الرئيسية / تقارير وحوارات / الكاتب والروائي اليمني مروان الغفوري: يوما ما سأكتب رواية عن وطني اليمن والربيع العربي (حوار)
الكاتب والروائي اليمني مروان الغفوري: يوما ما سأكتب رواية عن وطني اليمن والربيع العربي (حوار)

الكاتب والروائي اليمني مروان الغفوري: يوما ما سأكتب رواية عن وطني اليمن والربيع العربي (حوار)

25 أغسطس 2016 05:51 مساء (يمن برس)
مروان الغفوري يقر بأنه ينتمي الى ثلاثة بلدان، فهو درس التاريخ والأدب في اليمن، وعاش مع الشعر والطب في مصر، وعندما وضع قدميه على الأراضي الألمانية قبل أعوام بدأ في كتابة الرواية، منحه اليمن احساسا كثيفاً بالتاريخ، ودلته مصر على الشعر، أما ألمانيا المعقدة، الساحرة، المركبة، فألهمته الرواية.

نشر كتباً عدة، ولأنه يهتم بالشأن السياسي، يرى أن “الربيع العربي بداية نهاية سقوط عهود الاستبداد، وأننا نسير على الخطى نفسها لتحرر الشعوب الأوروبية التي جنت ثمار ثوراتها”.

عن آخر أعماله، وهما روايتا “هروب الفتى عاري الصدر” و”لغز الموت”، يدور هذا الحوار مع الكاتب اليمني مروان الغفوري، الحاصل من قبل على جائزة الشارقة للابداع العربي:

حدثنا عن مجمل مؤلفاتك وأقربها اليك؟

كتبت عشرة كُتب، في السياسة، الثقافة، الرواية، الشعر. ومن بين ثلاث مجموعات شعرية نشرتُ اثنتين. ومن بين خمس روايات نشرتُ أربعة. ولا تزال لدي بعض الأعمال الجاهزة، أبحث لها عن ناشر.

يعد كتاب “هيلين” أقرب ما كتبت الى قلبي لارتباطه بذكرى خاصة بي وهي مولد ابنتي هيلين، عندما أخبرتني زوجتي أنها حامل بطفلتنا الوحيدة، قررت أن أكتب رسائلي اليها، وينتمي هذا الكتاب الى فن الرسائل الأدبية، ثم توقفت عن الكتابة فيه عشية ولادتها.

كانت فكرتي، ما أن تخرج هيلين الى العالم فسيكون عليها أن ترى النور والعالم، وسأكتفي عن قول المزيد لها.

ماذا عن رواية “هروب الفتى عاري الصدر”؟

في العام 2008 كتبتُ نصاً روائياً بعنوان “كود بلو”، يتحدث عن تجربة مع الموت، نشر في المرة الاولى بمصر، كتبت حوله تعليقات كثيرة لعل من أهمها سلسلة المقالات التي كتبها الناقد العربي المعروف الدكتور عمر عبد العزيز، المولع بالفن والأدب الصوفي، لسبب ما تعلق عبد العزيز بالنص، لا يزال يشير اليه من وقت الى آخر. أعدتُ كتابة الرواية في العام 2014 بين ألمانيا وفرنسا، بلغة مختلفة كلياً مبقياً على القصة الأساسية.

بعد الفراغ من كتابة الرواية للمرة الثانية وجدتني بصدد نص، كنسيج، مختلف عن النص الأم. ترددت كثيراً، ثم اتخذت قراراً بمنح النص اسماً جديداً” هروب الفتى عاري الصدر”. الرواية تتحدث في مجملها عن شاب يتعرض لوعكة صحية يدخل بسببها غرفة الرعاية المركزة، هناك يحدث صراع بين جسده وروحه الهائمة في الغرفة ترصد أدق تفاصيل الغرفة والموجودين بها.

