لم تطل رياح التغيير مستوى بعينه من مستويات الحياة في اليمن، بل طالت معظم جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها في البلاد.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن تنطلق أولى مسيرات الاحتجاج ضد النظام من قلب ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء، حيث بدأ الشباب أول تجمع أمام الجامعة، تحول فيما بعد إلى اعتصام مفتوح ومتواصل، ولا يزال إلى اليوم رغم التوقيع على المبادرة الخليجية، وتشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد.
يقول الدكتور داود عبد الملك الحدابي الأستاذ في كلية التربية بجامعة صنعاء نائب رئيس مجلس إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا: إن التغيير الذي حدث في اليمن مس الثقافة والمفاهيم العامة للناس، ويضيف الحدابي أن الجامعات اليمنية لم تكن بمنأى عن التغيير حيث شارك الطلاب في التغيير وانخرط بعض الأكاديميين في مجالات مختلفة ضمن ساحات الحرية والتغيير في البلاد، ويضيف أن الجامعات اليمنية تشهد حاليا ما يشهده المجتمع من ميلاد قيم ومفاهيم جديدة حول الحرية والديمقراطية والشفافية، وهذا بدوره سيؤثر على مناهج التدريس في التعليم الجامعي والعالي بشكل عام، كما سيؤثر على الأساليب الإدارية، والتعاملات داخل الجامعات اليمنية،
ويعترف الحدابي بأن الجانب الرسمي في الجامعات اليمنية بشكل عام لم ينخرط في العمل الثوري، نظرا لتسييس الجامعات وخضوع إداراتها للقبضة الأمنية، على حد تعبيره. «الشرق الأوسط» التقت الحدابي في صنعاء وكان هذا الحوار:
* يمكن القول إن الثورة الشبابية في اليمن مست معظم قطاعات الحياة من البائع المتجول في ساحة التغيير إلى منصب رئيس الجمهورية. كيف مرت الثورة على قطاع التعليم العالي في البلاد؟
- أعتقد أن التغيير الذي تم إذا ما نظرنا إلى أنه تغيير ثقافي، فلا شك أنه تمثل في تكون أفكار جديدة وقناعات ومشاعر وأساليب حياة مختلفة. ومن هذا المنطلق نستطيع القول إن التأثير كبير على كل مناحي الحياة ومنها التعليم العالي أو الجامعي، حيث إن الثورة انطلقت من أمام جامعة صنعاء، ولهذا الفعل رمزيته الخاصة. وقد تمثل هذا التغيير في مظاهر كثيرة جدا داخل الجامعات اليمنية وخارجها، بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء رغم بعض التأثيرات التي قد نصنفها على أنها تأثيرات سلبية.
* هل بالإمكان مزيد من الإيضاح حول نوعية التغييرات التي حدثت على مستوى الجامعات والتعليم الجامعي؟
- نعم يمكن التفصيل فيما يتعلق بعلاقة الثورة أو تأثيرها على التعليم الجامعي، فقد حدث تغيير في القناعات، وفي نمط التفكير وفي الثقافة، حيث أصبح الناس سواء كشباب بدرجة رئيسية أو من نحوا هذا المنحى التغييري، أصبح الكل يدرك أن قيما جديدة بدأت تتشكل، وأن أفكارا ومفاهيم جديدة بدأت تحل محل الأفكار التي كانت سائدة في مناحي حياتنا الاجتماعية والتربوية والعلمية والاقتصادية، كما أن هناك اليوم تغييرا في توقعات الناس ومطالبهم، ونمط تعاملهم مع بعضهم. كل ذلك حدث في ظل التغيير الكبير الذي شهدته الساحة السياسية والشعبية في اليمن، والذي طال بدوره الحياة الجامعية في اليمن على كل مستوياتها.
* على سبيل المثال...
- على سبيل المثال أصبح هناك قيم جديدة لم تكن معهودة مثل قيم الحرية والشفافية والعدل والحرية الأكاديمية والديمقراطية وقيم التغيير الإيجابي والقابل للتأثير على المنحى التنموي، وأتوقع أن يستمر هذا الأثر الذي أحدثه التغيير في المستقبل لنغير من نظرتنا لأشياء كثيرة داخل الجامعة وخارجها ليشمل المناهج وطرائق التدريس وفلسفة التعليم والتربية وأساليب الإدارة. كل هذه تغييرات إيجابية وعلى المدى الطويل سيكون لها أثرها الإيجابي على التعليم العالي، ومن ثم على المجتمع.
