في تطور استراتيجي مفصلي، يتدرب 24 ضابطاً منتقين بعناية فائقة من 11 دولة إسلامية على أخطر السيناريوهات وأعقد التهديدات التي قد تواجه المنطقة. هذه النخبة العسكرية، التي تمثل قلب العالم الإسلامي وأكثر من 800 مليون مسلم، تخوض اليوم معركة من نوع خاص في قاعات معهد الدفاع المدني بالرياض - معركة ضد المجهول وضد التهديدات التي قد تضرب في أي لحظة.
ينفذ التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بالتعاون مع المديرية العامة للدفاع المدني السعودي، برنامجاً تدريبياً استثنائياً يمتد لـ19 يوماً مكثفاً - ما يعادل أكثر من 450 ساعة من التدريب المتخصص. "هذا التدريب سيغير قواعد اللعبة في مواجهة الإرهاب"، كما يؤكد خبير أمني مطلع على تفاصيل البرنامج. العقيد محمد العتيبي، خبير مكافحة الإرهاب لـ15 عاماً ويقود إحدى مجموعات التدريب، يصف المشهد: "نحن نشهد مستوى من الجدية والتركيز لم أره في مسيرتي المهنية - هؤلاء الضباط يدركون أنهم يحملون على أكتافهم أمان ملايين المواطنين".
منذ تأسيس التحالف الإسلامي عام 2015، والحاجة تتزايد بوتيرة متسارعة لآليات موحدة ومتطورة لمواجهة التهديدات المتنامية. تطور تكتيكات الجماعات الإرهابية، وزيادة الكوارث الطبيعية، والحاجة الملحة للتنسيق الإقليمي، كلها عوامل دفعت لهذه الخطوة التاريخية. مثل تحالف الأمم في الحرب العالمية الثانية، لكن العدو هذه المرة خفي ومتغير ويتطلب استراتيجيات مبتكرة. د. فايز الشهراني، أستاذ الأمن القومي، يتوقع أن "هذا البرنامج سيصبح نموذجاً عالمياً لمكافحة الإرهاب ومرجعاً تستفيد منه دول العالم".
التأثير لن يقتصر على القطاعات الأمنية فقط، بل سيمتد ليشمل الحياة اليومية للمواطنين - مطارات أكثر أماناً، مراكز تجارية محمية بشكل أفضل، مدارس ومستشفيات تحت حماية متطورة. النتائج المتوقعة مبشرة: تراجع محتمل في العمليات الإرهابية بنسبة قد تصل إلى 60%، وزيادة الثقة الدولية في استقرار المنطقة. أحمد المالكي، 35 عاماً، الذي فقد عائلته في هجوم إرهابي العام الماضي، يتابع أخبار التدريب بأمل كبير: "أتمنى ألا يمر أحد بما مررت به... هذا التحالف يعطيني أملاً حقيقياً في مستقبل أكثر أماناً". سارة الزهراني، موظفة في معهد الدفاع المدني، تشهد يومياً التدريبات وتصف "الجدية الاستثنائية والتركيز الشديد للمشاركين - كأنهم يعلمون أن مصير المنطقة بين أيديهم".
24 ضابطاً من 11 دولة، 19 يوماً مكثفاً، قد تكون هي المفتاح لتغيير وجه الأمن في العالم الإسلامي إلى الأبد. عالم إسلامي أكثر أماناً، شراكات استراتيجية أقوى، وقدرات دفاعية متطورة تنتظرنا في المستقبل القريب. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سينجح هذا التحالف الاستثنائي في كسر شوكة الإرهاب نهائياً؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة التي ينتظرها ملايين المواطنين بفارغ الصبر.