تلعب الميكروبات الموجودة في أمعائنا، من البكتيريا والفيروسات والميكروبات التي تعيش في قنواتنا الهضمية، أدوارا مهمة في صحتنا وخطر الإصابة بالأمراض بطرق بدأ التعرف عليها للتو.
وأظهر باحثون ومتعاونون في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، مؤخرا، لدى كبار السن من الرجال أن تكوين ميكروبيوم أمعاء الشخص مرتبط بمستويات فيتامين D النشط، وهو هرمون مهم لصحة العظام والمناعة.
وكشفت الدراسة، التي نُشرت في 26 نوفمبر 2020 في مجلة Nature Communications، عن فهم جديد لفيتامين D وكيفية قياسه عادة.
ويمكن أن يتخذ فيتامين D عدة أشكال مختلفة، لكن اختبارات الدم القياسية تكشف عن واحد فقط، وهو مادة غير نشطة يمكن أن يخزنها الجسم. ولاستخدام فيتامين D، يجب على الجسم استقلاب السلائف في شكل نشط.
وقالت كبيرة الباحثين ديبورا كادو، مديرة عيادة هشاشة العظام في جامعة كاليفورنيا: "فوجئنا بأن تنوع الميكروبيوم (أنواع البكتيريا المتنوعة في أمعاء الشخص) مرتبط ارتباطا وثيقا بفيتامين D النشط، ولكن ليس بشكل السلائف. ويُعتقد أن زيادة تنوع ميكروبيوم الأمعاء يرتبط بصحة أفضل بشكل عام".
وقادت كادو دراسة كسور هشاشة العظام عند الرجال (MrOS) التي تمول من المعهد الوطني للشيخوخة، وهي دراسة كبيرة بدأت في عام 2000.
وتعاونت مع روب نايت، أستاذ ومدير في مركز ابتكار الميكروبيوم في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، جنبا إلى جنب مع المؤلفين المشاركين روبرت إل توماس، زميل في قسم أمراض الغدد الصماء في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وسيرين لينغينغ جيانغ، طالبة دراسات عليا في برنامج الإحصاء الحيوي في كلية هربرت ويرثيم للصحة العامة وعلوم طول العمر البشري.
وأشارت دراسات متعددة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض مستويات فيتامين D هم أكثر عرضة للإصابة بالسرطان وأمراض القلب وعدوى "كوفيد-19" الأسوأ وأمراض أخرى. ومع ذلك، خلصت أكبر تجربة سريرية عشوائية حتى الآن، مع أكثر من 25000 بالغ، إلى أن تناول مكملات فيتامين D ليس له أي تأثير على النتائج الصحية، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان أو حتى صحة العظام.
وقالت كادو، وهي أيضا أستاذة في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو وكلية هربرت ويرثيم للصحة العامة: "تشير دراستنا إلى أن السبب في ذلك هو أن هذه الدراسات تقيس الشكل الأولي لفيتامين D فقط، وليس الهرمون النشط. قد تكون مقاييس تكوين فيتامين D وانهياره مؤشرات أفضل للمشكلات الصحية الأساسية، ومن قد يستجيب بشكل أفضل لمكملات فيتامين D".
وقام الفريق بتحليل عينات البراز والدم التي ساهم بها 567 رجلا مشاركا يعيشون في 6 مدن حول الولايات المتحدة، وكان متوسط أعمارهم 84 عاما، وأفاد معظمهم أنهم بصحة جيدة أو ممتازة.
واستخدم الباحثون تقنية تسمى تسلسل 16s rRNA لتحديد وقياس أنواع البكتيريا في كل عينة براز بناء على معرفات جينية فريدة. واستخدموا طريقة تُعرف باسم LC-MSMS لتحديد مستقلبات فيتامين D (السلائف والهرمون النشط ومنتج التحلل) في مصل دم كل مشارك.
وبالإضافة إلى اكتشاف صلة بين فيتامين D النشط والتنوع الكلي للميكروبيوم، لاحظ الباحثون أيضا أن 12 نوعا معينا من البكتيريا ظهرت في كثير من الأحيان في ميكروبيومات أمعاء الرجال الذين لديهم الكثير من فيتامين D النشط، والأحماض الدهنية المفيدة التي تساعد في الحفاظ على صحة بطانة الأمعاء.
وقالت جيانغ: "ميكروبات الأمعاء معقدة حقا وتختلف كثيرا من شخص لآخر. عندما نعثر على ارتباطات، فإنها عادة لا تكون متميزة كما وجدنا هنا".
ونظرا لأنهم يعيشون في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، فإن الرجال في الدراسة يتعرضون لكميات مختلفة من ضوء الشمس، وهو مصدر لفيتامين D ومعظم سلائف فيتامين D.
لكن الفريق لم يجد بشكل غير متوقع أي ارتباط بين المكان الذي يعيش فيه الرجال ومستويات هرمون فيتامين D النشط لديهم.
وقالت كادو: "يبدو أنه لا يهم كمية فيتامين D التي تحصل عليها من خلال ضوء الشمس أو المكملات الغذائية، ولا مقدار ما يمكن أن يخزنه جسمك. من المهم مدى قدرة جسمك على استقلاب ذلك في فيتامين D النشط، وربما هذا هو ما تحتاج التجارب السريرية إلى قياسه من أجل الحصول على صورة أكثر دقة عن دور الفيتامين في الصحة".
وأضاف توماس: "غالبا ما نجد في الطب أن المزيد ليس بالضرورة أفضل. لذلك في هذه الحالة، ربما لا يتعلق الأمر بكمية فيتامين D التي تتناولها، ولكن كيف تشجع جسمك على استخدامه".
وأشارت كادو إلى أن الدراسة اعتمدت على لقطة واحدة في الوقت المناسب للميكروبات وفيتامين D الموجود في دم وبراز المشاركين، ويمكن أن تتقلب هذه العوامل بمرور الوقت اعتمادا على بيئة الشخص ونظامه الغذائي وعادات نومه وأدويته والمزيد. ووفقا للفريق، هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم دور البكتيريا في استقلاب فيتامين D بشكل أفضل، ولتحديد ما إذا كان التدخل على مستوى الميكروبيوم يمكن استخدامه لزيادة العلاجات الحالية لتحسين العظام وربما النتائج الصحية الأخرى.