في تطور مؤثر هز القلوب عبر القارات، كشف وزير الشؤون الإسلامية بجمهورية المالديف النقاب عن السر وراء نجاح آلاف الطلاب المسلمين - رجل واحد غيّر مصائر جيل كامل خلال 69 عاماً من العطاء اللامحدود. عندما يشهد العالم الإسلامي لك من أقاصي جزر المحيط الهندي إلى قلب الحرمين الشريفين، فأنت لست مجرد أكاديمي... أنت أسطورة حية تركت بصمتها الخالدة في قلوب الآلاف.
الدكتور محمد بن علي العقلا، المدير الأسبق للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، رحل عن عالمنا تاركاً وراءه إرثاً تعليمياً مذهلاً امتد عبر 7000 كيلومتر من المدينة المنورة إلى جزر المالديف النائية. "فتح أبواب المستقبل أمام طلاب المالديف وحث الشباب على طلب العلم" - هكذا وصفه الدكتور محمد شهيم علي سعيد، وزير الشؤون الإسلامية بالمالديف، بصوت مليء بالامتنان والحزن. عبدالله محمد، خريج مالديفي أصبح إماماً مؤثراً في بلاده، يروي بدموع الوفاء: "كان مثل الوالد الحاني، استقبلني كأنني ابنه ولم يبخل علي بالنصح والتوجيه".
خلال 6 سنوات فقط من إدارته للجامعة الإسلامية (2007-2013م)، نجح العقلا في زرع بذور التميز في قلوب آلاف الطلاب المسلمين من جميع أنحاء العالم. كان مثل البستاني الحكيم الذي يعرف كيف يرعى كل نبتة حسب طبيعتها، فأثمرت جهوده أئمة ومعلمين ودعاة يخدمون الآن في بلدانهم النائية. إن مسيرته التي امتدت 47 عاماً في خدمة التعليم تذكرنا بعظماء الأمة الذين سافروا لطلب العلم ونشره مثل الإمام البخاري، لكن العقلا كان جسراً يربط بين الحضارات ويفتح القلوب للمعرفة.
اليوم، بينما ترتفع أصوات القرآن من المسجد الحرام حيث صُليّ على العالم الراحل، يحمل آلاف الخريجين حول العالم مشعل رؤيته التعليمية. فاطمة علي، موظفة في الجامعة الإسلامية، تتذكر بحنين: "كان يستقبل كل طالب كأنه ابنه، ولا يفرق بين غني وفقير". أحمد إبراهيم، طالب مالديفي، يعبر عن حزنه الشديد: "فقدت الفرصة الذهبية للدراسة تحت إشراف هذا العملاق، لكن سأحمل رؤيته وأحقق حلمي تكريماً لذكراه". إن تأثيره لم يعد مقتصراً على قاعات الدراسة، بل امتد ليشمل مساجد وأحياء كاملة في جزر بعيدة كانت تفتقر للتعليم الإسلامي الأصيل.
رحل فارس التعليم عن دنيانا، لكن إرثه الخالد يستمر في نبضات قلوب آلاف الخريجين الذين يحملون رايته عبر القارات. جيل جديد من المربين المسلمين ينتظر دوره ليكمل هذه المسيرة العظيمة ويحقق حلم الأمة في تعليم إسلامي عالمي المستوى. على كل مسلم اليوم أن يسأل نفسه: ماذا فعلت لدعم رؤية هؤلاء العمالقة؟ وكم من الفرص التعليمية أضعتها دون أن أدرك قيمتها الحقيقية؟