* هل تتوقع إذن أن تتغير مناهج التعليم، نتيجة للقيم الجديدة التي أصبحت سائدة بفعل ثورة التغيير في البلاد؟
- بالتأكيد، بل إنني أتوقع أنه ليست البرامج وحدها هي التي ستتغير ولكن حتى نمط الإدارة سيتغير، ونمط القيادة كذلك، لأن روح المساءلة أصبحت هي السائدة الآن، وسوف يبدأ الناس في التساؤل: لماذا الفشل؟ لماذا النجاح؟ أين مكامن القوة؟ ما هي نقاط الضعف؟ لماذا لم تسهم الجامعات في العملية التنموية في البلاد؟ لماذا لم يشارك أعضاء هيئة التدريس في عملية التحول الإيجابي في المجتمع بالشكل المطلوب؟ كل هذه أسئلة ذات جدوى، ويمكن أن تسهم في إحداث حراك مفاهيمي يفضي إلى عملية التغيير في التعليم الجامعي سواء كمدخلات أو عملية أو مخرجات.
* برأيك، ما هي الأسباب التي أدت إلى تحييد الأستاذ الجامعي خلال السنوات الطويلة الماضية، والحيلولة دون قيادته لعملية التحول الاجتماعي والسياسي، أو قيادة الثورة، بدلا من أن يتحمل المسؤولية الطلاب؟
- أنا أقول شيئا فيما يخص عملية التغيير سواء في اليمن أو في غيره من البلدان، أقول: إن الذي يقود التغيير دائما هم الشباب. ينبغي أن نسلم بهذه القضية وهذا بالطبع لا يعني عدم وجود أعضاء هيئة تدريس يقودون عملية التغيير في المجتمع، بل هم موجودون، ولكن علينا أن نعترف أن التغيير على أيدي الكبار أبعد منالا منه على يد الشباب. فالمستوى العمري له دور كبير في عملية تقبل التغيير، وكلما كبر الإنسان في العمر كان مقاوما للتغيير. والمستوى العمري له دور كبير في عملية تقبل التغيير وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
* ماذا كان موقفكم في جامعة صنعاء كأعضاء هيئة تدريس وإدارة إزاء الثورة هل أيدتم الثورة على أنها مفتاح التحول السياسي والاجتماعي أم عارضتموها على أساس أنها ضرب من الفوضى كما كان النظام يقول؟
- يجب أن نعرف أنه في المنطقة العربية ومنها اليمن الجامعات والتعليم العالي مسيسة، وقد ارتبطت بالنظام السياسي منذ فترة طويلة، حيث حرص النظام السياسي على أن يجعلها تحت قبضته الأمنية حتى لا يؤتى من قبلها. ونتيجة لذلك أصبح التغيير غير وارد. وأنا أعتقد أن المطلب القادم من الشباب ومن غير الشباب ومن رواد التغيير ومن كل الأعمار سيكون استقلالية الجامعات وعدم ارتباطها بالجوانب السياسية والتركيز على البعد المهني والتنموي. يعني الأصل كما تعرف في الحكومات أن منصب الوزير هو منصب سياسي ما عدا ذلك مناصب مدنية مهنية إداريه. بمعنى أن منصب وزير التعليم العالي منصب سياسي والوزير قد ينتمي لأي حزب سياسي، لكن ما عدا ذلك من كوادر وأجهزة تتبع الوزارة ينبغي أن تخلو من التسييس، وأن تركز على الأداء المهني بغض النظر عن الانتماءات السياسية لمنسوبيها. المشكلة هنا أن التعيين في اليمن أو الدول العربية بشكل عام يخضع لجهات سياسية وأمنية فالرؤساء والعمداء والموظفون الإداريون كثيرا ما يخضعون لتعيينات سياسية وأمنية فأثر ذلك تأثيرا سلبيا. كما أن المركزية في اتخاذ القرار المالي والأكاديمي والإداري ربطت الكل بدولاب السياسة مما أثر تأثيرا سلبيا على تفعيل دور الجامعات والتعليم العالي عموما في عملية التنمية. أنا أعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لقضية عدم إسهام الجامعات في عملية التغيير. ومع ذلك فقد أسهمت الجامعات ولكن بطريقة غير رسمية، أما الجانب الرسمي فلم يسهم في عملية التغيير لأنه أصلا ارتبط بدولاب السياسة والحزب الحاكم، حيث كانت التعيينات تتم على أساس سياسي بغض النظر عن الجوانب المهنية والأكاديمية.
