الرئيسية / تقارير وحوارات / أي صفقة يبحث عنها الدب الروسي في اليمن؟
أي صفقة يبحث عنها الدب الروسي في اليمن؟

أي صفقة يبحث عنها الدب الروسي في اليمن؟

04 أغسطس 2016 07:10 مساء (يمن برس)

روسيا تبحث عن صفقات ومقايضات جديدة ولم تعد تعرف إلا لغة الابتزاز والتدمير حقيقة كشفتها مواقف روسيا بوتين الأخيرة في سوريا وأخيرا في اليمن، بينما تصعد موسكو على الجبهة السورية بآلة القتل والإبادة غير المسبوقة لفرض تسويات سياسية قسرية، دخلت موسكو بقوة على خط الأزمة اليمنية، بموقف يمكن تصنيفه بأنه غدر وخيانة للرياض، فروسيا تعضد موقف تحالف "الحوثي-صالح" بتوقيت ينتهك فيها هذا التحالف الحدود السعودية الجنوبية ويهدد أمن السعودية القومي، مع ارتكابه جرائم حرب داخل اليمن، أي أن روسيا تدعم الحوثي بتوقيت دخلوا فيه في حالة حرب على الحدود مع السعودية.

فهل يدفع الغدر الروسي والخيانة الأمريكية بترجيح مصالح إيران إلى تغيير الرياض لخارطة تحالفاتها بالمنطقة، ومحاولة توظيف أوراق الضغط والضعف لدى روسيا في سوريا، بدعم المعارضة السورية بأسلحة نوعية والتلويح بتدخل بري، وقلب الطاولة على الميلشيات الإيرانية المتحالفة مع بوتين في حربه في سوريا، أم أن الرياض ستدرس أدوات لاحتواء موسكو ودراسة ما تبحث عنه من صفقات اقتصادية ونفطية واستراتيجية لن يكون آخرها ملف النفط بل أعمق من ذلك بكثير بحيث تمتد للتسويات بأبعادها الجيوسياسية وتقاسم النفوذ بالمنطقة، أم ستختار الرياض المسارين معا الترهيب والاحتواء؟

من الواضح بحسب مراقبين أن روسيا تريد ربط الملفات الإقليمية مع بضعها في إطار حزمة تسويات واحدة، بما يعكس تبنيها للمواقف الإيرانية التي تصعد بعدة ميادين قتالية بتوقيت واحد، المثير للقلق أن روسيا تدعم إيران بإعادة تطوير أنظمتها للدفاع الجوي، ودفعت موسكو بقوة توقيع الاتفاق النووي الذي مكن طهران من إعادة هيكلة قواتها المسلحة بعد رفع العقوبات، وتدخل معها في صفقات اقتصادية كبيرة وضخمة، فهل ستغلب موسكو المصالح السعودية أم العكس قد نفاجأ بتصويت روسي في كل موقف دولي حازم في اليمن، وقد نفاجأ بدعم روسي لإيران في مواجهة السعودية؟

كذلك يرفع التحالف الروسي الإيراني الصادم من كلفة الانحساب الحوثي في اليمن ربما للضغط على الرياض وتهميش دورها في سوريا ومنع أي تدخل بري أو خطة باء في سوريا مقابل التراجع عن تهديد حدودها الجنوبية، الأكثر خطورة أن تساوم روسيا لاحقا في مجلس الأمن على تفعيل القرار 2216 وتعرقل تطبيق بنوده المتضمنة إن نفذت إنهاء الانقلاب وتسليم السلاح والانسحاب من المدن.

روسيا والورقة الحوثية

روسيا تلعب بالورقة الحوثية تحت خط النيران التي تقصف جنوب السعودية وحرب قوات حرس الحدود ضد الحوثيين، ما يجعل من توقيت اعتراض روسيا دلالات غير مسبوقة، وضغط روسي كبير على الرياض بحثا عن ثمن أو صفقة لم تتكشف بعد ملامحها كاملة.

الحوثي وإيران سعداء بالموقف الروسي فقد أشادت جماعة (الحوثيين)، مساء أمس الأربعاء، بعرقلة روسيا إصدار بيان من مجلس الأمن الدولي يطالب الجماعة وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتعاون مع المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

وقال الناطق الرسمي باسم "الحوثيين"، محمد عبدالسلام، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "نعبرعن تقديرنا لموقف روسيا في مجلس الأمن الرافض لاستمرار الحرب والحصار على الشعب اليمني، والداعم لمسار الحل السياسي الشامل وليس فرض الإملاءات".