كيف ترى الموت؟

كطبيب، أجده التحدي اليومي، العدو اليومي، كفنان أراه على نحو مختلف، شخصياً لا أخشاه ولا أنتظره، يفزعني في هذا الموضوع الغموض الذي يفضي اليه الموت، اذا راجعنا نظرية “التمزق العظيم”، نجدها توليفة لسلسلة من النظريات حول الكون منذ منتصف خمسينات القرن الماضي تفضي الى التنبؤ بالطريقة التي سينهار بها، بالعودة الى “القرآن”، نقرأ: “وانا لجاعلون ما عليها صعيداً جرُزاً”، سنقع في لجة من الحيرة، بين الشك العميق والوجل الملبد بالشك، يمكن ان تخيل مشهداً ختامياً مفاجئاً، حسب القرآن “حالاً، أو وشيكاً”، بينما تقول النظرية العالمية الأجدد بعد 22 مليار عام. الموت هو المتاهة والضياع بين ذلك.

كيف يعيش المنتصرون في الحروب وكيف يفلتون من ضجيج الموتى؟

أمير، بطل الرواية، تحدث عن ذلك، لا أتذكر بالضبط ما الذي كان يدور في خلده، آنذاك، وهو يسمع ضجيج الموتى، ربما سمع احتجاج الموتى ممن سقطوا في معارك لا ذنب لهم فيها، ونسب النصر لقادة لم يشاركوا فيها.

ماذا عن الموت الناعم الذي تحدثت عنه الرواية؟

في “هروب الفتى” يتحدث أمير عن الموت الناعم، وهو تعبير شعري كثيف ربما اقتبسه بطل الرواية من نص لوركا، يتحدث لوركا عن فتى سقط فـ “سال الموت الناعم من بين أصابعه”. الموت حالة صافية من العدم المحض.

ما المدينة التي بلا قلب؟

مدينة الشعراء أحمد عبد المعطي حجازي، بدر شاكر السياب، بودلير، مدن الشعراء بلا قلوب، كان أمير يستعيد ذكرياته، يمر شريط حياته أمامه، مستعرضاً أدق تفاصيل حياته حتى لو لفظ أو مصطلح مر عليه يوماً ما، وقتها توقف أمام مدن الشعراء، تمنى لو كان بلا قلب حتى يعيش طويلاً.

ماذا كنت تقصد بعبارة “جدك بلا قلب انه يتجاوز المئة عام”؟

في “هروب الفتى”، سمع أمير في طفولته من سيدة تعمل قارئة للمستقبل، قالت هذه الجملة لكنه لم يصدقها، فقد عاش جده قرناً وكان طيب القلب، ربما قالت له ذلك لأنه عندما يشيخ القلب يشيخ الجسد وتذبل الملامح.

موت اختياري

متى يقرر الانسان أن يكون موته اختيارياً؟

عندما يتملكه اليأس ولا يجد أمامه سبيلا سوى الموت، عندما تضيق به الحياة ودروبها، وتثقل الأحمال وتزيد الضغوط ولا يستطيع أن يجد لها حلولا ممكنة، في هذه الحالة الموت يكون الحل الوحيد، سواء كان عن طريق الانتحار، الذهاب الى الحروب، عندما يقرر أن يكون قاطع طريق، ديكتاتوراً، وما أكثر ضحايا النوع الأخير من الطغاة.

هل الحياة تستحق الركض الذي يستغرقه الانسان طوال رحلتها؟

بالطبع على هذه الأرض ما يستحق الحياة، لا نعرف حتى الآن ما هو أجمل من هذه الحياة، لكن بما أن الانسان ما زال يتنفس وشهد مولد يوم جديد، اذن هناك جديد، وبانتظار كشف الغطاء عن سر غموض القادم.

