لعبت كاتيوشا دوراً حاسماً في انتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب الوطنية العظمى، وهي واحدة من أكثر رموز الأسلحة شهرة وشعبية حول العالم.
إنها منظومة صواريخ "كاتيوشا"، أول صواريخ دفع ذاتي بالعالم، والتي ما تزال بعد ما يقرب من 80 عاما على إنتاجها تحافظ على شعبيتها، بسبب فاعليتها وتكلفتها المنخفضة نسبيا مقارنة بمثيلاتها.
سلاح النصر
في نهاية شهر يونيو/حزيران من عام 1941 جرى تجميع أول منصة إطلاق قاذفة، في مصنع كومينتيرن بمدينة فارونيج، والتي أطلق عليها أنظمة إطلاق راجمات الصواريخ BM-8 وM-1، لتشتهر عالميا باسم "كاتيوشا".
أصبحت كاتيوشا أول قاذفة صواريخ من نوع الراجمات في الاتحاد السوفييتي، وفي بداية شهر يوليو/تموز 1941 تم تشكيل أول سرية منفصلة لمدفعية الصواريخ الميدانية التابعة للجيش الأحمر.
وفي نفس الشهر، أطلقت راجمات كاتيوشا لأول مرة صواريخها ضد القوات الفاشية، وألحقت بالنازيين هزيمة ساحقة أدت إلى إنهاء الحرب لصالح روسيا.
لم تقتصر أهداف راجمات الصواريخ كاتيوشا على أسلحة المشاة والمعدات العسكرية للعدو فحسب، بل وأيضا خطوط الدفاع المحصنة التي استخدمتها القوات الفاشية للقضاء على القوات السوفيتية. كما ساهمت هذه المنصات بتحرير موسكو ومحيطها وكذلك في معركة ستالينغراد الشهيرة وفي معركة كورسكايا دوغا.
استخدم الكاتيوشا بنجاح حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وكسب هذا السلاح مكانة عالية وتقديراً كبيراً لدى الجنود والضباط السوفيت وبالمقابل شكل رعبا وكابوسا مخيفاً لدى القوات النازية، لكن ما قصة اسم كاتيوشا.
كاتيوشا تغزو العالم
"كاتيوشا" هو تصغير لاسم "كاترينا"، أحد أكثر أسماء الإناث شيوعا وانتشارا في روسيا. التصق الاسم بالسلاح الذي كان يُرعب الألمان حتى اطلقوا عليه تسمية "سيمفونية ستالين".
وبينما تتضارب الفرضيات بشأن أصل التسمية، لكن من المرجح أنه يعود إلى أغنية "كاتيوشا" ذات الشعبية الواسعة آنذاك في الاتحاد السوفيتي.
أصبح اسم كاتيوشا الأكثر شهرة وشعبية بين صفوف الجنود السوفييت وعامة الشعب، وذلك بسبب الأغنية التي كتبها الشاعر الروسي ميخائيل إيزاكوفيكسي في أواخر الثلاثينات.
اكتسبت الأغنية -غنَّتها لأول مرة المغنية الشعبية ليديا روسلانوفا- شعبية واسعة عندما أديت في وداع مجموعة من الجنود المشاركين في الحرب.
وكاتيوشا هي فتاة حسناء تطوع حبيبها في الجيش السوفيتي ليقاتل إلى جانب رفاقه في الجبهة ضد النازيين، فراحت تغني له.
في كلمات الأغنية، تعاهد كاتيوشا حبيبها بأنها ستبقى بانتظاره وفية له، إلى أن يعود من الحرب. كما تعاهده أيضاً بأنها ستحرس حبّهما وتصونه، كما يحرس هو بلاده ويصونها.
لم تصل أغنية كاتيوشا إلى حبيبها المحارب فحسب، بل انتشرت في كل أنحاء العالم وأعيد إنتاجها بلغات مختلفة.
وتعتبر الكاتيوشا اليوم ضمن القاذفات السوفيتية متعددة الصواريخ المثبتة على شاحنات — واسعة الانتشار في جميع أنحاء العالم، وتؤدى في أغلب المناسبات الرسمية.
يشار إلى أن مخترع "كاتيوشا"، إيفان غفاي، حاز على شهادة الدكتوراه في عام 1943 دون مناقشة الأطروحة العلمية، فعندما سأله المجلس العلمي: "أين أطروحتك العلمية قال: "تطلق النار في جبهة القتال".
تضمنت أسلحة الكاتيوشا المستعملة في الحرب العالمية الثانية قاذفة الصواريخ بي إم 13، والقاذفة الخفيفة بي إم 8، والثقيلة بي إم 31.
وتتمتع صواريخ الكاتيوشا بالقدرة على توصيل كمية مدمرة من المتفجرات إلى المنطقة المستهدفة بطريقة أسرع لكن بدقة أقل وتستغرق وقتا أكثر في إعادة التحميل، وتعتبر هذه القاذفة غير مكلفة نسبيا وسهلة الإنتاج، وكانت السبيل الوحيد لإلحاق الهزيمة بالألمان خلال الحرب.