تغرق محافظة إب، المدينة الخضراء وسط اليمن، في أزمة إنسانية متصاعدة مع اختفاء الغاز المنزلي من الأسواق بشكل شبه كامل، دافعة السكان للعودة إلى عصر استخدام الحطب وتجارة الأشجار والأخشاب كبديل للطهي والتدفئة.
وتزامنت هذه الأزمة مع نقص حاد في المشتقات النفطية، ما أدى إلى شلل في مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطنين الذين يعيشون تحت سيطرة جماعة الحوثي، في مؤشر خطير على تدهور الوضع المعيشي في المحافظة.
أزمة الغاز المنزلية في إب:
تشهد محافظة إب انهياراً غير مسبوق في توفر الغاز المنزلي، حيث أغلقت غالبية محطات التعبئة أبوابها معلنة نفاد مخزونها بالكامل.
وأشارت مصادر محلية إلى أن حالة من الهلع تسود بين السكان خوفاً من التوقف التام لإمدادات الغاز، خاصة مع ارتفاع أسعاره بشكل جنوني في السوق السوداء.
وذكرت المصادر أن سعر اسطوانة الغاز في السوق السوداء بات يفوق القدرة الشرائية لغالبية الأسر، مما يضع المواطنين أمام خيارات صعبة للغاية.
تأثير انعدام الغاز على الحياة اليومية:
عاد سكان إب إلى أساليب الحياة البدائية، حيث بدأت ظاهرة تقطيع الأشجار والأخشاب للاستخدام في الطهي تنتشر بشكل ملحوظ.
وصرّح أحد السكان قائلاً: "نضطر للخروج كل صباح للبحث عن الحطب في التلال المجاورة، تماماً كما كان يفعل أجدادنا قبل عقود طويلة".
وأضافت ربة منزل أن إعداد الطعام أصبح عملية شاقة تستغرق وقتاً طويلاً، مشيرة إلى أن الدخان المنبعث من مواقد الحطب يسبب مشكلات صحية للأطفال وكبار السن، خاصة من يعانون أمراضاً تنفسية.
الأزمات المعيشية في محافظة إب:
تتفاقم أزمة الغاز المنزلي في إب بالتزامن مع استمرار نقص المشتقات النفطية، بعدما أعلنت شركة النفط الخاضعة لسيطرة الحوثيين عن قرب نفاد الكميات المتبقية من الوقود.
ونتيجة لذلك، توقفت العديد من الخدمات الأساسية، وارتفعت أسعار المواصلات بشكل كبير، مما زاد من صعوبة تنقل المواطنين وتأثير ذلك على حركة العمل والتجارة في المدينة.
هذا ويشير مراقبون إلى أن الوضع الإنساني في محافظة إب يتدهور بوتيرة متسارعة، حيث تتداخل الأزمات المعيشية والخدمية في ظل غياب الحلول الفعالة.
وفي هذا السياق، أوضح خبير اقتصادي أن "عودة السكان لاستخدام الحطب تنذر بكارثة بيئية، خاصة مع ازدياد قطع الأشجار في مدينة كانت تُعرف بطبيعتها الخضراء".
تشكل مدينة ومحافظة إب اليوم صورة قاتمة للمعاناة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، حيث تتحول مدينة كانت تُعرف بجمالها وخضرتها إلى ساحة لصراع البقاء اليومي.
وفي ظل استمرار النزاع وتعقيداته السياسية، تبدو آفاق الحل بعيدة المنال، مما يضع المواطنين في قلب معاناة مستمرة تزداد حدتها يوماً بعد يوم، وتعيدهم عقوداً للوراء في أساليب العيش والحياة اليومية.