ما ظاهرة النيكوفيليا؟

تعبير علمي في وصف سلوك بشري نادر “عشق الأجساد الميتة”، في الدراسات والكتب العلمية، وصف فائض حول الظاهرة وتاريخها وتجلياتها، في ألمانيا، في القرن التاسع عشر، خرج شاب من قريته في العشرين من عمره الى فيينا، هناك كشف عن موهبة سلبت الألباب، مع الأيام لوحظ سلوكه “النيوكوفيللي”، حتى انه عبث في يوم ما بجمجمة موتسارت.

ما ردك على من ينصح غير المصريين بالاهتمام بشأن بلادهم كما ورد على لسان أمير؟

العالم يخص كل الناس، مشكلة واحدة في بلد واحد يمكن أن تهز العالم بأكمله، المسائل المتعلقة بالحرية، الديمقراطية، العدالة تخص البشرية كلها، ليست شؤوناً داخلية. جون كينيدي في مطلع الستينات له تعبير مشابه. اذا عدنا الى العام 1995 وقرأنا عملية “درع البيزو” الشهيرة لكانت الصورة أكثر وضوحاً. يحتشد العالم كله، يدفع عشرات المليارات من الدولارات للمكسيك للحيلولة دون انهيار اقتصادها مع تهاوي عملتها، البيزو، حتى اليابان ساهمت في تلك العملية، كان من شأن انهيار البيزو أن يقوض اقتصاد العالم، حدث ذلك، فيما بعد، مع انهيار “ليمان بروذرس” في خريف 2008، فيلم “حروب تشارلي ويلسون”، بطولة توم هانكس، يقدم مثالاً عظيماً في هذا الشأن، تجاهل الأمية في اليابان بعد الغزو السوفياتي قاد الى انهيار نيويورك بعد أقل من ربع قرن.

ما العقبات التي واجهتك ككاتب؟

مشكلة النشر شأني شأن كل أبناء جيلي من الكتاب الشباب، ثم انعدام سوق الكتاب في بلدي نظراً الى الظروف المتردية وغير المستقرة التي أثرت سلباً على كل مقومات الحياة في الوطن العزيز الغالي.

اليمن الى أين كمثقف؟

اليمن يمر بطور من زعزعة الاستقرار ومن أجل الوصول الى الاستقرار؛ هناك شعوب لا تحصى في هذه الأرض، مرت بالصورة نفسها، حتى أميركا، عندما أقرأ عن الحرب الأهلية في أميركا (18611865)، أهمس لنفسي، الآن، الدور علينا.

هل ما يحدث في الدول العربية ربيعاً عربياً أم خريفاً تدفع ضريبته الشعوب ويجني حصاده الغرب والحكام العرب؟

هو ربيع عربي، يشبه “ربيع الشعوب الأوروبية” في الفترة من 1848 وحتى 1851. انهار ربيع الشعوب الأوروبية آنذاك، لكن الأمم الأوروبية بقيت، جددت محاولاتها، ها هي ماثلة للعيان، في زمن ما بعد الحداثة السائلة.

كيف ترى المستقبل العربي في ظل فوضى المعلومات؟

تغير التكنولوجيا كل شيء، وتخلق عالماً جديداً كلياً. بحسب ما أفهمه من حركة التاريخ، فالانسان يصعد، يصنع حياة أفضل. قبل مئة عام أكل السل نصف فناني العصر الكلاسيكي، بمن فيهم تشيخوف وكافكا، قبل أربعمئة عام أكل الجذام كل معالم الحياة، وفي باريس وحدها كان هناك أكثر من ألفي “معسكر اعتقال” للمصابين بالجذام. أصبح كل ذلك جزءاً من الماضي. لن يتوقف الانسان، لن يوقفه شيء.

ما الرواية التي تتمنى كتابتها؟

يوما ما سأكتب رواية عن اليمن، الربيع العربي، أحلامنا وطموحاتنا كشعوب تطمح لكل ما هو راق ونقي بعيداً عن بطش الحكام واستبداد ولاة أمورهم.
شارك الخبر