الرئيسية / تقارير وحوارات / بفقد السعودية ثقتها به.. «صالح» يبحث عن النجاة بطوق إيراني
بفقد السعودية ثقتها به.. «صالح» يبحث عن النجاة بطوق إيراني

بفقد السعودية ثقتها به.. «صالح» يبحث عن النجاة بطوق إيراني

28 يوليو 2016 06:51 مساء (يمن برس)
على مدى عقود من الزمن، وبحكم التقارب الجغرافي والديني والروابط العربية، اتسمت علاقة المملكة العربية السعودية واليمن بالإيجابية، رغم فتورها في مراحل ما قبل نهاية حكم الإمامة وقيام الجمهورية في 1962.

وكانت المملكة ودول الخليج الحضن الدافئ لملايين اليمنيين من الأيدي العاملة والعقول المهاجرة، كما لم تغب عن جانب المساعدات الاقتصادية والدعم السياسي للبلاد، حتى بعد غزو نظام صدام حسين للكويت، في 1992، وما ترتب عليه من توتر نسبي لعلاقة اليمن بدول الخليج.

وبعد توليه الحكم في 1978 حظي الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بدعم موسع من المملكة العربية السعودية، انعكس في تفاهمات متعددة أبرزها ترسيم الحدود، والدعم الاقتصادي اللامحدود، الذي حرصت المملكة على توفيره لليمن، ولم ينكره صالح في تصريحاته قبل انطلاق عاصفة الحزم.

علاقة صالح بالعربية السعودية يصفها محللون بأنها انهارت بعد أن فقدت الأخيرة الثقة بالرجل الذي كثيراً ما ردد أنه كان يحكم على رؤوس الثعابين.

ويقول المحللون إن صالح كان الثعلب؛ حيث تلاعب بالورقة الأمنية وملفات أخرى، وهو ما سمح بتوفير البيئة المناسبة للجماعات المسلحة المنظمة، وسيطرتها على مناطق عدة، وفرض إرادتها على السكان خارج سلطة الدولة، كجماعة الحوثي، وانتشار عمليات التهريب، والهجرة غير النظامية على طول الحدود اليمنية السعودية.

ثابت الأحمدي، الكاتب والباحث اليمني، في حديثه لـ"الخليج أونلاين" يذكر أن "علاقة الحوثيين بإيران ما تزال هي الأشد بروزاً، وصالح هو حليفهم، وقد ربط مصيره بمصيرهم ابتداءً، ولم يعد لديه القدرة على الخروج عليهم، مع احتفاظه ببعض أوراق القوة حتى الآن، إلا أنه يتآكل ويضعف يوماً بعد يوم لحساب الحوثي الذي يتقوى يوماً بعد آخر".

ويضيف الأحمدي أن تحول علاقة صالح مع المملكة جاء من منطلق قاعدة ميكافيللية تقول: "من الحماقة الالتزام بوعد انتهى سبب الارتباط به"، أي إنه قد أصبح خارج السلطة، التي خرج منها بموجب المبادرة الخليجية، وهو يشعر أن المملكة قد خذلته كثيراً، ولم تشاركه مواجهة الشعب في ثورة فبراير/ شباط 2011، فلما انتهى ارتباطه بالسلطة، ورأى المتغيرات الدولية تجنح باتجاه إيران، سبح مع التيار ومضى معهم، للانتقام من المملكة ومن الشعب أيضاً".

كانت آخر مكاسب صالح من علاقته الإيجابية مع المملكة احتضانها للتوقيع على المبادرة الخليجية، التي ضمنت له خروجاً سلمياً من السلطة، وللبلاد سيناريو أقل مما حدث في ربيع ليبيا، وكان قد تلقى عناية طبية فائقة بعد حادثة تفجير دار الرئاسة في 2011، لكنه عاد وانقلب على تلك العلاقة وحولها إلى عداء يصفه متابعون بمحاولة الرجل الحصول على اعتراف من المملكة بأنه الرجل الأقوى في البلاد، وتخصيص الدعم له دون غيره من المعارضين؛ ليبقى تحت ظل العلاقة الإيجابية.

