في تطور صادم يعيد تشكيل خريطة الطقس السعودي، تشهد المملكة اليوم فرقاً حرارياً مذهلاً يصل إلى 17 درجة مئوية بين أحر وأبرد مناطقها، في موجة برد قارسة هي الأقوى منذ 5 سنوات. الآن، ملايين السعوديين يواجهون ليلة قطبية استثنائية قد تحول أجزاء واسعة من الصحراء إلى قطب جليدي مصغر مع توقع تكون ضباب كثيف وصقيع مدمر.
8 مناطق سعودية تحت رحمة موجة برد عاتية تضرب الحدود الشمالية والجوف وتبوك وحائل والقصيم، ممتدة لأجزاء من الرياض والمدينة المنورة ومرتفعات مكة والباحة. المركز الوطني للأرصاد يحذر من رياح عاصفة تصل لـ 60 كم/ساعة قد تتسبب في انعدام شبه كامل للرؤية الأفقية. "هذه أقوى موجة برد منذ نصف عقد"، يؤكد د. عبدالله المطيري، خبير علوم الغلاف الجوي، محذراً من تأثيرات مدمرة على المحاصيل والمواشي.
تذكرنا هذه الموجة الاستثنائية بشتاء 2018 المدمر الذي شهد تساقط ثلوج نادرة وخسائر مليونية في القطاع الزراعي. التغيرات في التيارات الهوائية العليا ودفع كتل هوائية قطبية نحو الجزيرة العربية يشير إلى أنماط جوية غير مألوفة قد تعيد تشكيل المشهد المناخي للمنطقة. الخبراء يتوقعون أن تستمر هذه الموجة الباردة 3-4 أيام مع احتمالية تطور عواصف رعدية في الأجزاء الجنوبية من المنطقة الشرقية.
من ارتداء الشورت إلى المعاطف الثقيلة في 24 ساعة، هذا ما يعيشه ملايين السكان اليوم. "استيقظت على صوت تكسر الزجاج من شدة البرد"، تروي فاطمة الشمري من حائل صدمتها، بينما يراقب أبو محمد، المزارع الخمسيني من القصيم، محصوله بقلق شديد خوفاً من الصقيع المدمر. المدارس تستعد لإجراءات احترازية، وشركات الطيران تراجع جداولها، فيما ترتفع فواتير الكهرباء مع تشغيل أجهزة التدفئة على مدار الساعة.
موجة برد تاريخية تضرب 8 مناطق، درجات حرارة متجمدة، ورياح عاصفة تهدد السلامة العامة - هذا ليس مجرد تغيير طقس عادي بل حدث استثنائي يتطلب أقصى درجات الحذر. الآن هو الوقت المناسب للتدفؤ، فحص السيارات، ومتابعة نشرات الأرصاد كل ساعة. السؤال الذي يحير الخبراء اليوم: هل هذه بداية شتاء استثنائي قد يغير وجه السعودية، أم مجرد زائر بارد سيرحل تاركاً وراءه ذكريات وخسائر لا تُنسى؟
