني كله. إصلاحات السجل الانتخابي من الناحية الدستورية: فإذا تم ذلك ستأتي لنا مشكلة، وهي الوقت: هل سيكفي الوقت الذي هو محدد في الدستور -شهرين- لإجراء هذه الانتخابات، خاصة والشكوى من زمن الرئيس على عبد الله صالح أن أدوات الانتخابات كلها فاسدة؟ فالسجل الانتخابي الذي فيه أسماء من يحق لهم الانتخاب سجل مزور. أخبرني نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات في فترة سابقة المهندس عبد الله الأكوع، وأراني السجل الانتخابي، فقلت له: أيش عندك؟ قال: شكلنا لجنة من المؤتمر ومن الإصلاح ومن سائر الأحزاب لتشرف على السجل الانتخابي في فترة من الفترات قريبة، فوجدنا أن هناك أربعمائة ألف اسم مكرر خماسي! من أجل أن يكون لهذا الاسم الحق في الانتخاب، ويوزع على الدوائر التي ليس فيها أغلبية. الثاني: تسعمائة ألف هم الذين لهم أسماء ثلاثية مكررة! فأنا اندهشت من هذا، فقال: لا تندهش، فأنا أريد أن أريك من الذين لهم حق الانتخابات، فأخرج ملف صور لبطاقات انتخابية فاستعرضتها فكلهم أطفال رضع، فقلت له: ما هذا؟ فقال: هذا هو الموجود وهو الموثق لدينا، ثم أراني صورة لآخر له بطاقة انتخابية للانتخاب، وإذا بها صورة (حمار)! استخفاف بالشعب. فقلت له: ماذا بقي من العجائب؟ قال: (أبو ولد) ماركة البسكويت له بطاقة انتخابية! فأنا أقول: هذا السجل الانتخابي مراجعته تحتاج إلى وقت، ثم الآن الذي كان في تلك الفترة في آخر انتخابات الذي كان عمره صغيراً قد كبر، فالذي بلغ سن الثامنة عشر أعداد كبيرة من الشباب يحق لهم التسجيل، وهذا كله يريد مزيداً من الوقت، فلكي يصحح هذا السجل الانتخابي، ولكي تفتح الباب للتسجيل لمن لهم الحق في الانتخاب يحتاج إلى وقت، فالدستور عندما قال: ستون يوماً. قاله على أساس أن كل شيء مرتب، وأن السجل الانتخابي مجهز، وأن الأوضاع منضبطة. ثم اللجنة العليا للانتخابات: لا بد من وجود تفاهم بين القوى السياسية لكي يرتضوها، ثم قانون الانتخابات نفسه يحتاج إلى الاتفاق عليه، وهذا يحتاج إلى وقت، فالدستور عندما قال ستون يوماً، حددها على أساس أن هذا كله قائم وصحيح، فالمشكلة هذه إذا كانت ستحتاج إلى وقت أكثر من المحدد فيتشاور الناس ويتباحثوا فيما بينهم، ويعطوا مدة لهذه الحكومة المؤقتة، وللنائب أثناء حكمه المؤقت ثلاثة أو أربعة أشهر زائدة عن المدة والتي توصلهم إلى ستة أشهر لكن بالتوافق، ومع ضمان السير والسرعة في ذلك. فإذا فعلنا ذلك بدأنا بالبحث عن الرئيس الجديد، وكل يرشح من يراه أهلاً للمنصب، والشعب يختار، فقدم مرشحك ولا تفرضه على الشعب اليمني كله، وتقول: (إما أن تسير على ما أرى وإلا خربتها عليك)، هذا تخريب وفساد وظلم، ونبذل قوتنا للسير في الطريق الصحيح وليس في الطريق الذي يفسد أحوال البلاد. أقول: فكل جهة من الجهات سوف تبحث عن مرشح يخدمها، أمريكا تبحث عمن يخدمها، وغير أمريكا كذلك، والقوى السياسية المختلفة تبحث عمن يمثلها، وهكذا. لكن هذا الحق هو حق للشعب اليمني، فاجعلوا الشعب اليمني هو الذي يختار من يخدمه، وأنت أقنع الشعب اليمني بأن يختار من رشحته، أو غيرك يقنعه، ونسير في الطريق، فإن أصبنا