في تطور صادم يهز الأوساط الشعبية المصرية، كشفت شركات السياحة الدينية عن أسعار باقات عمرة رمضان 2026 التي وصلت إلى مستويات تاريخية مذهلة، حيث تبدأ الباقة الاقتصادية من 45 ألف جنيه مصري - مبلغ يعادل راتب 15 شهراً للموظف المتوسط! والأكثر إثارة للصدمة أن الأسعار ترتفع بنسبة 42% خلال نصف شهر واحد، لتصل إلى 68 ألف جنيه في النصف الثاني من رمضان، محولة حلم العمرة إلى استثمار أغلى من ثمن سيارة ملاكي جديدة!
أم محمد، موظفة حكومية عمرها 52 عاماً، تحكي قصتها بعيون دامعة: "كنت أدخر منذ 3 سنوات لتحقيق حلم العمرة، لكن الأسعار الجديدة حطمت كل أحلامي". وبينما تتراوح تكلفة برامج الـ14 يوماً بين 48 ألف جنيه في النصف الأول و68 ألف في النصف الثاني، تشهد مكاتب السياحة الدينية ازدحاماً شديداً من المواطنين الباحثين عن أي بديل اقتصادي. فاطمة علي، ربة بيت تبلغ 45 عاماً، تكشف: "قررت بيع مجوهراتي الذهبية لتمويل رحلة العمرة لي ولزوجي، فالأجر في رمضان لا يُقدر بثمن".
خلف هذه الأرقام الصادمة تكمن أزمة اقتصادية معقدة بدأت منذ 2020، حيث شهدت تكاليف العمرة ارتفاعاً مستمراً بسبب التضخم العالمي وأزمة الطيران وتقلبات أسعار الصرف. د. مصطفى السياحي، خبير السياحة الدينية، يحذر: "في 2015 كانت تكلفة العمرة لا تتجاوز 20 ألف جنيه، أي أن الأسعار تضاعفت 3 مرات خلال 11 عاماً فقط". ويضيف بنبرة قلق: "نتوقع استمرار الارتفاع بمعدل 10-15% سنوياً ما لم تتدخل الحكومات بحلول جذرية".
التأثير لا يقتصر على الأرقام فحسب، بل يمتد إلى صميم الحياة اليومية للمصريين. الحاج أحمد، تاجر صغير يبلغ 58 عاماً، يروي كفاحه: "نجحت في توفير مبلغ العمرة رغم كل الصعوبات، وقررت السفر في النصف الأول من رمضان لأوفر 20 ألف جنيه كاملة". وبينما تضطر العائلات المصرية لبيع ممتلكاتها أو تأجيل مشاريع مهمة كالزواج والتعليم، تشهد الشوارع غضباً شعبياً متزايداً من هذه الزيادات الفلكية. المفارقة المؤلمة أن تكلفة الفنادق ذات الـ4 نجوم تبدأ من 26 ألف جنيه، بينما ترتفع للـ5 نجوم إلى 36 ألف جنيه، جاعلة الحلم الروحي للعمرة رهينة للقدرة المالية.
مع استمرار هذا المعدل المتسارع للزيادات، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل ستصبح العمرة حكراً على الأثرياء فقط؟ الخبراء ينصحون بـالبدء في الادخار من الآن ومقارنة الأسعار بين الشركات واختيار النصف الأول من رمضان لتوفير المال. لكن السؤال الأهم يبقى معلقاً في الهواء: هل ستبقى العمرة حلماً قابلاً للتحقيق للطبقة المتوسطة المصرية، أم ستتحول إلى امتياز طبقي لا يستطيع تحمله سوى الأثرياء؟
