يستطيع رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام الشيخ سلطان البركاني تقمص أي دور بمهارة, ويتقبل منه الناس أن يكون أي شيء, إلا أن يكون "معارضاً".
يعتقد البركاني أن المعارضة حرفة, يستطيع أي "ملقوف" أن يجيدها, ويبدو أنه يجتهد كثيراً هذه الأيام؛ للخروج لنا بكتاب "كيف تصبح معارضاً في 5 أيام؟!".
في مجلس النواب، يزايد البركاني - الذي ذبح المواطن كـ رعوي هو شيخ عليه أباً عن جد منذ خمسين سنة, وأحسن ذبحته، وهو يترأس كتلة حزب حاكم, يدافع عن كل سياسات التجويع, طيلة عقود, وبعدها عن كل أعمال البلطجة خلال الثورة الشبابية - على المواطن البسيط.
ويقول: إن "حكومة باسندوة تذبح المواطن"؛ بمساواة أسعار المشتقات النفطية.. لنقل إنها جرعة, وإنها لا تهدف إلى مكافحة التهريب والقضاء على الفساد الناتج عن دعم حكومي كان يذهب إلى جيوب اللصوص, لا إلى المواطن البسيط.
لكن, هل سيثق هذا المواطن أن يدافع عنه وعن أحلامه شخص هو من دهس مواطنته وإنسانيته وكرامته طيلة عقود؟.
يدرك الناس جيداً أن البركاني يعمل جاهداً - منذ سقوط نظام صالح – على الظهور كمعارض خطر, يتجاوز الصيني الحائز على نوبل "شياباو", ويدركون جيداً أن الشيخ لم يكن يوماً ذا رأي مستقل, بل قفاز يُستخدم للكم خصوم صالح وأولاده.
حتى وإن لم تحقق أهدافها كاملة, يُحسب للثورة أنها رفعت من وعي المواطنين, وجعلتهم يعرفون جيداً خامات الناس، يميزون السموم التي ينفثها السياسيون, ويمتلكون الشجاعة الكاملة للتعبير عن سخطهم من أية قرارات, حتى لو كانت صادراً من أعالي السلطات, ولا ينتظرون من شيخ كالبركاني - كان يقول قبل أيام: "إنا سليل أسرة مشائخ منذ خمسمائة عام"، ويزور أبناء دائرته بموكب يفوق الثلاثين سيارة - أن يبكي على المواطن.
البركاني, وكثيرون من صقور المؤتمر – وهذا وصف لا يتناسب إطلاقاً مع الشيخ؛ كون الصقور ترمز دائماً للرفعة والشجاعة – ينفذون مهمة: معارضة حكومة الوفاق الوطني. معارضة أي قرار؛ تنفيذاً لوعد قطعة الزعيم الأغر, بأنهم سيتحولون إلى معارضة.
هناك فصيل متكامل مدعّمون بمجموعة صحفيين, مهمته الوحيدة إرباك حكومة باسندوة؛ يتحدثون ويكتبون لأسبوع متكامل في موضوع موحد, وكأننا أمام "فيلم الأسبوع"..!
يصدر قرار اعتبار السبت إجازة؛ فتجدهم يتذكرون الشرع, وكيف أن باسندوة يريدنا أن نتشبه باليهود.
تقوم الحكومة بتوحيد سعر المشتقات؛ فيغرقونا بدموعهم على المزارعين, ويقولون: قرارات حكومة باسندوة تغضب المزارعين.
إذا كانت قرارات حكومة الوفاق قد أغضبت المزارعين, وخصوصاً مزارعي المانجو, فإن قرارات حكومات نظام صالح - منذ صعوده، وحتى حكومة تصريف الأعمال التي أدارها حسن اللوزي كاحتياط لمجور - قد أغضبت الملائكة والطيور في السماء, وأهانت البشر والشجر, وليس المزارعين فقط.
يتوجب على سلطان البركاني إدراك أن المعارضة ليست “زعبقة” تحت قبة البرلمان, وأن من أخفق كحاكم لن ينجح كمعارض؛ فالمعارضة ملكة لا تتوفر لديه, وعليه أن يتركها لأصحابها, وألا يتذاكى كثيراً, وهو يتذكر المواطن البسيط, الذي سيعلن ترحابه بأية قرارات مغلوطة, ليس لشيء سوى أن البركاني ضدها..هكذا عناد.
الناس يعرفون تماماً من هو البركاني.. يعرفون أن حكومة الوفاق هي مناصفة بين حزبه وأحزاب المشترك, وليست وكالة لصاحبها محمد سالم باسندوة, وأن وزارة النفط - التي أعلنت الجرعة - من نصيب حزب المؤتمر, وأن شركة النفط
اليمنية - التي تتسلم معونات دول الجوار وتقوم بتوزيعها للصوص وبيعها للمهربين - يرأسها عمر الأرحبي؛ المسموح له منذ نظام صالح بممارسة ما يحلو له من فساد نفطي.
يفترض أن يضم حزب المؤتمر عقلاء كثر, وأعقل من البركاني بمراحل, يشعرون حالياً بحساسية المرحلة, ويدركون أين أصبحت اليمن, وأين يريدون لها أن تمسي..؟
من المخجل أن يرتضي هؤلاء لنفر بعدد أصابع اليد, يعبثون بأحلامنا, وينسفون كل لحظة طمأنينة في حياتنا؛ من أجل إرضاء غرور أشخاص مصابين بمس.
يعتقد البركاني - أنه بأفعاله الطائشة - سيقلع باسندوة من حكومة الوفاق, ككفارة لاقتلاعه نظام صالح, لكنه مخطئ, ولا يجيد الحسبة.
حكومة الوفاق بند من بنود المبادرة, وتحظى بدعم إقليمي وعربي, ولن تتزحزح قبل 2014, لذا علينا أن نتركها تعمل, فيما تبقى لها من عمر, أما محاولة زرع الأفخاخ في طريقها, وكيل التهم والشتائم لشخص بحجم محمد باسندوة, فلن تظهر أولئك النفر إلا بلاطجة كما عهدناهم, وأعداء للسلام.
***
حكومة الوفاق الوطني ملزمة بدراسة كل قرار تفكر في تطبيقه " 1000 مرة" قبل التنفيذ؛ 900 من أجل تحصين الناس من سموم البركاني, وحفاظاً على الرؤوس من الصداع الذي تتسبب فيه مزايداته كمعارض, و100 مرة من أجل الشعب, الذي ينتظر قرارات تنتشله من زمن بائس.
قرار المشتقات النفطية ينبغي أن تتبعه قرارات سريعة؛ تضمن للمواطنين والمزارعين مستقبلاً مزدهراً, يختلف عما عاشوه طيلة 33 عاماً من فساد, وتخسف من أمامهم تجار السوق السوداء واللصوص الذين كانوا يبيعون لهم بأسعار خرافية.
***
رغم كل الضجيج المفتعل, يترك الناجحون بصمات؛ الرفيق والوزير الشاب واعد باذيب هو الأنجح حتى اللحظة في إعادة ترتيب وزارته – النقل - والأكثر فوزاً بقرارات جمهورية تصحيحية لقطاع أنهكه النظام السابق وحوّله إلى عالة على البلد: الخطوط اليمنية, موانىء عدن, مطار عدن, مؤسسة النقل البري, وبانتظار خطوات أكثر تصحيحاً في مجال المنافذ البرية؛ التي ظلت ممراً آمناً للتهريب.