اتخذت السلطات اليمنيّة عدداً من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا الجديد، إلا أن إغلاق الأسواق الشعبية لبيع نبتة القات يشكّل التحدي الأبرز للقائمين على المدن الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين على حد سواء. وتشكل أسواق القات أحد أبرز التجمعات اليومية لليمنيين. وعند منتصف كل نهار، يتدافع المواطنون على أبواب الأسواق الشعبية لشراء عشبة القات التي تمد من يمضغها بالنشاط. ومع تعليق الرحلات والدراسة وصلاة الجمعة والجماعة في المساجد للحد من التجمعات، باتت أسواق القات الشعبية التي تنتشر بكثافة داخل كافة المدن الرئيسية والصغرى، العقبة الأكبر أمام سلطات عدن وصنعاء بهدف الحيلولة دون تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد. وعلى الرغم من عدم تسجيل أية إصابات مؤكدة بفيروس كورونا الجديد، كما تؤكد السلطات الصحية، إلا أن الخدمات الطبية تشهد تدهوراً كبيراً في البلد الذي يعيش اضطراباً ونزاعاً متصاعداً منذ أكثر من خمس سنوات.
وحاولت السلطات اليمنيّة، في مناسبات سابقة، تنظيم ونقل أسواق القات إلى خارج المدن من أجل الحد من الازدحام المروري في أوقات الظهيرة، إلا أنها عجزت عن ذلك. وتجدد الأمر في الوقت الحالي مع دعوة ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لإغلاقها بشكل كامل، كون القطاع الصحي لا يحتمل مواجهة وباء كورونا. ويقول وكيل وزارة الصحة في الحكومة اليمنية الشرعية علي الوليدي، لـ "العربي الجديد"، إنّ قرار إغلاق أسواق القات يحتاج إلى جهة أمنية صارمة.
ولأن القرار قد يشهد معارضة كلية من قبل المواطنين، بدأت السلطات المحلية في بعض المحافظات وعلى رأسها حضرموت، بالإعلان عن قرارات تمهيدية لحل مشكلة أسواق القات، وذلك بدعوة الناس لتنظيم الدخول الفردي إليها وتجنب الإزدحام. وشدد محافظ حضرموت فرج البحسني، في خطاب متلفز، على أنه سيتم إغلاق أسواق القات في حال عدم الالتزام بتنظيم الدخول الفردي وتجنب الازدحام. وفي صنعاء، أعلنت حكومة الحوثيين، اليوم الأحد، عن سلسلة من الإجراءات الاحترازية، لكنها لم تقرر إغلاق أسواق القات، بل نقلها إلى أماكن مفتوحة مؤقتاً، لمنع ازدحام مرتاديها، وذلك ضمن قرارات عدة أبرزها تقليص عدد الموظفين في القطاع العام والمختلط إلى 80 في المائة.
وهدّد الحوثيون بإغلاق أسواق القات بشكل نهائي في حال عدم الالتزام بقرار نقل الأسواق إلى أماكن مفتوحة، وطلبت من القيادات المحلية التابعة لها بصنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها تحديد أماكن الأسواق الجديد. من جهته، يستبعد عبد الفتاح المحمدي، وهو موظف حكومي في تعز، تطبيق قرارات منع أو نقل أسواق القات، وقال إنه حتى في ذروة المعارك والهجمات التي كانت تشهدها المدن خلال السنوات الماضية، بقيت أماكن بيع القات مفتوحة.
ويقول المحمدي لـ "العربي الجديد" :"القات، إضافة إلى اعتباره عشبة منبهة تساعد اليمني على إنجاز مهامه، يعد مصدر دخل لآلاف الأسر في كل المحافظات، وسيكون من الصعب أن تقوم بإلغاء هذا المورد الرئيسي بين ليلة وضحاها. ويشير مراقبون إلى أن القات سبب رئيسي لاختلاط الناس في الأسواق المخصصة لبيعه، وفي أوقات مضغه، حيث يتجمع العشرات في طقوس اجتماعية يومية لمضغه والحديث في الشأن العام لساعات عدة منذ الظهيرة وحتى حلول المساء. ويسخر مصطفى الدهبلي، وهو بائع قات في مدينة تعز، من جدية السلطات في تطبيق قرار منعه، قائلاً لـ "العربي الجديد" إنّ مسؤول الصحة في المحافظة هو أول زبائنه وبشكل يومي حتى الآن. ويشير إلى أنه لو استدعى الأمر سيقومون بنشر بائع قات أمام كل منزل للحد من الازدحام أو تطبيق خدمات التوصيل "ديليفري" للحد من التجمعات البشرية.
وفي إطار الإجراءات المتخذة، دخل قرار تعليق الدراسة في كل المدن اليمنية، اليوم الأحد، أسبوعه الثاني، فيما توقفت الرحلات الجوية من وإلى كل المطارات منذ الأربعاء الماضي. واليمن هو واحد من 3 دول عربية فقط لم تسجل أي إصابات مؤكدة بفيروس كورونا الجديد حتى الآن، إضافة إلى سورية وليبيا، بحسب منظمة الصحة العالمية.