في تطور مناخي صادم، يواجه نصف مليون مواطن في منطقة الباحة اليوم أشد حالة جوية تشهدها المنطقة منذ سنوات، حيث رفع المركز الوطني للأرصاد الإنذار إلى "تحذير متقدم" - أعلى درجات التحذير - مع توقعات بسيول مدمرة وصواعق رعدية قاتلة. 30 ساعة عاصفة تفصلنا عن نهاية هذا الكابوس الجوي، لكن الخطر لا يزال في أوجه.

الموجة الجوية الشديدة تضرب الآن 10 محافظات بكامل قوتها، محملة بأمطار غزيرة كالشلالات المدوية ورياح عاتية بقوة محرك طائرة عملاقة. أم محمد من محافظة بلجرشي تروي رعبها: "الرياح تهز المنزل كالزلزال، وأطفالي الخمسة يرتجفون خوفاً من دوي الرعد المستمر". المهندس سعد الغامدي من المركز الوطني للأرصاد يؤكد: "هذه واحدة من أشد الحالات الجوية التي نشهدها، والوضع يتطلب حذراً قصوى."

منطقة الباحة الجبلية، التي تعادل مساحتها دولة قطر تقريباً، تتحول اليوم إلى مسرح لمعركة حقيقية ضد قوى الطبيعة الجامحة. التضاريس الوعرة والموقع الجغرافي المميز يجعلان المنطقة بؤرة لتجمع السحب الرعدية، تماماً كما حدث في عاصفة 2018 المدمرة. خبراء الأرصاد يحذرون من أن تضافر العوامل الجوية المتعددة قد يخلق "عاصفة مثالية" تهدد سلامة المواطنين.

الحياة اليومية تتوقف تماماً: المدارس مغلقة، المتاجر تسدل أبوابها، والطرق تشهد حركة محدودة للغاية. العائلات تتجمع في منازلها وقد أحكمت إغلاق النوافذ ضد الرياح العاتية التي تصل إلى قوة إعصار صغير. خالد العقيلي من محافظة القرى يصف المشهد: "الرياح كالوحوش الهائجة، والأمطار تتساقط كأنها ستائر مسدلة تحجب الرؤية تماماً". لكن وسط هذا الرعب، يتفاءل المزارعون بموسم زراعي استثنائي بعد هذا الري الطبيعي الغزير.

مع اقتراب نهاية العاصفة ظهر الاثنين، تبقى المنطقة في حالة تأهب قصوى. السيول المتوقعة قد تغير وجه المنطقة، والأضرار في البنية التحتية واردة، لكن الخبراء يتوقعون تحسناً كبيراً في الأمن المائي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن مستعدون فعلاً لمواجهة قوة الطبيعة الجامحة هذه؟