بدأ صالح- بحسب المتابعين- ينقلب على المملكة، بعد أن اعتبر المبادرة لا تلبي طموحاته في البقاء، فعمد إلى التحالف مع خصومه السابقين (الحوثيين) الذين خاض ضدهم في أوقات سابقة حروباً عدة بدعم من المملكة.

وبعد إرغامه على تسليم السلطة اختار العمل السياسي تحت صفة "معارضة"، وبدأ يعمل جاهداً على إفشال الحكومات، وتقديمها للرأي العام كأنها عاجزة، ليس كتلك الحكومات التي كانت في عهده، وانتهى ذلك العمل بارتباطه بأعداء الأمس لغرض الانتقام.

الكاتب الصحافي عبد الله دوبله علق بأن المجريات السياسية والميدانية ليست كما تبدو في الظاهر؛ إذ لا شيء مؤكد حول تفاهم المملكة العربية السعودية مع الحوثيين أو رفضها المطلق لصالح.

ويشير دوبله، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "الأحداث ما تزال مليئة بالمفاجآت"، لكنه يؤكد أن "سياسة المملكة العربية السعودية تجاه اليمن لا تتفرد الرياض بقرارها، وهناك حلفاء لها كالولايات المتحدة، التي يبدو أنه من غير الواضح أنها تفضل يمناً من دون صالح أو ما يمثله".

دوبله يشير في حديثه إلى أن "مجريات الوضع الراهن ليست كما هي على السطح، والمملكة العربية السعودية ما تزال تتعامل مع صالح باعتباره انقلابياً، لكن مسألة حسم الأمر بعدم التعاطي معه مستقبلاً ربما تكون مرتبطة بسياسة حلفائها في المنطقة".

وفيما غازل صالح إيران وامتدح حسن نصر الله وأثنى على علاقته مع الحوثيين، يلفت دوبله النظر إلى أن "إيران لن تكون بديلاً للمملكة في علاقات صالح"، وهي- كما يقول- "لن تحتضنه كما فعلت المملكة في السابق؛ إذ إن إيران تنسق معه فقط".

وبالحديث عن العلاقة مع الحليف الآخر في الانقلاب العسكري على السلطات الشرعية في اليمن، يرى متابعون أن علاقة المملكة قد تتحسن مع الحوثيين على حساب صالح؛ إذا ما التزم الحوثيون بالقرارات الأممية، وانخراطوا في المشاركة السياسية بناء على أسس ديمقراطية، نابعة من الدستور اليمني، وغير مرتبطة بإملاءات إيرانية.

ويقول محللون إن علاقة الحوثيين بالمملكة- التي أسماها وزير خارجية الأخيرة بالأخوية- مفتوحة على احتمالين؛ إما التوتر أو الإيجابية، وهذا الأمر مرتبط بكف الحوثيين عن تصديق سلسلة من التصريحات الإيرانية المستفزة والكاذبة، والتوقف عن إبرام أي اتفاقات المشبوهة مع طهران، والتخلي عن القيام بأدوار الممثل المقيم لإيران في المنطقة، الذي تحاول من خلاله استفزاز دول الجوار وتنفيذ سياسة الهيمنة والتوسع في المنطقة.

مارايكا ترانسفيلد، الخبيرة الألمانية في شؤون اليمن، تعتقد أنه لم يعد هناك مجال لعودة صالح إلى السلطة بعد عاصفة الحزم، معتقدة أن المملكة ستواصل تجاهلها لنداءات صالح؛ لأنها فقدت ثقتها به، وتعتقد ترانسفيلد أن السيناريو المطروح أمام صالح الآن هو مواصلة استفزاز المملكة بالتحالف مع الحوثيين إذا استمرت المملكة في تجاهل دعواته.

وأظهرت الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن منذ الثورة الشبابية في 2011، تحول صالح إلى إيران؛ عبر إفشال العملية السياسية في البلاد وتسليم العاصمة للحوثيين.
 
شارك الخبر