في تطور صادم يكشف حجم المأساة الاقتصادية في اليمن، سجل سعر كيلو البصل الواحد 8000 ريال يمني في أسواق عدن اليوم، بينما قفز التفاح إلى 5000 ريال للكيلو، في مشهد يحول الخضروات والفواكه من ضروريات إلى كماليات لا يقدر عليها إلا القلة. الحقيقة الصادمة: شراء 5 كيلو تفاح يعادل راتب موظف حكومي كامل، بينما تعيد آلاف الأسر اليمنية حساباتها لتقرر بين شراء الدواء أم الطعام.
شهدت أسواق العاصمة عدن تفاوتاً مرعباً في الأسعار، حيث تراوحت من 1000 ريال للكيلو الواحد من الطماطس والبطاطس، وصولاً إلى 8000 ريال للبصل - فجوة سعرية تكشف عمق الأزمة الاقتصادية. "لم نعد نشتري الخضروات بل نحسبها مثل الذهب،" تقول أم محمد، معلمة متقاعدة تقف أمام كشك الخضار تحسب كل ريال قبل شراء كيلو طماطم لأطفالها الثلاثة، بينما تنظر بحسرة لأكوام التفاح التي تبدو كنوز لا تقدر على شرائها.
تأتي هذه الأرقام كنتيجة طبيعية لأزمة اقتصادية تضرب اليمن منذ عقد تقريباً، حيث يعاني الريال اليمني من انهيار مستمر أمام العملات الأجنبية، إلى جانب تعطل سلاسل الإمداد بسبب الحصار البحري وارتفاع تكاليف النقل. الوضع الحالي يذكرنا بأزمات اقتصادية مشابهة شهدتها لبنان في التسعينيات أو فنزويلا حالياً، حيث تحولت الضروريات اليومية إلى رفاهية لا يقدر عليها المواطن العادي.
في مشهد يحبس الأنفاس، تضطر العائلات اليمنية لإعادة ترتيب أولوياتها الغذائية بالكامل، حيث يصبح جيل كامل من الأطفال محروماً من تناول الفواكه الطازجة لأشهر متتالية. فاطمة، ربة منزل من حي كريتر، تحكي بعيون دامعة: "أطفالي يسألونني عن التفاح والبرتقال، وأنا لا أجد جواباً سوى الوعد بغد أفضل قد لا يأتي." هذا الواقع المؤلم يهدد بتفاقم معدلات سوء التغذية وانتشار الأمراض المرتبطة بنقص الفيتامينات الأساسية.
اليوم، تقف عدن على مفترق طرق حاسم: بين مستقبل يشهد انهياراً كاملاً للأمن الغذائي، أو تدخل عاجل من الحكومة والمجتمع الدولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن لشعب أن يصمد عندما يصبح الطعام الأساسي ترفاً بعيد المنال؟ الإجابة تتطلب تحركاً فورياً قبل أن يصبح الجوع واقعاً لا مفر منه.