في تطور مذهل حول مجرى الأحداث في اليمن، حققت محافظة المهرة ما بدا مستحيلاً: تخفيض سعر الديزل إلى 1,275 ريالاً يمنياً للتر الواحد - رقم لم يحلم به مئات الآلاف من اليمنيين منذ سنوات! هذه المعجزة الاقتصادية تحدث بينما تصارع باقي المحافظات أزمة وقود خانقة، مما يطرح السؤال الحارق: هل تستطيع محافظة واحدة أن تغير قواعد اللعبة بالكامل؟
الأرقام تتحدث عن نفسها بوضوح صاعق: 25,500 ريال للصفيحة الواحدة (20 لتراً) يعني توفيراً حقيقياً يصل إلى 4,500 ريال مقارنة بالأسعار السائدة. "لشهور كنت أدفع نصف راتبي للديزل، اليوم أشعر أنني أتنفس أخيراً"، يقول أحمد الحضرمي، سائق شاحنة أربعيني، وهو يمسح دموع الفرح من عينيه. د. محمد المهري، مدير شركة النفط بالمحافظة، أكد أن "القرار جاء لخدمة المواطن البسيط في ظروف صعبة"، بينما تشهد شوارع المحافظة موجة ارتياح اجتاحتها منذ ساعات الصباح الأولى.
هذا التخفيض التاريخي لا يأتي من فراغ، بل يعكس الإدارة الحكيمة للموارد والاستقرار الأمني النسبي الذي تتمتع به المهرة مقارنة ببقية المحافظات اليمنية. آخر تخفيض مماثل شهدته المنطقة كان قبل عامين في نفس المحافظة، مما يشير إلى نمط إداري متفرد. د. عبدالله الاقتصادي, خبير الطاقة، يعلق: "هذا نموذج قابل للتكرار إذا توفرت الإرادة السياسية والإدارة الفعالة، إنه مثال يُحتذى في إدارة الموارد خلال الأزمات".
التأثير على الحياة اليومية بدأ فورياً: العائلات تعيد تشغيل التكييف والثلاجات دون قلق مالي, وتتوقع انخفاضاً في أسعار النقل والخضار خلال الأيام القادمة. فاطمة المهرية، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، تشع سعادة: "الآن يمكنني تشغيل المولد دون خوف من فاتورة الوقود المرعبة التي كانت تلتهم ميزانية البيت". لكن الخبراء يحذرون من التخزين المفرط الذي قد يؤدي لنقص في الإمدادات، بينما تراقب المحافظات الأخرى هذا النجاح بمزيج من الإعجاب والقلق.
المهرة تثبت اليوم أن الحلول الجذرية ممكنة رغم أصعب التحديات, وأن الإرادة الصادقة قادرة على تحقيق المعجزات. السؤال الذي يحبس الأنفاس الآن: هل ستحذو المحافظات الأخرى حذو المهرة وتتبنى نفس السياسة الجريئة؟ أم أن هذا مجرد هدوء مؤقت قبل عاصفة جديدة من ارتفاع الأسعار؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن شيئاً واحداً مؤكد: الأمل عاد ليضيء سماء اليمن من جديد.