في اختيار الرئيس فهذه نعمة عظيمة، وأنا متأكد أن الأمر إذا قام على انتخابات حرة ونزيهة من قبل الشعب كله؛ فأنا متأكد أن الشعب لن يجتمع على شيء أعوج أو على شيء خطأ، خاصة إذا وجدت الحريات وكل واحد يتكلم كما يريد، وكل من قدم نفسه نطلب منه برنامجه، وماذا سيفعل، وإذا تنافس اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة تكون هناك مناظرات في التلفزيون، نسمع من كل واحد منهم كيف سيحكمنا، ويزوروننا ونتناقش معهم ونكون مثل الناس، ثم من نراه أهلاً لثقتنا أعطيناه صوتنا، ولن يصعد إلا وهو يريد أن يرضي هذا الشعب وهذا الجمهور. ثم هو بدوره يشرف على انتخابات حرة ونزيهة لانتخاب مجلس نواب، ثم إذا وجدت تعديلات دستورية من قبل هذا الرئيس المنتخب وحكومته يجلس إلى الناس ويسمع من هؤلاء ويسمع من هؤلاء حول التعديلات الدستورية، لكن نشترط شرطاً كلنا من الآن نشترط أن المواد الإسلامية الموجود في الدستور يجب أن تجمد وتكون ثابتة وغير قابلة للنقض ولا للتعديل؛ لأن الإسلام غير قابل للنقض ولا للتعديل. يكون هذا من شروطنا على الرئيس الجديد: أننا لن نختارك إلا إذا كانت المواد الإسلامية ثابتة وجامدة وغير قابلة للنقض، ولا نختارك إلا إذا كنت ستحكمنا بالعدل، ولا نختارك إلا إذا... وإذا... وكل فرد يتكلم، ومن اختاره الشعب هو الذي يكون ولمدة مؤقتة أربع سنوات أو خمس سنوات كما يتفق الناس، ثم يأتي غيره. هذا طريق أمان وطريق سلام، ويوصلنا إلى بر الأمان. كيفية إعانة العلماء وإيصال صوتهم للناس: هناك قضايا كثيرة جانبية أخرى تكلم البيان عنها وتحدث، وهو بيان علماء، والمطلوب منا يا أبنائي أن نعين علماءنا نوصل صوتهم إلى الناس، ونبلغ فتواهم إلى الناس، فلا يكمن أن يجتمع هؤلاء العلماء على ضلالة، وهم الذين أمرنا الله أن نرجع إليهم، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]، فنعينهم على هذا. وكيف نعينهم؟ نحن نريد منكم وممن يسمع هذا الكلام ممن له غيرة أن ينقل هذا إلى كافة أبناء الشعب، ينشره يبينه يدافع عنه يوضحه، يبين أنه الطريق السلمي الصحيح الذي يضمن وحدة اليمن، ويضمن دينها، ويضمن استقرارها وأمنها، ويكون ملزماً للناس، وسبباً لجلب اعتراف الدول كلها، لا نحتاج إلى أن تعترف بنا الدول لأنه قائم على دستور.. لا تحتاج السلطة في أي دولة أن تجري انتخابات أن يعترف بها من جديد؛ لأنها قائمة على طرق دستورية، لكن أي شيء غير دستوري هو الذي يحتاج إلى اعتراف، وبعض الدول الآن تقول: أي كيان سيقوم على غير الدستور لن نعترف به، أما عندما نسير على وفق الدستور فلا نحتاج إلى أحد يعترف بنا. هذا دستورنا، وهذا الذي اتفقنا عليه، وهو الذي نمشي إليه. فنريد منكم يا شباب أن تتوكلوا على الله، وأن تعتمدوا على خالقكم وربكم وأن تصدقوا النية، في أن تبذلوا جهودكم في هذا السن لتوضيح هذا الأمر إلى شعبكم. أحسن أداء هو أداء الشخص في منطقته، لماذا؟ لأنك في منطقتك تجد أولاد عمك وأولاد خالك، وجيرانك، وتعرف تاريخهم ويعرفون تاريخك، فلا أحد يستطيع أن ينكرك أو يقول: من أين أتى؟ أو هذا أرسلوه اليهود إلينا أو أرسلوه إلينا من بلاد أجنبية! فلا يوجد أحد يستطيع أن يتهمك؛ لأنهم يعرفونك ويثقون بك ويطمئنون إليك، ويعرفون خلقك ومنطقك فيقبلون منك، فلذلك أحسن أداء هو في الأقربين، {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214]، لذا كان تبيين الأمر للأقربين هو الأقدم والأولى. ثم هو في منطقته يعرف الصالح والطالح ويعرف كذا وكذا.. معروف ويعرف، فيختصر في عشرة أيام ما لا يتم إلا في شهرين أو ثلاثة، وكما يقال: (أهل مكة أدرى بشعابها). فلذلك يا أيها الأحباب وفقنا الله وإياكم شمر وانطلق إلى بلادك. ما الذي جئت به؟ أنا جئتكم ببيان علماء اليمن، هذا براءة للذمة، إذاً: أخبرنا ماذا قال علماء اليمن؟ فقل لهم ما قال العلماء، وهم سيسألون ويستفسرون ويستوضحون. إلى هنا أكون قد ذكرت المواضيع الضرورية، وأي شخص له استفسار يتفضل. تساؤلات بين يدي الشيخ الزنداني والإجابة عليها .. السؤال: يا شيخ أنت تعرف ما قامت به بعض القنوات الرسمية من تشويه لهيئة علماء العلماء اليمن وخصوصاً أنت، فالذين هم من أتباع النظام مثلاً في منطقتي يقول بعضهم: من تابع قناة (سهيل) أو (الجزيرة فهو كافر)، هذا يا شيخ وهو موجه مادة الإسلامية في المدرسة النموذجية في المديرية، فمثل هؤلاء الناس كيف سنتعامل معهم، ونوضح لهم بيان علماء اليمن، وهم يعلمون أن رئيسهم هو الشيخ عبد المجيد وقد شوهت صورته عندهم؟ الجواب: هناك كثير من الإخوة للأسف الشديد وقع عندهم التباس حول مواقفي واستغراب، والسبب في ذلك الهجوم الشديد الذي تعرضت له من القنوات الرسمية، والأكاذيب؛ فقد بلغ بهم الأمر أن بعضهم يطلق أنه حضر دفني. وطلقت امرأته! ما الذي بينه وبين امرأته حتى يطلقها؟ ما ذنبها المسكينة؟ هذا من الجهل. ما السبب؟ التشويه. فأقول يا أبنائي ويا إخواني: الأمر لا بد أن يتضح لكم، ولمن وراءكم، ولمن سأل هذا السؤال: الرئيس كان يطمع فيَّ أن أكون أداة بيده في حق أو في باطل، وكان يظن أني يمكن أن أسير في هذا الاتجاه. أظن هذا والله أعلم! وهو يعلم مني أني صريح، وأني إذا رأيت شيئاً أمامي غير صحيح أقول: هذا غير صحيح وأنكره، وأتكلم بوضوح في كثير من الأمور، ولكني كنت أقول الحق وأستخدم اللين وأوري لكي يقبل هذا الحق، فقال لنا في يوم السابع والعشرين من رمضان الذي مضى: إنه يريد من العلماء الحضور إلى مسجد الصالح بعد صلاة العصر، وستجتمع جمعية علماء اليمن وسيجتمع.. وسيجتمع.. فيجب أن أصلي العصر في مسجد الصالح؛ فصلينا العصر، فجئت متأخراً قليلاً والناس قد ارتضوا في الصفوف، فأردت أن آخذ مكاني في الصف الثاني، فالمنظمون دعوني إلى الصف الأول. صليت ثم وجدت بجواري متسعاً، ثم أتى الرئيس وكنت أنتظر أنه سيجلس فوق كرسي، فأتى وجلس في المكان الذي بجانبي، فجاء الدور علي فتكلمت، والحمد لله سجل الكلام ونشر، فلما سمع العلماء تكلموا قال: أنا سأشكل لجنة من العلماء المرجعية، تكون مرجعاً لأهل اليمن جميعاً في كل شئونهم، وفي كل القضايا، أعلن الأسماء وكان اسمي أول اسم، وكانوا أحد عشر اسماً، ونحن في الحقيقة فرحنا واستبشرنا أنه يريد أن يرجع في أمور البلاد كلها إلى الدين وإلى العلماء، وبعد الاجتماع شكرناه على