* ما هي الأشكال الأخرى التي أسهمت بها الجامعة في عملية التغيير؟
- أنا أعتقد أن المجتمع كله أسهم في عملية التغيير سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والأكاديميون في الجامعة شاركوا بالأفكار، شاركوا بالتحليلات شارك بعضهم بالمقالات الصحافية وبعضهم بالمقابلات التلفزيونية، يعني في الجانب الإعلامي أو السياسي أو التربوي، وبعضهم رابط في ساحات الحرية والتغيير في البلاد. وكل في مجال تخصصه أسهم بطريقة أو بأخرى، الأكاديميون من الإعلاميين والسياسيين وفي المنتديات المختلفة أسهموا في عملية التغيير. أما من لم يسهم فهم قيادات الجامعات فذلك نتيجة ارتباط الجامعات وخاصة الحكومية بالبعد السياسي، أما ما عدا ذلك فالكل أسهم بطريقة أو بأخرى وإن كانت إسهامات الشباب أقوى وأوضح وأنصع من بقية الدكاترة مع أني رأيت الكثير من الدكاترة في الإعلام وفي الساحات أسهموا بشكل كبير ولك أن تعلم أن الكثير من الأطباء على سبيل المثال شاركوا في تطبيب جرحى المظاهرات، وواظبوا على الاعتصام في ساحة التغيير.
* كيف يمكن تطوير البيئة الجامعية بعد الثورة، وهل تعتقد أن الجامعات اليمنية ستشهد ثورة موازية؟
- أعتقد أن الجامعات لن تكون بمعزل عن التغيير الحاصل في البلاد، والتغيير الذي ينبغي أن يحدث للجامعات هو التغيير الذي يضمن لهذه الجامعات استقلاليتها. كانت هناك استراتيجية للتعليم العالي وكانت جيدة ولكن للأسف الشديد لم تطبق ومن ضمن بنود هذه الاستراتيجية بند استقلالية الجامعة وأنا أقصد بالاستقلالية الاستقلال المالي والإداري. ينبغي إذا أردنا أن تكون الجامعات بوابة التحولات الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية ألا نربطها ماليا بالجانب السياسي، بل أن تكون لها ميزانية مستقلة. وأن يشكل لكل جامعة مجلس أمناء، وأن تكون لها موارد مالية تكفل استقلالها عن السياسة بحيث تصبح فاعلة في عملية التحول الديمقراطي والاجتماعي، وتصبح مرتبطة أكثر باحتياجات سوق العمل.
* كيف يمكن مواجهة عملية تسرب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية خاصة، وبحثهم عن عمل خارج اليمن مما يؤثر سلبا على أداء هذه الجامعات؟
- لا بد من تهيئة البيئة الجاذبة للأستاذ الجامعي، وذلك يتم عن طريق تزويده باحتياجاته اللازمة للقيام بعمله. وهذه عملية لا تقف عند حد رفع مرتبات أعضاء هيئة التدريس، بل المسألة تتعدى ذلك إلى منظومة متكاملة من السياسات التي توفر لعضو هيئة التدريس جوا أكاديميا مناسبا، يدخل في ذلك عنصر التدريب والتوعية الأكاديمية، والترقيات والوسائل والمواد التعليمية، ورفده بالجديد في إطار الحقل الأكاديمي الذي يعمل فيه، بالإضافة بالطبع إلى تحسين الأوضاع المعيشية لأعضاء هيئة التدريس، ودعمهم ماديا حتى لا يكونوا مضطرين للبحث عن مصادر أخرى للرزق.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن تنطلق أولى مسيرات الاحتجاج ضد النظام من قلب ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء، حيث بدأ الشباب أول تجمع أمام الجامعة، تحول فيما بعد إلى اعتصام مفتوح ومتواصل، ولا يزال إلى اليوم رغم التوقيع على المبادرة الخليجية، وتشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد.
