بعد 10 سنوات من الانتظار المؤلم، تنفس آلاف العسكريين اليمنيين الصعداء أخيراً مع إعلان بنك القطيبي الإسلامي بدء صرف مرتباتهم المتأخرة. في حدث لم يشهده اليمن منذ عقد كامل، تستعد 25 وحدة عسكرية لتسلم مرتبات شهري أغسطس وسبتمبر معاً، منهية بذلك فصلاً مؤلماً من فصول المعاناة التي عاشتها العائلات العسكرية.
أبو أحمد، عسكري مبعد من لحج، يعول 6 أطفال، لم يكن يصدق الرسالة التي وصلته على هاتفه تؤكد إمكانية استلام راتبه بعد 18 شهراً من الانتظار. "كان كالحلم، شاهدت اسمي في القائمة ولم أصدق"، يقول وهو يمسح دموع الفرح من عينيه. الطوابير الطويلة أمام وكلاء شبكة لحظات للتحويلات تحكي قصة أمل تجدد بعد يأس طويل، بينما تتعالى أصوات الفرح من البيوت التي حُرمت من طعم الاستقرار المالي سنوات طوال.
هذه الخطوة تأتي في سياق أزمة مرتبات حادة تضرب اليمن منذ انتشار الصراع عام 2014، حين انهارت المؤسسات المالية وتوقفت آلة الدولة عن العمل. الخبراء يشبهون هذا الإنجاز بـ"المطر على الأرض العطشى بعد جفاف دام عقداً"، مؤكدين أن نجاح هذه التجربة قد يفتح الباب أمام حلول مماثلة لباقي القطاعات المتضررة. د. محمد الحضرمي، الخبير الاقتصادي، يصف الخطوة بأنها "بداية مهمة لإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي اليمني".
فاطمة محمد، زوجة عسكري من إحدى الوحدات المستفيدة، تصف اللحظة التي علمت فيها بالخبر: "أخيراً سأتمكن من شراء الكتب المدرسية لأطفالي، وأن أنام ليلة واحدة دون قلق على طعام الغد". القائمة الشاملة تضم وحدات حيوية مثل اللواء 131 مشاة العند، ولواء الدفاع الساحلي، والشرطة العسكرية في أبين ولحج، في مؤشر على شمولية هذه المبادرة. التأثير لا يقتصر على العسكريين فحسب، بل يمتد ليشمل تحريك عجلة الاقتصاد المحلي عبر زيادة القوة الشرائية.
بينما تحتفل البيوت العسكرية بهذا الانفراج المنتظر، يبقى السؤال الأكبر معلقاً في الهواء: هل هذه بداية النهاية لأزمة المرتبات في اليمن، أم مجرد راحة مؤقتة قبل عاصفة أخرى؟ الإجابة تكمن في قدرة الحكومة والمؤسسات المصرفية على ضمان استمرارية هذا النجاح وتوسيعه ليشمل آلاف الموظفين الآخرين الذين ما زالوا ينتظرون فرجاً قريباً.