هذا، وقال: اذهبوا وانتخبوا رئيساً، وشكلوا لكم لائحة داخلية، وبينوا كيف ستديرون أموركم. فذهبنا وعقدنا اجتماعاً، وقلنا: العلماء إذا أرادوا أن يتكلموا في أي ميدان لا بد أن يكون معهم خبراء.. خبراء في السياسة، وخبراء في الاقتصاد، وخبراء في القضايا العسكرية، وخبراء في القضايا الإدارية، نحن نريد مجلساً بجوارنا اسمه مجلس خبراء كما هو موجود في المجامع الفقهية في العالم، قال: حسناً. ثم لم نشعر إلا وهو يطلب طلباً معيناً، يقول: أنا أريد منكم فتوى في كذا كذا. قلت له: إن شاء الله لكن أنت دعوتنا لكي نتكلم في كل قضايا اليمن، وأنت قلت لنا بأن نتكلم عن كذا وكذا، وكذا وكذا، ونحن مستعدون، قال: نعم. أنا أعرف صحيح. فأنا في الحقيقة توجست خيفة، وشعرت أن ما حصل كان فقط ليستخدمنا في فتوى معينة في قضية معينة وشكر الله سعيكم. فقلنا له: أيها الرئيس نحن كذا وكذا وأن هذا مما لا بد منه، اجتمع تسعة من الأحد عشر وغاب اثنان واختاروني رئيساً بالاقتراع السري؛ لأن كل واحد كان يرميها على الثاني ولا أحد كان يريدها، فاتفقنا على الاقتراع السري، ومن وقع عليه الاختيار عليه أن يتحمل، فوقع الاقتراع وحزت على سبعة أصوات من التسعة، والرئيس أعجبه الأمر. وجاءت هذه الأحداث وتأزمت الأمور، فعقدنا مؤتمراً لهيئة علماء اليمن، ونحن منذ شهرين ونحن في هيئة علماء اليمن ونحن ندرس التطورات الجارية، في النهاية قلنا لا بد من عقد مؤتمر، فعقد المؤتمر وتكلمنا فيه بما يجب أن يكون حتى نجنب اليمن ما وقعت فيه تونس ومصر، وأعطينا في المؤتمر نصائح في كل الجوانب، وشكلنا لجنة للمتابعة من عشرين شخصاً لمتابعة هذه التوصيات، ومن المعنيين بهذه الأمر الرئيس، وقالوا لي: بلغ الرئيس أننا نريد اجتماعاً. فذهبنا إلى الرئيس وقدمنا له الورقة التي فيها قرارات المؤتمر وتوصياته، فقال: من هؤلاء؟ قلنا: هؤلاء هم هيئة علماء اليمن، قال: من هم؟ قلت: هؤلاء هيئة علماء اليمن الذين اجتمعوا وأفتوا ضد التدخل الأجنبي، وقالوا: إن دخل أحد اليمن فالجهاد فرض عين. وكفى اليمن بهم المؤامرة على اليمن كلها، وكانوا قد أعدوا مؤتمر لندن لإيجاد ذريعة للتدخل في اليمن، وجعل اليمن تحت الوصاية، فقال: أنا لا أعترف بهم! أنا أعترف بجمعية علماء اليمن. وجمعية العلماء نحن نعرف أنها رسمية جداً جداً، لا تجتمع إلا بأمر رسمي، ولا تنطق إلا بأمر رسمي، وفق أمر رسمي، وأنا مشارك فيها، ولذلك أعرف ما يتم، وتمر باليمن أحداث كبار سواء في الدين مثل قضية سب الرسول وسب الله تعالى، ولا تتكلم جمعية علماء اليمن، وكأن الأمر لا يعنيها، أو قضية فلسطين، أو قضية الغلاء في البلاد الذي يطحن الفقراء، أو المشاكل، حتى يأتي الاتصال، وبعض الأحيان يأتي الاتصال ونحضر وأتكلم وأعمل تصوتياً ونحن في الجلسة؛ أقول: يا مشايخنا يا إخواننا يا علماءنا أنت موافقون على أن القرار يكون كذا؟ الموافق على هذا القرار يده، فمعظم الحاضرون يرفعون أيديهم، ثم النهاية لا يطبق أي شيء مما تم الاتفاق عليه. فقلنا: إذا نحن حبسنا أنفسنا مع جمعية علماء اليمن وهي تدار بهذا الشكل من قبل ضابط في الاستخبارات، فمن باب {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]، و{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، إذا وجدنا قضايا كبيرة. فقال: أنا غير معترف بهيئة علماء اليمن، وأنا معترف فقط بجمعية علماء اليمن، وبلجنة العلماء المرجعية، فقلت في نفسي: قد فتح الله لنا باباً في لجنة العلماء المرجعية، فاتفقنا على أن نأتي له برأي لجنة العلماء المرجعية، فحددنا الموعد بعد العصر، ومن بعد العصر إلى بعد المغرب ونحن نتحاور معه بكل وضوح وبكل صراحة، قال: أنا موافق على السبع النقاط التي معكم، واكتبوا عليها الثامنة رفع الاعتصامات والمظاهرات، فقلنا له: رفع الاعتصامات والمظاهرات لا يحق لك؛ لأن هذا أمر شرعي، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وهو أمر دستوري أنت أقسمت عليه، فلا يحق لك، ويجب عليك أن تحميه، قال: لا. اكتبوها على أنها طلب مني، قولوا للمعارضة وللناس الذين تتكلمون معهم: أنا هذا طلب الرئيس، ولهم أن يطرحوا أي طلب يريدوه، قلنا: لكن نحن غير موافقين عليه، فقال: حتى ولو كنتم غير موافقين عليه لكن هذا طلبي اكتبوه. فكتبناه. بعد أن كتبناه ذهبنا إلى المعارضة واجتمعنا بهم، وقلنا لهم: إننا اتفقنا نحن والرئيس على هذه، فلما رأوها قالوا: شكر الله سعيكم! كل هذا الذي اتفقتم مع الرئيس عليه كلها واجبات دستورية على الرئيس يجب أن ينفذها، قلنا: لكننا رأينا أنها مهملة، وأنها غير مطبقة، وشددنا على تطبيقها، فقالوا: ونحن أيضاً معكم موافقون عليها، وإن كنا نعرف أنها واجبات عليه، قلنا: إذاً ماذا تريدون؟ قالوا: لدينا خمس نقاط، وذكروا النقاط الخمس، ومنها النقطة الرابعة وهي: تسليم السلطة في مدة لا تتجاوز نهاية هذا العام (2011)، وهو الذي يضع البرامج كيفما شاء، المهم أنه لا ينقضي هذا العام إلا وهناك رئيس جديد تسلم السلطة له. وكنا في هذه المرة ونحن نتحاور مع المعارضة كان مشايخ القبائل قد انضموا إلينا، وقالوا: أنتم تقومون بواجب كبير يا علماء اليمن ونحن معكم، وحضروا جزاهم الله خيراً وبذلوا وسعهم. وقلنا للمعارضة بأن هذه النقطة الثامنة طرحها الرئيس وهي رأيه الشخصي وليس رأينا، وأمرنا بأن نكتبها على أنها رأيه الشخصي وطلبه. حملنا النقاط الخمس إليه -ونحن نحاول الإصلاح ونبذل فيه وسعنا- وذهبنا إليه، وكان في مقر القيادة العامة، فذهبنا إليه بعد موعد نحن والعلماء والمشايخ، كان علي محسن في ذلك الوقت بجانبه وآخرون وتناقشنا، ثم اتفق الجميع أن الذي يتكلم مع الرئيس هم العلماء، واتفق العلماء أني أنا الذي أتكلم، فبدأت أتكلم مع الرئيس، وقلت له: حصل كذا وكذا وأتينا إليك بهذه الخمس النقاط، وهي كالتالي. فأراد أن يتكلم، وكان الأخ محمد الحزمي حاضراً، ورأى أن الجو يريد بعض التلطيف فتدخل، فقال: أنا أريد أن أتكلم، والأمر في نظر البقية أنهم قد وكلوا أحدهم ولا داعي لآخر لأن يتكلم، فقال الرئيس: خلوه يتكلم.. خلوه يتكلم، تكلم قل. فقال: يا أخي الرئيس المشكلة أن الأمور وصلت بينك وبين المعارضة إلى عدم الثقة. فسمع هذه الكلمة وفز من مكانه، وقال: ما هكذا يكون الخطاب مع الرئيس, وذهب وتركنا، وقال لجنوده: أخرجوهم. لكن