وكانت قد قالت مصادر دبلوماسية غربية إن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، طالب أعضاء مجلس الأمن الدولي بالتحرك وإظهار الدعم اللازم لمسودة الاتفاق الأممية.ووفق المصادر ذاتها، التي تحدثت لـ"الأناضول"، مفضلة عدم كشف هويتها، أخفق أعضاء المجلس –البالغ عددهم 15 دولة- في الاتفاق على مشروع بيان تحدث عنه الوفد البريطاني بالمجلس، وطالب فيه جماعة الحوثي وصالح بالتعاون مع المبعوث الأممي.

وأرجعت المصادر إخفاق المجلس إلى أن السفير الروسي لدي الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، طالب "بضرورة ألا تقتصر دعوة المجلس لجماعة الحوثيين وعلي عبد الله صالح فحسب، وأن تشمل أيضا جميع الأطراف". ولفتت المصادر إلى أن البيان لم يطرح رسميا للتصويت على أعضاء المجلس، وإنما كان مجرد اقتراح من الوفد البريطاني، عارضه مندوب روسيا، فلم تتقدم به بريطانيا رسميا.

وكان المبعوث الأممي قد قدم لطرفي الأزمة اليمنية، مشروع اتفاق للحل، يقضي بـ"الانسحاب من العاصمة صنعاء ونطاقها الأمني، ومن محافظتي تعز (وسط) والحديدة (غرب)، تمهيدًا لحوار سياسي يبدأ بعد 45 يومًا من التوقيع على هذا الاتفاق".

الغدر الروسي بالرياض ليس جديدا

في فبراير 2016 أي قبل خمسة أشهر ظهرت تحركات روسية مريبة وصفها مراقبون بأنها تؤشر على غدر روسي بالسعودية-برغم محاولة الرياض التقارب مع روسيا واحتواؤها- هذه التحركات في حينها تجاه الأزمة اليمنية ارتبطت ارتباطًا وثيقًا مع التحركات السعودية تجاه الأزمة السورية، ففي الوقت الذي تعلن فيه المملكة عزمها التدخل البري بالتعاون مع تركيا، وتحاول جمع شتات القوى العربية والإسلامية المتفرقة، تمهيدًا لهذا التدخل الذي ترفضه موسكو، وحليفتها إيران، دعت روسيا لجلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن الأزمة اليمنية، والتي تعد جزءًا من الأمن القومي السعودي.

مقايضة الملف السوري باليمني

فيما تعددت المحاولات الروسية لمقايضة الملف السوري بالملف اليمني، فبالتزامن مع محادثات السلام السابقة بشأن الأزمة السورية “جنيف 3″، أطلقت روسيا مبادرة سلام متعلقة بالشأن اليمني، فيما سارعت باللجوء لمجلس الأمن والضغط عليه، بالتزامن مع الدخول السعودي القوي في الأزمة السورية، وقتها تزامن التدخل الروسي في الأزمة اليمنية مع اقتراب المقاومة الشعبية، بمساندة التحالف العربي بقيادة السعودية من معركة الحسم بالعاصمة صنعاء، والتي يرى المحللون أن الوصول إليها يعني إنهاء جزء كبير من الخطر الحوثي “الشيعة المسلحة” على المملكة، مما يشير لقرب فقدان الملف اليمني دوره في المقايضة، التي تسعى إليها روسيا.

ويرى مراقبون أنه على الرغم من المحاولات الروسية لمقايضة الملفين، خاصة مع حساسية الملف اليمني بالنسبة للمملكة، واعتباره بمثابة أمن قومي لها، إلا أن مدى نجاح المقايضة يعتمد على مدى قدرة موسكو على إقناع الرياض بأن التوغل الإيراني في سوريا لن يمثل تهديدًا لأمنها، بالقدر الذي يمثله التهديد اليمني، وهو ما يراه المراقبون أمرًا مستحيلًا.

الآن ومع بدء عملية فك حصار حلب تتصاعد المطالب بدعم السعودية للثوار والمعارضة السورية بأسلحة نوعية تمكنهم من هزيمة الميلشيات الإيرانية والمرتزقة وتكسر جزئيا قوة الطيران الروسي والأسدي، بهذا التوقيت ترسل موسكو رسالة للرياض مفادها أن عليها التركيز ابتداء في أمنها وحدودها الداخلية.

