في تطور مفاجئ هز أروقة الحكومة اليمنية، نجحت السعودية في إنجاز ما بدا مستحيلاً خلال 48 ساعة فقط - إنقاذ مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين من كابوس تأخير الرواتب. بينما كان نصف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي غائبين عن الاجتماع المصيري، كانت الرياض حاضرة بقوة لتحويل اليأس إلى أمل في قلوب العائلات التي باتت على شفا الجوع.
تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي عندما أعلن مجلس القيادة الرئاسي أن الإجراءات السعودية العاجلة قد أدت إلى تسريع إيداع الدفعتين الأولى والثانية من المنحة الكريمة، ما مكّن من دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين فوراً. "أحمد الصالحي، موظف حكومي في عدن، كان ينتظر راتبه منذ شهرين لإطعام أطفاله الثلاثة" - قصة تتكرر في آلاف البيوت اليمنية. أصوات الراحة والامتنان بدأت تنتشر في المكاتب الحكومية، بينما رنين إشعارات التحويلات البنكية أعاد الابتسام إلى وجوه العائلات المنهكة.
خلف هذا الإنجاز تكمن قصة أزمة مالية حادة تعصف باليمن منذ 2015، حيث أدى الصراع المستمر وعرقلة المليشيات الحوثية للاقتصاد إلى شلل شبه تام في النظام المالي. الدعم السعودي يشبه خطة مارشال الأمريكية لأوروبا بعد الحرب العالمية، حيث يأتي في اللحظة الحاسمة لمنع الانهيار التام. يؤكد الخبراء أن التدخل السعودي السريع منع كارثة اقتصادية كانت ستؤثر على مئات الآلاف من الأسر اليمنية، خاصة مع تطبيق قرار رقم 11 لعام 2025 الخاص بالإصلاحات الاقتصادية الجذرية.
التأثير الإيجابي بدأ يظهر فوراً على الحياة اليومية للمواطنين، حيث تحسنت القدرة الشرائية وبدأت أسعار السلع الأساسية في الاستقرار. العقيد محمد العامري، جريح حرب، حصل على راتبه ومكافأة تقديرية خاصة لتضحياته، بينما عبرت فاطمة المحمدي، أرملة شهيد، عن امتنانها العميق للسعودية لتسريع معاش زوجها الشهيد. المنحة السعودية، التي تعادل ميزانية دولة صغيرة كاملة، جاءت كالمطر بعد قحط طويل، تحيي الأمل في النفوس اليائسة وتعيد الثقة في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها.
هذا النجاح السعودي في إنقاذ الموقف المالي اليمني يطرح تساؤلاً حاسماً حول المستقبل: هل ستستطيع الحكومة اليمنية استثمار هذه الفرصة الذهبية لتحقيق إصلاحات جذرية تضمن استدامة الاستقرار المالي؟ أم أن عودة الأزمات مجدداً باتت مسألة وقت فقط؟ الإجابة تكمن في مدى التزام الحكومة بمصفوفة الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد، وقدرتها على الحفاظ على هذا الخط الحيوي مع الأشقاء في المملكة ودولة الإمارات.