الرئيسية / من هنا وهناك / عدن تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار النقل .. شركات النقل البري تضاعف التكاليف دون رقابة !
عدن تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار النقل .. شركات النقل البري تضاعف التكاليف دون رقابة !

عدن تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار النقل .. شركات النقل البري تضاعف التكاليف دون رقابة !

نشر: verified icon رغد النجمي 17 أبريل 2025 الساعة 04:15 صباحاً

يواجه سكان عدن أزمة جديدة تضاف إلى سلسلة المعاناة المستمرة منذ سنوات، حيث تشهد المدينة ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار النقل، وسط غياب كامل للرقابة المفترضة من قبل الجهات المسؤولة. 

تأتي هذه الزيادات في وقت يعاني فيه المواطنون من تدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار قيمة العملة المحلية، مما يضع أعباءً إضافية على كاهل المواطن اليمني الذي بات يكافح للحصول على أبسط احتياجاته اليومية.

ارتفاع الأسعار في قطاع النقل

شهد قطاع النقل في عدن خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً حاداً في الأسعار، حيث تفاجأ المواطنون بزيادات غير منطقية في تكاليف التنقل والشحن. 

وفي هذا السياق، كشف أنيس المطري، رئيس نقابة النقل الثقيل في عدن، عن مساعٍ كانت النقابة قد بذلتها في وقت سابق لتخفيف العبء عن المواطنين، حيث اتخذت قراراً بخفض رسوم نقل الحاويات والبضائع للمحافظات البعيدة بنسبة تصل إلى 30% من القيمة الإجمالية، وألزمت السائقين بالالتزام بهذا القرار. 

ولكن هذه المحاولة لم تستمر طويلاً، إذ سرعان ما قوبلت بإجراءات معاكسة من قبل هيئة تنظيم شؤون النقل البري، التي فرضت زيادات جديدة أدت إلى ارتفاع التكاليف بشكل غير مبرر.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الارتفاع في أسعار النقل لم يأت في فراغ، بل يتزامن مع انهيار مستمر في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار المحروقات، والتي تمثل العنصر الأساسي في تكلفة النقل. 

كما أن استمرار النقاط الأمنية ونقاط الجباية غير القانونية على امتداد الطرق بين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الموالية للتحالف، تسهم بشكل كبير في زيادة الأعباء المالية على السائقين، الذين بدورهم يضطرون لنقل هذه التكاليف إلى المستهلك النهائي.

دور هيئة تنظيم شؤون النقل

يظهر أن دور هيئة تنظيم شؤون النقل البري التابعة للحكومة الموالية للتحالف قد انحصر في فرض المزيد من الرسوم والجبايات، دون تقديم أي خدمات فعلية تساهم في تحسين قطاع النقل أو تخفيف معاناة المواطنين. 

ففي تصريحاته الإعلامية، أشار رئيس نقابة النقل الثقيل إلى أن الهيئة فقدت بوصلة عملها وأصبحت تركز فقط على تحصيل ما وصفه بـ"الجبايات غير المنطقية وغير المبررة". 

هذه الزيادات في الرسوم تأتي في وقت كان يفترض فيه من الهيئة أن تلعب دوراً رقابياً وتنظيمياً يساهم في ضبط الأسعار ومنع الاستغلال، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية العامة في البلاد.

مما يثير الاستياء، غياب أي رقابة حقيقية من قبل الهيئة على نقاط الجباية المنتشرة على الطرق، والتي تمارس ابتزازاً مستمراً للسائقين دون أي سند قانوني. 

وبدلاً من أن تقوم الهيئة بدورها في حماية السائقين من هذه الممارسات، فإنها تضيف أعباءً جديدة عليهم من خلال فرض رسوم إضافية على تصاريح النقل. 

وفي الوقت نفسه، لا تقدم الهيئة أي تحسينات ملموسة في بنية الطرق أو خدمات الصيانة أو تطوير قطاع النقل بشكل عام، مما يجعل هذه الرسوم الإضافية عبئاً غير مبرر على كاهل العاملين في القطاع والمستفيدين من خدماته.

تأثير القرار على المواطن والسوق:

تمتد تأثيرات ارتفاع أسعار النقل لتطال كافة جوانب الحياة اليومية للمواطن اليمني، فزيادة تكلفة نقل البضائع تنعكس بشكل مباشر على أسعار السلع في الأسواق المحلية. 

والواقع أن المواطن يبقى الضحية الأولى والأخيرة لهذه السياسات، حيث أكد المطري أن قرار هيئة النقل بزيادة رسوم التصاريح سيدفع التجار حتماً إلى رفع أسعار السلع، لأن هذه الزيادات ستضاف إلى التكلفة الإجمالية للبضائع. 

وهذا يعني مزيداً من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية والأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية، في وقت تشهد فيه القدرة الشرائية للمواطنين انخفاضاً حاداً بسبب تدهور قيمة العملة المحلية.

علاوة على ذلك، تؤدي هذه السياسات إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في السوق، حيث يضطر أصحاب المحلات التجارية إلى تغيير أسعارهم بشكل متكرر لمواكبة الزيادات المستمرة في تكاليف النقل. 

ومما يزيد الوضع تعقيداً، غياب آليات واضحة لتحديد الأسعار والالتزام بها، فضلاً عن ضعف الرقابة على الأسواق، مما يفتح المجال أمام بعض التجار لاستغلال الوضع وفرض أسعار مبالغ فيها، مستغلين حجة ارتفاع تكاليف النقل. 

وبين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان انخفاض الدخل، يجد المواطن نفسه في دوامة من العجز عن تلبية احتياجاته الأساسية، مما يدفعه إلى اللجوء لاستراتيجيات تكيف قاسية مثل تقليص الاستهلاك أو اللجوء للاقتراض، وهي حلول مؤقتة تزيد من حدة المشكلة على المدى الطويل.

يبدو واضحاً أن معالجة أزمة ارتفاع أسعار النقل في عدن تتطلب نهجاً شاملاً يبدأ بإعادة النظر في دور هيئة تنظيم شؤون النقل البري، وتفعيل آليات الرقابة، ووضع حد للجبايات غير القانونية على الطرق. 

كما يستدعي الأمر تنسيقاً أكبر بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك نقابات النقل والجهات الحكومية، لضمان توازن يحمي مصالح جميع الأطراف، وفي مقدمتهم المواطن الذي ما زال يتحمل الجزء الأكبر من تداعيات هذه الأزمة المتفاقمة في ظل صمت رسمي وغياب للحلول الجذرية.

اخر تحديث: 17 أبريل 2025 الساعة 04:15 صباحاً
شارك الخبر