روسيا تنسف القرار 2216

كان اللجوء لمجلس الأمن لتحريك الملف اليمني من قبل روسيا في فبراير 2016 ، استمرارًا لمبادرتها التي تتخطى القرار 2216، حيث سبق وأن حاولت روسيا التدخل في الأزمة اليمنية، بالتزامن مع مفاوضات “جنيف 3″، من خلال مبادرة سلام مشتركة مع عمان مدعومة أمريكيًا، لا تقوم على أساس القرار 2216، الذي يؤكد على ضرورة إنهاء الانقلاب الحوثي، وانسحاب ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح من العاصمة صنعاء والمناطق التي استولوا عليها، وتسليم الأسلحة للحكومة الشرعية، مع فرض عقوبات على الحوثي وصالح.

وبحسب "جريدة العرب اللندنية" آنذاك، فإن "مسقط" قامت بدور الوسيط بين موسكو وواشنطن لتقريب وجهات النظر، وفرض حل سياسي على الفرقاء اليمنيين خارج إطار القرار الدولي 2216.

ماذا عن صفقة الجبير النفطية

الموقف الروسي في مجلس الأمن يثير التساؤل بشأن ما وصفه مراقبون بصفقة الجبير النفطية مع روسيا وإلى أين وصلت، هل روسيا تريد المزيد أم أن الصفقة لم تلب طموحها أم أنها تريد ابتزاز الرياض لإتمامها، تساؤؤلات لا توجد بشأنها إجابات حتى الآن؟

في 22 يوليو 2016 أي قبل أسبوعين على الموقف الروسي الصادم في مجلس الأمن أمس أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الرياض مستعدة لإعطاء "حصة" لروسيا في الشرق الأوسط لتصبح أقوى بكثير من الاتحاد السوفيتي، مقابل تخليها عن الرئيس السوري بشار الأسد.وقال الجبير في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية خلال زيارته إلى بروكسل، إن السعودية مستعدة للتعاون مع روسيا بصفتها من أكبر منتجي النفط في العالم.

واعتبر في المقابلة التي نشرت يوم الجمعة 22 يوليو/تموز، أنه من المنطقي أن تقول موسكو أن ما يصب في مصالحها هو تعزيز دفع علاقتها مع الرياض قدما إلى الأمام وليس مع الأسد، وأضاف الجبير أن أيام الأسد معدودة، وقال متوجها إلى الروس: "إقبلوا الصفقة ريثما يمكنكم ذلك".

فهل يعكس الموقف الروسي أن موسكو تفضل حلف الأسد خامنئي على الحليف الخليجي مثلما فعلت واشنطن؟

روسيا ولعبة الدول الكبرى

من جهته علق الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، على عرقلة روسيا إصدار بيان من مجلس الأمن الدولي أمس، قائلاً: "من الواضح أن روسيا بدأت تستخدم ورقة اليمن في سياق حضورها الإقليمي الذي أخذ شكل التورط في الساحة السورية".

ولفت في تصريحات خاصة لـ"الخليج العربي"، إلى أن الأمر لا يخلو من إمكانية أن حلفاء تقليديين للمملكة العربية السعودية مثل أمريكا وبريطانيا، ربما يضمرون رغبة في عدم محاصرة الانقلابيين، وعدم الدفع بالوضع اليمني إلى مرحلة المواجهة العسكرية الشاملة من جديد والتي قد تطيح بوجود ونفوذ الانقلابيين في اليمن.

ويرى "التميمي": أنه "لهذا لم يبذلوا على الأقل الجهد الكافي للضغط على روسيا من أجل اعتماد بيان يدعو الانقلابيين إلى التوقيع على اتفاق السلام المقترح من قبل الأمم المتحدة"، قائلاً إن من السابق لأوانه الحديث عن موقف روسي مساند للانقلابيين، حيث لاتزال حتى اللحظة جزء من الإجماع الدولي حول الأزمة اليمنية."

ونبه "التميمي" إلى توقيع روسيا على بيان للدول الـ18 الراعية لمشاورات الكويت، يدعو "كل الأطراف المسوؤلة بالانخراط بشكل فعال وإيجابي في محادثات الكويت، وأن تتوصل سريعاً إلى حل مستدام يساعد على إيجاد بيئة تضمن السلم والاستقرار للشعب اليمني".

شارك الخبر