أنا لم أسمعه والشيخ صادق ما سمعه، لكن الشيخ صادق لما رأى هبة الرئيس شعر بالإهانة، وقال:"ما عاد جلستكم بعد هذا قوموا"، فأنا قمت وقلت لصادق: يا صادق هذا مصير اليمن اصبر، واصبروا سيرجع، بعد قليل اذهب أنت وراجعه، هي غضبة وسيرجع، ثم قلنا: اذهب يا شيخ إليه، فقام وقال: لن أذهب إلا بك، وأنا أعلم أن الرئيس زعلان مني، فما سبب هذا؟! السبب: أنه دعا العلماء إلى المؤتمر الذي رفع فيه المصحف، وقال لي: لا بد أن تحضر في التلفون، فقلت له: أنا في وفد المصالحة، فلا تجعلني أحضر وأظهر وكأني طرف، فقال: لا بد أن تحضر، وإلا...!! قلت: وإلا أيش غريم؟ قال: أيوه غريم، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. وصلت والناس مجتمعون، وكثير من العلماء موجودين، لكن الأغلبية طلاب علم ومرشدين، ثم بدأ الكلام القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، فتكلم عن ولي الأمر، وهو يريد مني أن أتكلم بكلام، فتكلمت أنا بما دار بيننا حول النقاط السبع، وقلت: والثامنة الرئيس قال لازم ندخلها، ونحن قلنا له بأن هذا لا يحق لك ولا لنا ولا للناس؛ لأن هذا حق في دستوري وحق ديني وشرعي وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. بعد أن قلت أنا هذا الكلام تغير الموقف تماماً، بلغ أجهزة الإعلام بأن تزور كلامي وتدبلجه، وتظهر بعض الكلام وتخفي بعض الكلام، حتى أنه بلغني أن أجهزة الإعلام في الليل قالوا: وقد وقف الزنداني وقال: وأخذوا من كلامي جزءاً ومن خطبة لي جزء آخر، فمن خطبة وأنا أقول: قتل النفس المعصومة حرام حرام حرام، ومن خطبة ثانية وأنا أقول: الاعتصامات والمظاهرات كذا وكذا، فخلطوا الكلام وإذا بي أقول: الاعتصامات والمظاهرات حرام حرام حرام. عجيب! فإن قلت: بأنهم يكذبون علي دخلت في مشكلة أنا والرئيس، وإن قلت: أنا بريء من هذا دخلت في مشكلة أخرى، ثم أتتني الاتصالات من كل أنحاء اليمن من الاعتصامات، وبعض الاعتصامات رفعوا شعار: (والزنداني يرحل)، فقلت: لا والله لا أتركهم يفترون علي الكذب ويلبسون علي، وسأذهب إلى المعتصمين بنفسي، وذهبت إلى المعتصمين، وقلنا لهم براءة الاختراع، وأن الأمر على ما هو عليه، وبينا الأمور على ما هي، ومن هنا الشيخ الزنداني مات، الشيخ الزنداني قطع لسانه، الشيخ الزنداني... إلخ. بعد هذا بقي الرئيس على غضبه، وقال لنا بعد هذا في أثناء مسيرنا ومجيئنا في جلسة من الجلسات ومشائخ القبائل موجودين والعلماء: أنت وراء هذه الثورة ضدي! قلت كيف هذا: قال الفيس بوك، قلت: ما هو الفيس بوك؟ قال: أنت الذي وراءها ووراء الفيس بوك، قلت:"مانا داري أيش الفيس بوك..."، ولا لي موقع فيه، ولا أنا أتعامل معه، قال:"والخيام حق جامعة الإيمان"، قلت:"وهذه بنت عمها أو خالتها"، قال:"أنا داري أيش الخيم". ثم بعض المشايخ وقف وهو الشيخ (ربيش بن كعلان) جزاه الله خيراً من ( نهم- جذعان)، وبرك بين يدي الرئيس وقال:"اسمع يا ريس! ها لو تكلمت على أحد من الشعب اليمني كله كان يمكن نصدقك لكن على هذا عبد المجيد لا لن نقبل هذا الكلام". فقال: الله يسامحه! طبعاً استلمني في تلك الجلسة أنا والإخوان المسلمين، الإخوان المسلمين... والإخوان المسلمين...