في أقل من 1% من حالات الوفاة في المملكة، يبعث أمير المنطقة بنفسه برقية عزاء شخصية، لكن ما حدث في منطقة حائل أمس كان استثنائياً حتى بمقاييس التقاليد السعودية النبيلة. برقيتان رسميتان في يوم واحد من أعلى مستويين إداريين - رسالة واضحة لا تقبل التأويل: لا أحد منسي في هذه المنطقة، مهما كانت الظروف.
بعث أمير منطقة حائل الأمير عبدالعزيز بن سعد آل سعود ونائبه الأمير فيصل بن فهد بن مقرن برقيتين منفصلتين إلى أسرة آل عاطف، معزيين في وفاة عبدالله بن مرداع آل عاطف القحطاني المعروف بـ"أبو مرداع". أحمد آل عاطف، نجل الفقيد البار، لم يستطع إخفاء دهشته: "لم أتوقع أن يصل الاهتمام لهذا المستوى، هذا شرف عظيم لوالدي ولنا جميعاً". سالم المطيري، مسؤول إعداد البرقيات في الإمارة، أكد أن مثل هذا التزامن نادراً ما يحدث إلا في حالات استثنائية.
هذه التعزية تستمد جذورها من تقاليد عريقة أرساها الملوك السعوديون عبر التاريخ، حيث كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يحرص شخصياً على مواساة الأسر في أوقات الحزن. الشيخ محمد القحطاني وصف الحدث بأنه "امتداد طبيعي لقيم الكرم والنخوة التي تميز قيادتنا". خبراء الشؤون الاجتماعية يرون في هذه البادرة نموذجاً للقيادة الإنسانية التي تتجاوز البروتوكولات الرسمية لتصل إلى القلوب مباشرة.
أبو خالد السعيد، جار الفقيد لثلاثين عاماً، يروي كيف غمرت موجة من التضامن الاجتماعي منطقة حائل: "الناس تتصل من كل مكان، الجميع يريد المشاركة في العزاء". هذا الاهتمام الاستثنائي يعزز شعوراً عاماً بالاطمئنان والانتماء، ويرسل رسالة قوية أن القيادة قريبة من همom المواطنين. النتيجة المتوقعة: تعميق الثقة والولاء، وخلق نموذج يُحتذى به في التواصل الاجتماعي الإيجابي.
في نصوص البرقيتين، أكد أمير المنطقة ونائبه وقوفهما مع الأسرة "في هذا المصاب الأليم"، سائلين الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته. هذه الكلمات البسيطة تحمل في طياتها قيماً إنسانية راسخة، وتؤكد أن الإنسانية لا تزال تجد مكانها في عالم تسيطر عليه البروتوكولات. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستصبح حائل نموذجاً يُحتذى به في باقي مناطق المملكة؟