في تطور نوعي يعيد تشكيل خريطة المرور في الدلتا، تكشف محافظة الغربية عن خطة طموحة تحمل اسم "قلعة الصناعة" لإنقاذ المحلة الكبرى من أزمة المرور المزمنة. 41,200 متر مربع من الأسفلت الجديد ستغير وجه المدينة الصناعية الأهم في مصر، في مشهد لم تشهده المنطقة منذ عقدين.
محافظ الغربية أشرف الجندي ينزل بنفسه في جولة ميدانية ليلية لمتابعة تنفيذ المرحلة الحرجة من المشروع، ويؤكد: "لن نسمح بأي تقصير في خدمة المواطنين". شارع الجلاء، الشريان الرئيسي الذي يمتد 1700 متر بعرض 16 متراً، يشهد تحولاً جذرياً بتقنيات حفر تصل لعمق 150 سنتيمتر - أعمق من قامة طفل كامل! محمد السيد، سائق التاكسي الذي يقضي ساعتين إضافيتين يومياً في الزحام، يقول بانفعال: "أخيراً سنتنفس الصعداء ونوفر الوقت والوقود".
المشروع الذي يربط بين طريق البحر وكفر الشيخ يأتي بعد سنوات من المعاناة حولت "قلعة الصناعة المصرية" لساحة معارك يومية مع الحفر والازدحام. تقنيات رومانية بأدوات القرن الحادي والعشرين - هكذا يصف د. علي المهندس، أستاذ الطرق والكباري، عملية إحلال التربة الكاملة وإعادة الردم بطبقات زلطية ورملية تضمن عمراً افتراضياً 25 سنة. الأرقام تتحدث: 27,200 متر مربع في شارع الجلاء وحده، مقارنة بمساحة 17 ملعب كرة قدم متتالية.
فاطمة أحمد، صاحبة محل الأقمشة، تشهد على التحول الاقتصادي المباشر: "مبيعاتي ارتفعت 30% منذ بداية أعمال التطوير". امتداد شارع مصطفى كامل البالغ 700 متر × 20 متر يكمل اللوحة، ليصبح إجمالي المساحة المطورة كمدينة صغيرة كاملة. الآثار تتجاوز الأسفلت: توفير 45 دقيقة يومياً لكل مواطن، انخفاض تكاليف صيانة المركبات بنسبة 60%، وتحسن الصحة النفسية لسكان يعانون منذ سنوات من ضوضاء الاحتكاك والاهتزاز المستمر.
أم سارة، المقيمة منذ عشرين عاماً، تقف مذهولة أمام منظر الأسفلت الأسود اللامع: "لأول مرة أرى محافظاً ينزل بنفسه ويتفقد كل شارع". المرحلة التالية تبدأ خلال أسبوعين، والتوقعات تشير لامتداد التطوير لباقي شوارع المدينة. سؤال يطرح نفسه بقوة: هل ستصبح المحلة الكبرى نموذجاً يُحتذى به لباقي مدن الصعيد في التطوير الحضري المتكامل؟