في صدمة تقنية مدوية هزت أركان النظام المصرفي المصري، استيقظ 17 مليون مصري ليجدوا أموالهم محبوسة خلف شاشات معطلة، عندما تعرض البنك الأهلي وبنك مصر لعطل تقني مفاجئ شل حركة أكبر شبكة مصرفية في البلاد. في ثوانٍ معدودة، تحولت مصر من العصر الرقمي إلى طوابير البنوك التقليدية، والسؤال الصادم: هل أموالك الرقمية آمنة حقاً؟
المشهد كان كارثياً بكل معنى الكلمة - 850 فرع مصرفي تحولت فجأة إلى مراكز أزمة مكتظة بالعملاء المحبطين، بينما تعطلت 6150 ماكينة صراف آلي في جميع أنحاء البلاد. أحمد محمود، موظف بشركة خاصة، يروي معاناته: "كنت أحاول تحويل راتبي لزوجتي منذ الصباح، لكن تطبيق إنستاباي رفض العمل تماماً، والآن علقت في طابور البنك منذ ساعتين." المؤلم أن هذا المشهد تكرر مع ملايين المصريين في نفس اللحظة، كأن 17 مليون شخص فقدوا مفاتيح منازلهم المالية معاً.
الحقيقة المرة أن هذا العطل ليس الأول من نوعه، فالبنوك المصرية شهدت أعطالاً مشابهة خلال السنوات الماضية، لكن هذه المرة كانت الأخطر والأوسع تأثيراً. د. محمد الشناوي، خبير التكنولوجيا المصرفية، يحذر: "هذا العطل يكشف هشاشة مخيفة في البنية التحتية الرقمية، نحن نتحدث عن نظام يدير مليارات الجنيهات يومياً دون خطط احتياطية فعالة." والسبب واضح: التحول الرقمي السريع دون استثمار كافٍ في أنظمة الحماية والمرونة.
تأثير العطل لم يقتصر على البنوك فحسب، بل امتد ليشل حركة التجارة الإلكترونية بالكامل. فاطمة علي، ربة منزل، تحكي: "وقفت ساعتين تحت الشمس أمام الصراف الآلي، والشاشة تظهر 'خطأ في الاتصال' فقط." المطاعم رفضت بطاقات الائتمان، المتاجر عادت للتعامل النقدي فقط، وكأن مصر عادت عقوداً إلى الوراء في يوم واحد. هذا يطرح سؤالاً جوهرياً: كيف نثق في نظام رقمي يتعطل في أي لحظة دون سابق إنذار؟
رغم إعلان البنكين عودة الخدمات للعمل طبيعياً بفضل جهود المهندسة سارة عبدالله وفريقها الذي عمل 12 ساعة متواصلة، إلا أن الضرر النفسي والاقتصادي وقع بالفعل. الخبراء يتوقعون ضرورة استثمار مليارات الجنيهات في تطوير أنظمة أكثر مرونة وأماناً، لكن السؤال الحقيقي يبقى: إذا كان هذا ما يحدث في يوم عادي... فماذا لو واجهنا أزمة حقيقية أو هجمة إلكترونية منظمة؟