في زمن تتسارع فيه وتيرة التشكيك الغربي، تقف المملكة العربية السعودية اليوم أمام لحظة تاريخية حاسمة. فبينما تحاول صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية زرع بذور الشك حول مستقبل مشروع ذا لاين، يشهد العالم ولادة أعجوبة حضارية جديدة تمتد 170 كيلومتراً عبر الصحراء السعودية. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا تخشى الصحف الغربية من نجاح نيوم إلى هذا الحد؟
ما تشهده المملكة اليوم ليس مجرد مشروع عمراني، بل ثورة حقيقية في مفهوم الحضارة ذاته. فذا لاين، بتصميمه الثوري كمدينة بلا شوارع تقليدية وبلا عوادم سيارات، يتحدى كل المفاهيم المألوفة للتخطيط الحضري. د. سارة المهندسة، خبيرة التطوير الحضري تؤكد: "نحن لسنا أمام مبانٍ وطرق، بل أمام إعادة هندسة كاملة لعلاقة الإنسان بالمدينة". وبينما تركز الانتقادات على مراجعات المشروع، يتناسى النقاد أن أعظم الإنجازات الحضارية في التاريخ احتاجت عقوداً بل قروناً للوصول لصورتها النهائية.
التاريخ يخبرنا قصصاً مشابهة: مدينة البندقية الإيطالية، تلك الأعجوبة المبنية على الماء، احتاجت قروناً كاملة من التطوير والابتكار قبل أن تصبح ما نراه اليوم. والحي المالي في لندن، قلب الاقتصاد البريطاني النابض، ما زال يتطور منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم يكتمل بعد. فلماذا يُطالب النقاد الغربيون بأن يولد ذا لاين مكتملاً من أول يوم؟ د. محمد الخبير الاقتصادي يجيب: "الانتقادات الغربية تعكس خوفاً حقيقياً من أن تقود المملكة المستقبل التقني عالمياً".
في بيوت أحياء الرياض وجدة، يتابع ملايين السعوديين والعرب تطورات المشروع بقلوب تتراوح بين الأمل والقلق. أحمد المستثمر، رجل أعمال في الأربعينات، يعترف بصراحة: "بدأت أشك في استثماري بعد تقرير فاينانشيال تايمز، لكنني أدركت أن هذه حرب إعلامية". فاطمة القاطنة من منطقة نيوم تروي: "نشاهد كل يوم معدات وخبراء من جميع أنحاء العالم، شيء كبير يحدث هنا، وهذا ما يخيف الغرب". المراجعات التي يشير إليها التقرير البريطاني ليست علامة ضعف، بل دليل على الدقة والحرفية في التنفيذ.
اليوم، بينما ينشغل العالم بالشائعات والتكهنات، تكتب المملكة العربية السعودية أولى صفحات المستقبل بصمت وثقة. ذا لاين لم ينتهِ، بل بدأ للتو رحلته نحو إعادة تعريف ما يعنيه أن نعيش في مدينة. هل نحن أمام ولادة أعجوبة حضارية جديدة ستجعل العالم يقلد المملكة، أم مجرد حلم كبير؟ الأشهر القادمة ستحمل إجابات ستصدم الشكاكين وتفخر بها الأجيال القادمة.