يقول الدكتور داود عبد الملك الحدابي الأستاذ في كلية التربية بجامعة صنعاء نائب رئيس مجلس إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا: إن التغيير الذي حدث في اليمن مس الثقافة والمفاهيم العامة للناس، ويضيف الحدابي أن الجامعات اليمنية لم تكن بمنأى عن التغيير حيث شارك الطلاب في التغيير وانخرط بعض الأكاديميين في مجالات مختلفة ضمن ساحات الحرية والتغيير في البلاد، ويضيف أن الجامعات اليمنية تشهد حاليا ما يشهده المجتمع من ميلاد قيم ومفاهيم جديدة حول الحرية والديمقراطية والشفافية، وهذا بدوره سيؤثر على مناهج التدريس في التعليم الجامعي والعالي بشكل عام، كما سيؤثر على الأساليب الإدارية، والتعاملات داخل الجامعات اليمنية،
ويعترف الحدابي بأن الجانب الرسمي في الجامعات اليمنية بشكل عام لم ينخرط في العمل الثوري، نظرا لتسييس الجامعات وخضوع إداراتها للقبضة الأمنية، على حد تعبيره. «الشرق الأوسط» التقت الحدابي في صنعاء وكان هذا الحوار:
* يمكن القول إن الثورة الشبابية في اليمن مست معظم قطاعات الحياة من البائع المتجول في ساحة التغيير إلى منصب رئيس الجمهورية. كيف مرت الثورة على قطاع التعليم العالي في البلاد؟
- أعتقد أن التغيير الذي تم إذا ما نظرنا إلى أنه تغيير ثقافي، فلا شك أنه تمثل في تكون أفكار جديدة وقناعات ومشاعر وأساليب حياة مختلفة. ومن هذا المنطلق نستطيع القول إن التأثير كبير على كل مناحي الحياة ومنها التعليم العالي أو الجامعي، حيث إن الثورة انطلقت من أمام جامعة صنعاء، ولهذا الفعل رمزيته الخاصة. وقد تمثل هذا التغيير في مظاهر كثيرة جدا داخل الجامعات اليمنية وخارجها، بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء رغم بعض التأثيرات التي قد نصنفها على أنها تأثيرات سلبية.
* هل بالإمكان مزيد من الإيضاح حول نوعية التغييرات التي حدثت على مستوى الجامعات والتعليم الجامعي؟
- نعم يمكن التفصيل فيما يتعلق بعلاقة الثورة أو تأثيرها على التعليم الجامعي، فقد حدث تغيير في القناعات، وفي نمط التفكير وفي الثقافة، حيث أصبح الناس سواء كشباب بدرجة رئيسية أو من نحوا هذا المنحى التغييري، أصبح الكل يدرك أن قيما جديدة بدأت تتشكل، وأن أفكارا ومفاهيم جديدة بدأت تحل محل الأفكار التي كانت سائدة في مناحي حياتنا الاجتماعية والتربوية والعلمية والاقتصادية، كما أن هناك اليوم تغييرا في توقعات الناس ومطالبهم، ونمط تعاملهم مع بعضهم. كل ذلك حدث في ظل التغيير الكبير الذي شهدته الساحة السياسية والشعبية في اليمن، والذي طال بدوره الحياة الجامعية في اليمن على كل مستوياتها.
* على سبيل المثال...
- على سبيل المثال أصبح هناك قيم جديدة لم تكن معهودة مثل قيم الحرية والشفافية والعدل والحرية الأكاديمية والديمقراطية وقيم التغيير الإيجابي والقابل للتأثير على المنحى التنموي، وأتوقع أن يستمر هذا الأثر الذي أحدثه التغيير في المستقبل لنغير من نظرتنا لأشياء كثيرة داخل الجامعة وخارجها ليشمل المناهج وطرائق التدريس وفلسفة التعليم والتربية وأساليب الإدارة. كل هذه تغييرات إيجابية وعلى المدى الطويل سيكون لها أثرها الإيجابي على التعليم العالي، ومن ثم على المجتمع.
