في قرار صادم سيغير حياة ملايين المصريين، أعلنت الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية عن رفع تاريخي للحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني بزيادة 400 جنيه، ليصل إلى 2700 جنيه اعتباراً من يناير 2026. للمرة الأولى منذ سنوات، ستحصل على زيادة في راتبك ومعاشك المستقبلي في نفس الوقت، في خطوة ثورية تعكس التزام الدولة بحماية ملايين العمال من موجة الغلاء المتصاعدة.
في تفاصيل مفصلية كشف عنها اللواء جمال عوض، رئيس مجلس إدارة الهيئة، فإن الحد الأقصى سيشهد قفزة أكبر بزيادة 2200 جنيه ليصل إلى 16,700 جنيه، بينما سيستفيد المتقاعدون من زيادة 260 جنيه شهرياً في المعاش الأدنى. "هذه خطوة جديدة تعكس التزام الدولة بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتحقيق العدالة التأمينية"، تصريح رسمي يحمل بشائر الأمل لأحمد محمود، عامل المصنع الذي يكافح بأجره الحالي البالغ 2200 جنيه لتوفير احتياجات أسرته.
ينبع هذا القرار الاستثنائي من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019، الذي وضع آلية دورية لمراجعة المعاشات في مواجهة التضخم المتصاعد وارتفاع تكاليف المعيشة. تأتي هذه الزيادة بنسبة 17.4% ضمن سلسلة إصلاحات اقتصادية واجتماعية تشهدها مصر، حيث يرى د. محمد الشافعي، أستاذ الاقتصاد، أن "هذه خطوة إيجابية لكن تحتاج لمتابعة دورية لضمان مواكبة التضخم".
على أرض الواقع، ستتغير حياة الملايين جذرياً حيث سيحصل العمال على قوة شرائية أكبر تمكنهم من مواجهة أعباء المعيشة، بينما ستتمكن فاطمة أحمد، التي تعيش على معاش زوجها المتوفى، من تلبية احتياجاتها بشكل أفضل. لكن التحدي الأكبر يكمن في استعداد الشركات للأعباء الإضافية، خاصة أن الزيادة ستطبق تلقائياً مع شرط مرور عام كامل على اشتراك العامل، مما قد يدفع بعض أصحاب الأعمال لإعادة تنظيم ميزانياتهم أو حتى تقليل عدد العمالة.
بينما نقترب من موعد التطبيق في يناير 2026، تبقى الأسئلة الحاسمة معلقة: هل ستكون هذه الزيادة التاريخية كافية لمواجهة تحديات المعيشة المتزايدة؟ وهل ستصمد الشركات أمام الأعباء الإضافية دون تسريح عمال؟ الأشهر القادمة ستكشف حقيقة هذا الرهان الاجتماعي الضخم، والعمال مطالبون اليوم بالتأكد من تسجيلهم الصحيح في التأمينات لضمان الاستفادة من هذا القرار المصيري.