في مشهد مذهل يشبه فيلماً خيالياً، يدفع المواطن اليمني في عدن 1097 ريالاً إضافياً لشراء دولار واحد مقارنة بشقيقه في صنعاء - فجوة تصل إلى 205% في نفس البلد وخلال نفس اليوم! هذا الانقسام الاقتصادي المرعب يحول حلم الوحدة اليمنية إلى كابوس مالي يومي، حيث تتحرك العملة كأنها في بلدين منفصلين تماماً.
تكشف أرقام اليوم الاثنين حقيقة صادمة: الدولار الواحد يساوي 1632 ريالاً في عدن مقابل 535 ريالاً فقط في صنعاء. أحمد المحمدي، موظف حكومي براتب 50 ألف ريال شهرياً، يروي مأساته: "أحتاج 100 دولار لشراء دواء والدي المصاب بالسكري، في صنعاء سأدفع راتب شهر، في عدن سأدفع راتب ثلاثة أشهر!" هذا الواقع المؤلم يعكس انهياراً حقيقياً للسيادة النقدية، حيث تحولت العملة الواحدة إلى أداة تمييز جغرافي قاسية.
الجذور التاريخية لهذه المأساة تعود إلى انقسام البنك المركزي عام 2016، عندما تم تقسيم السلطة النقدية بين صنعاء وعدن. د. محمد عبدالله النجار، الخبير الاقتصادي، يحذر: "منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، لم نشهد انقسام عملة في بلد واحد بهذا الشكل المأساوي". الحرب المستمرة والحصار الاقتصادي خلقا اقتصادين منفصلين، حيث تتحكم سياسات نقدية متضاربة في مصير ملايين اليمنيين.
على أرض الواقع، تتحول الحياة اليومية إلى صراع للبقاء. فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال، تبكي وهي تقول: "زوجي يرسل لي 100 دولار من السعودية، في صنعاء تكفي شهراً كاملاً، في عدن لا تكفي أسبوعاً واحداً". بينما يستغل صالح الحضرمي، التاجر الذكي، هذه الفوضى لتحقيق أرباح 300% من نقل البضائع بين المدينتين. الواقع المر: كل دقيقة تمر تعمق جراح الاقتصاد اليمني، والمواطن البسيط يدفع الثمن من لقمة عيشه ودواء أطفاله.
اليوم، يقف اليمن على حافة انهيار اقتصادي شامل، حيث تتسع الفجوة يومياً كجرح ينزف بلا توقف. الخبراء يتوقعون سيناريوهات أسوأ: انهيار كامل للريال في عدن وتحول المدينة للتعامل بالدولار فقط. السؤال المصيري الذي يؤرق الجميع: كم من الوقت يحتاج الاقتصاد اليمني قبل الانهيار التام؟