في ليلة واحدة، قتلت السماء 21 شخصاً في المغرب وشردت الآلاف، بينما تشهد 11 دولة عربية للمرة الأولى منذ عقود نفس الكارثة في نفس التوقيت. الآن، أثناء قراءتك لهذه الكلمات، ملايين العرب محاصرون في منازلهم، والشوارع تحولت إلى أنهار جارفة، والمدارس إلى ملاجئ طوارئ.
موجة طقس استثنائية ضربت قلب العالم العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، محولة الحياة اليومية لملايين الناس إلى كابوس مرعب. فاطمة الزهراء، أم لثلاثة أطفال، فقدت منزلها وكل ممتلكاتها في سيل آسفي المدمر، تروي بصوت مخنوق بالدموع: "في لحظات، شاهدت عمل 20 سنة يختفي أمام عيني". في المقابل، يواصل أحمد المنقذ، رجل الإطفاء المغربي، عمله البطولي منقذاً 15 شخصاً من الفيضانات رغم تعرضه للإصابة.
هذه التقلبات المناخية العنيفة لا تأتي من فراغ، فالخبراء يحذرون منذ أسابيع من تيارات هوائية قطبية استثنائية تتجه نحو المنطقة. د. محمد الراصد، خبير الأرصاد الجوية، أكد: "هذه أقوى موجة طقس منذ عقد، ونحن أمام واقع مناخي جديد يتطلب إعادة تفكير شاملة". المشهد يذكرنا بفيضانات الثمانينات التي دمرت مناطق واسعة، لكن هذه المرة النطاق أوسع والتأثير أعمق.
من الاستيقاظ على صوت الرعد الذي "يشبه قصف الحروب" كما وصفه سعد التلميذ، إلى النوم على قلق الغد، تغيرت يوميات ملايين العرب جذرياً. الأمطار الغزيرة حولت شوارع آسفي إلى "أنهار جارفة تبتلع كل شيء في طريقها"، بينما البرودة القارسة "تخترق العظام وتصل للقلب" حسب وصف سكان المناطق الجبلية. السلطات تتوقع أسابيع من التعافي واستثمارات ضخمة في أنظمة الحماية، بينما يطرح البعض سؤالاً مقلقاً: هل هذه مجرد كارثة طبيعية أم إنذار مبكر لتغيير مناخي دائم؟
موجة طقس تاريخية ضربت القلب النابض للعالم العربي، خلفت 21 قتيلاً وملايين المتأثرين، ودروساً يجب ألا ننساها. السؤال الحقيقي ليس متى ستنتهي هذه الموجة، بل متى ستأتي التالية.. وهل سنكون مستعدين لمواجهة ما هو أقسى؟ الوقت الآن لمراجعة خطط الطوارئ والاستثمار في الحماية، قبل أن تصبح الندامة بلا فائدة.