* هل تتوقع إذن أن تتغير مناهج التعليم، نتيجة للقيم الجديدة التي أصبحت سائدة بفعل ثورة التغيير في البلاد؟
- بالتأكيد، بل إنني أتوقع أنه ليست البرامج وحدها هي التي ستتغير ولكن حتى نمط الإدارة سيتغير، ونمط القيادة كذلك، لأن روح المساءلة أصبحت هي السائدة الآن، وسوف يبدأ الناس في التساؤل: لماذا الفشل؟ لماذا النجاح؟ أين مكامن القوة؟ ما هي نقاط الضعف؟ لماذا لم تسهم الجامعات في العملية التنموية في البلاد؟ لماذا لم يشارك أعضاء هيئة التدريس في عملية التحول الإيجابي في المجتمع بالشكل المطلوب؟ كل هذه أسئلة ذات جدوى، ويمكن أن تسهم في إحداث حراك مفاهيمي يفضي إلى عملية التغيير في التعليم الجامعي سواء كمدخلات أو عملية أو مخرجات.
* برأيك، ما هي الأسباب التي أدت إلى تحييد الأستاذ الجامعي خلال السنوات الطويلة الماضية، والحيلولة دون قيادته لعملية التحول الاجتماعي والسياسي، أو قيادة الثورة، بدلا من أن يتحمل المسؤولية الطلاب؟
- أنا أقول شيئا فيما يخص عملية التغيير سواء في اليمن أو في غيره من البلدان، أقول: إن الذي يقود التغيير دائما هم الشباب. ينبغي أن نسلم بهذه القضية وهذا بالطبع لا يعني عدم وجود أعضاء هيئة تدريس يقودون عملية التغيير في المجتمع، بل هم موجودون، ولكن علينا أن نعترف أن التغيير على أيدي الكبار أبعد منالا منه على يد الشباب. فالمستوى العمري له دور كبير في عملية تقبل التغيير، وكلما كبر الإنسان في العمر كان مقاوما للتغيير. والمستوى العمري له دور كبير في عملية تقبل التغيير وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
* ماذا كان موقفكم في جامعة صنعاء كأعضاء هيئة تدريس وإدارة إزاء الثورة هل أيدتم الثورة على أنها مفتاح التحول السياسي والاجتماعي أم عارضتموها على أساس أنها ضرب من الفوضى كما كان النظام يقول؟
- يجب أن نعرف أنه في المنطقة العربية ومنها اليمن الجامعات والتعليم العالي مسيسة، وقد ارتبطت بالنظام السياسي منذ فترة طويلة، حيث حرص النظام السياسي على أن يجعلها تحت قبضته الأمنية حتى لا يؤتى من قبلها. ونتيجة لذلك أصبح التغيير غير وارد. وأنا أعتقد أن المطلب القادم من الشباب ومن غير الشباب ومن رواد التغيير ومن كل الأعمار سيكون استقلالية الجامعات وعدم ارتباطها بالجوانب السياسية والتركيز على البعد المهني والتنموي. يعني الأصل كما تعرف في الحكومات أن منصب الوزير هو منصب سياسي ما عدا ذلك مناصب مدنية مهنية إداريه. بمعنى أن منصب وزير التعليم العالي منصب سياسي والوزير قد ينتمي لأي حزب سياسي، لكن ما عدا ذلك من كوادر وأجهزة تتبع الوزارة ينبغي أن تخلو من التسييس، وأن تركز على الأداء المهني بغض النظر عن الانتماءات السياسية لمنسوبيها. المشكلة هنا أن التعيين في اليمن أو الدول العربية بشكل عام يخضع لجهات سياسية وأمنية فالرؤساء والعمداء والموظفون الإداريون كثيرا ما يخضعون لتعيينات سياسية وأمنية فأثر ذلك تأثيرا سلبيا. كما أن المركزية في اتخاذ القرار المالي والأكاديمي والإداري ربطت الكل بدولاب السياسة مما أثر تأثيرا سلبيا على تفعيل دور الجامعات والتعليم العالي عموما في عملية التنمية. أنا أعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لقضية عدم إسهام الجامعات في عملية التغيير. ومع ذلك فقد أسهمت الجامعات ولكن بطريقة غير رسمية، أما الجانب الرسمي فلم يسهم في عملية التغيير لأنه أصلا ارتبط بدولاب السياسة والحزب الحاكم، حيث كانت التعيينات تتم على أساس سياسي بغض النظر عن الجوانب المهنية والأكاديمية.
