في تطور مناخي استثنائي يهز منطقة الرياض، يستعد 8 ملايين شخص لمواجهة عاصفة مطرية تاريخية تضرب العاصمة السعودية غداً الثلاثاء، في حدث جوي لم تشهده المنطقة منذ سنوات. المركز الوطني للأرصاد يحذر من ظواهر جوية خطيرة ستحول 20 محافظة كاملة إلى مشهد من أفلام هوليوود، مع أقل من 24 ساعة متبقية قبل وصول العاصفة المدمرة.
الإنذار المبكر الصادر عن المركز الوطني للأرصاد يرسم صورة مرعبة لما ينتظر سكان الرياض: أمطار غزيرة مصحوبة برياح شديدة السرعة كإعصار مداري، وتساقط برد كثيف، وصواعق رعدية مدوية، وضباب كثيف يحجب الرؤية تماماً. د. فهد العتيبي، أستاذ المناخ بجامعة الملك سعود، يصف الوضع قائلاً: "هذه حالة جوية استثنائية تستدعي أقصى درجات الحذر والاستعداد". أم محمد من محافظة الدرعية تروي استعداداتها: "بدأت تخزين المياه والطعام منذ أمس، الأطفال خائفون من أصوات الرعد".
الخلفية العلمية للحدث تكشف عن تكون منطقة ضغط جوي منخفض فوق المنطقة مع تدفق رطوبة عالية من البحر الأحمر والخليج العربي، في ظاهرة تذكرنا بأمطار الرياض التاريخية في نوفمبر 2018 التي أغرقت الشوارع لأيام كاملة. المنطقة المتأثرة تغطي مساحة هائلة تساوي مساحة ألمانيا كاملة، وتشمل العاصمة الرياض ومحافظات الدرعية وثادق وحريملاء ورماح وضرما ومرات والحريق والخرج والدلم والأفلاج والسليل ووادي الدواسر والمزاحمية وحوطة بني تميم والرين والقويعية والدوادمي وعفيف. د. سعد الجهني، خبير الأرصاد الذي تنبأ بدقة بموعد العاصفة، يحذر: "الوضع أخطر مما يتصور الناس".
تأثير هذه العاصفة الاستثنائية سيصل إلى كل بيت في المنطقة: توقف حركة المرور في الطرق الرئيسية، إلغاء الرحلات الجوية، إغلاق المدارس والجامعات، وصعوبة وصول الموظفين لأعمالهم. أحمد الراشد، موظف في الرياض، يتذكر تجربته المؤلمة: "في المرة الماضية علقت سيارتي في نفق مغمور لساعتين، كانت تجربة مرعبة". لكن العاصفة تحمل أيضاً فرصاً ذهبية للمزارعين الذين ينتظرون ري أراضيهم مجاناً، وتوفير فواتير المياه للعائلات، فيما يستعد محبو التصوير لالتقاط صور مذهلة للطبيعة الساحرة. النتائج طويلة المدى مبشرة: تحسن منسوب المياه الجوفية، ازدهار الغطاء النباتي الصحراوي، وتنقية هواء العاصمة من الغبار والملوثات.
مع اقتراب ساعة الصفر، يبقى السؤال المصيري: هل أنت مستعد لمواجهة أقوى عاصفة مطرية تشهدها الرياض هذا العام؟ خبراء الأرصاد يؤكدون ضرورة البقاء في المنزل إلا للضرورة القصوى، وتجنب القيادة خلال ذروة العاصفة، واتباع تعليمات السلامة بدقة. العاصفة قادمة لا محالة، والساعات القليلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مدى استعداد سكان الرياض لهذا التحدي المناخي الاستثنائي.