، وشدد شدد ونحن صابرون. عودة إلى انسحابه وذهاب الشيخ صادق لمراجعته، ورفضت أن أذهب معه لأني أعلم أنه زعلان مني مما حدث، وقال لي ضابط من الضباط الموجودين هناك: لا تذهب. علي محسن كان موجوداً فقال: اصبروا.. اصبروا ووسعوا صدوركم، أنت تخدمون اليمن، وتحولون دون المصائب، وكان هناك أيضاً أحد المسئولين قال: اصبروا. ثم عاد الرئيس وقرأ الورقة، فقال: الخمس النقاط هذه مرفوضة، "ستسيل الدماء إلى الركب". نحن سمعنا هذا الكلام فانكسرت نفوسنا، وجلسنا بعد أن ذهب الرئيس، فقال الشيخ صادق: الأمر جد ما هو سهل، وما زلنا غير يائسين منه، سنذهب وننطرح بين يديه، و(نخلس العسوب، ونطرح الجيهان)، ونستعين بأصحابه والمؤثرين عليه، لا تقطعوا الطريق عليه، ولا تيأسوا، وسنواصل. قلنا: جزاك الله خيراً واصل. بدء في توجه الاعتداءات على بعض المعارضين، أناس يطلق عليهم النار، وأناس يرسل لهم من يعتقلهم إلى بيوتهم، وبدأ شغل (البلطجة)، ونحن رأينا الجو تغير إلى طريق العنف، ذهب إليه على محسن والشيخ صادق والشيخ ابن حورية وآخرين وطرحوا (الجيهان)، قال: طيب. أنا ألقاكم في دار الرئاسة، وأعطانا الموعد إلى دار الرئاسة. ذهبنا إلى دار الرئاسة وأنا لا أريد أن أكون أنا المتكلم، وهم يقولون: لا بد أن تتكلم أنت. وصلنا بدأنا نتكلم، قال: أنتم جئتم من أجل هذه الخمس النقاط، قلنا: نعم. فوقف وقال:"مرفوض. نحن نرفض هذا، مع السلامة. ما تعرفوا من أنا، أنا علي عبد الله صالح الحميري من نسل سيف بن ذي يزن، سيكون حمام دم"، ففهمنا أن المسألة دم لا كلام ودماء، وبعدها وقع الاعتداء في جمعة الكرامة. فإذا تكلمنا ونحن عنده فلن نسلم، فقلنا: حسبنا الله ونعم الوكيل! لا يوجد أمامنا إلا أن أخرج -أنا بالنسبة لي- من صنعاء، وما شعرت إلا ونقطة أمام البيت في الشارع مستحدثة من أجل أن يصطدم العسكر بالحراسة وفي الفوضى يقضي ما يريد ثم يحاكمهم ويقول: المجرمين و... و.... رأينا المسألة دخلت في جو آخر فهل نسكت أم نتكلم، فقلنا: هذه الدار لا نستطيع أن نتكلم فيها، فأنا خرجت من صنعاء، وذهبت إلى بيتي في (أرحب)، فالناس سمعوا عني فكانوا يأتون إلى البيت، كل يوم تأتي منطقة.. كل يوم تأتي منطقة، فأذكر لهم القصة، فكلهم يبدون تأييدهم وتعاطفهم وحماسهم وتجاوبهم معي، وما شعرنا إلا والطائرات الخاصة بالرصد تحوم حولنا، وتأتينا أخبار بأنهم يريدون قصفنا في (أرحب)، ونحن صابرون نتنقل من قرية إلى قرية، وفي الليل نختفي من مكان إلى مكان، ثم اشتد عليّ المرض، وقال الأطباء: تحتاج إلى عملية، لا بد أن تعود إلى صنعاء، لكن ما رجعت إلى صنعاء إلا وقد خرج علي محسن الذي كان يقول لنا: اصبروا.. اجلسوا.. اسكتوا. بلغنا فيما بعد أنه قال للرئيس: اسمع يا رئيس! أما الدماء فلسنا معك! فلما رأى ما بعد جمعة الكرامة حدد موقفه وخرج وحصل ما حصل مما أنتم أعلم به وتتابع الناس، وكلها المسألة مسألة دماء. فهل المطلوب: أن العلماء يبررون للحاكم أن يقتل من يشاء ودمهم مباح؟ واحد من المواطنين يقول له: أنا سلمي لن أقاتلك * التغيير - إعداد: سلمان العماري
شارك الخبر