* ما هي الأشكال الأخرى التي أسهمت بها الجامعة في عملية التغيير؟
- أنا أعتقد أن المجتمع كله أسهم في عملية التغيير سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والأكاديميون في الجامعة شاركوا بالأفكار، شاركوا بالتحليلات شارك بعضهم بالمقالات الصحافية وبعضهم بالمقابلات التلفزيونية، يعني في الجانب الإعلامي أو السياسي أو التربوي، وبعضهم رابط في ساحات الحرية والتغيير في البلاد. وكل في مجال تخصصه أسهم بطريقة أو بأخرى، الأكاديميون من الإعلاميين والسياسيين وفي المنتديات المختلفة أسهموا في عملية التغيير. أما من لم يسهم فهم قيادات الجامعات فذلك نتيجة ارتباط الجامعات وخاصة الحكومية بالبعد السياسي، أما ما عدا ذلك فالكل أسهم بطريقة أو بأخرى وإن كانت إسهامات الشباب أقوى وأوضح وأنصع من بقية الدكاترة مع أني رأيت الكثير من الدكاترة في الإعلام وفي الساحات أسهموا بشكل كبير ولك أن تعلم أن الكثير من الأطباء على سبيل المثال شاركوا في تطبيب جرحى المظاهرات، وواظبوا على الاعتصام في ساحة التغيير.
* كيف يمكن تطوير البيئة الجامعية بعد الثورة، وهل تعتقد أن الجامعات اليمنية ستشهد ثورة موازية؟
- أعتقد أن الجامعات لن تكون بمعزل عن التغيير الحاصل في البلاد، والتغيير الذي ينبغي أن يحدث للجامعات هو التغيير الذي يضمن لهذه الجامعات استقلاليتها. كانت هناك استراتيجية للتعليم العالي وكانت جيدة ولكن للأسف الشديد لم تطبق ومن ضمن بنود هذه الاستراتيجية بند استقلالية الجامعة وأنا أقصد بالاستقلالية الاستقلال المالي والإداري. ينبغي إذا أردنا أن تكون الجامعات بوابة التحولات الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية ألا نربطها ماليا بالجانب السياسي، بل أن تكون لها ميزانية مستقلة. وأن يشكل لكل جامعة مجلس أمناء، وأن تكون لها موارد مالية تكفل استقلالها عن السياسة بحيث تصبح فاعلة في عملية التحول الديمقراطي والاجتماعي، وتصبح مرتبطة أكثر باحتياجات سوق العمل.
* كيف يمكن مواجهة عملية تسرب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية خاصة، وبحثهم عن عمل خارج اليمن مما يؤثر سلبا على أداء هذه الجامعات؟
- لا بد من تهيئة البيئة الجاذبة للأستاذ الجامعي، وذلك يتم عن طريق تزويده باحتياجاته اللازمة للقيام بعمله. وهذه عملية لا تقف عند حد رفع مرتبات أعضاء هيئة التدريس، بل المسألة تتعدى ذلك إلى منظومة متكاملة من السياسات التي توفر لعضو هيئة التدريس جوا أكاديميا مناسبا، يدخل في ذلك عنصر التدريب والتوعية الأكاديمية، والترقيات والوسائل والمواد التعليمية، ورفده بالجديد في إطار الحقل الأكاديمي الذي يعمل فيه، بالإضافة بالطبع إلى تحسين الأوضاع المعيشية لأعضاء هيئة التدريس، ودعمهم ماديا حتى لا يكونوا مضطرين للبحث عن مصادر أخرى للرزق.