الرئيسية / تقارير وحوارات / إعادة تأهيل صالح ليصبح 'مثل' المواطن الصالح إن أفلح
إعادة تأهيل صالح ليصبح \'مثل\' المواطن الصالح إن أفلح

إعادة تأهيل صالح ليصبح 'مثل' المواطن الصالح إن أفلح

21 مارس 2012 10:10 صباحا (يمن برس)
'عندما يترك رؤساءالديمقراطيات الحقيقية السلطة للذين لايفوزون بالتزوير'وبالمال العام يخضعون لعلاج نفسي ينقلهم إلى الحياة العادية التي كانواعليها قبل توليها لتطبيع حياتهم بعد ممارسة السلطة لسنوات بما تحمله من جاه ونفوذ وأضواء.

وبعد عودتهم إلى منازلهم التي لم يبنوها من اختلاس المال العام والعمولات لايسمع لهم صوت ولايقومون بأي دور وإذا ما نشطوا ففي زيارة خارجية أو إلقاء محاضرات وكتابة مذكراتهم بعد أن ينجح التأهيل في إعادتهم إلى حياتهم السابقة.

أما الرئيس السابق صالح الذي غشنا ابتداء من عام 1978 في كل شيء وحتى في عمره الحقيقي وزعم أنه أجبر على تولي السلطة وأنه عندما قبل حمل كفنه بيده، لايريد أن يهدأ ويصرعلى أن يكون نشطا في الفضاء العام غير مبال بالثورة التي أجبرته على ترك السلطة .

وعلى غير المتوقع فاجأنا صالح قبل أيام بخطاب حرب في جامع الشهداء (صالح سابقا) وهو الذي كان يرفض تسييس المسجد.

في هذا الخطاب ارتكب صالح عدة أخطاء قاتلة هي:
1- خطب بلغة انتقامية وهو يحمل لقبا جديدا 'الزعيم' ومغتصبا مهام رئيس المؤتمر الشعبي العام رئيس الجمهورية الجديد ضد خصوم سياسيين تصالح المؤتمر الشعبي العام (حزبه) معهم برعاية خليجية ودولية وعلى وشك الدخول معهم في حوار وطني كجزء من المبادرة الخليجية. وكعادته بأخذ مايريد عنوة اغتصب صالح رئاسة المؤتمرالتي كانت منذ اغسطس 1982 وحتى فبراير 2012 لرئيس الجمهورية في خطوة لاتخلو من حماقة وسوء تقديرسياسي أقل مايقال بشأنهما أنه لايعترف بشرعية الرئيس الجديد وبحكومة الوفاق الوطني وبالمبادرة وأنه ينوي خوض صراع دموي جديد يعيده إلى السلطة معتمدا على استمرار سيطرة أسرته على القوات المسلحة والأمن.

2- وصفه لحكومة الوفاق الوطني بالضعف وبأنها لن تستطيع بناء طوبة فوق طوبة وهو مايشي عن إصرارمسبق بعدم التزامه بالمبادرة الخليجية والتسوية التي أنقذته من الوقوف في محكمة الجنايات الدولية أو القضاء الوطني ورغبته في عرقلة حكومة الوفاق التي يشارك فيها حزبه الذي يرأسه بصورة غير شرعية وإفشالها كما أفشل الشراكة مع الحزب الاشتراكي وحكومة حيدر أبو بكر العطاس بعد الوحدة عام 1990.

3- اتهامه للحكومة بأنها لاتعرف أبجديات السياسة وفي هذا يشكك أفلاطون اليمن الذي لايــــرى في الحكومة سوى رئيسها الذي حاول إثناءه عن الوقوف مع الشعب ومع التغيير برشوة قدرها مليون دولار ويشكك بكفــاءتها مع أن نصف وزرائها المؤتمريين سماهم هو. وهو هنا يقول لهم عليكم بإفشال الحكومة كما قال لوزير المالية الأسبق بعد الوحدة' امهدوا( لخبطوا) ماعيجوش الجنوبيين يعلمونا'.إضافة إلى أنه يوجه سهامه المسمومة إلى رئيس الجمهورية بالتقليل من كفاءته على اتخاذ القرار السليم في تكليف الحكومة لقيادة المرحلة الانتقالية ومراقبة أعمالها.

4- برغم أنه حكم اليمن لثلث قرن كامل لم يدرك أن الحكومة جزء من السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية وأن من يقلل من شأن الحكومة يمس رئيس الجمهورية شخصيا ويبيبت نية سيئة ضد الإثنين وضد المبادرة ويشن حربا ضدها.

5- من الخطاب تبين أنه لم يستوعب دور القوى الجديدة ،الجيل الذي ولد في عهده، كمتغير فاعل ومناضل في الساحة الوطنية بوصفه لها بالبلاطجة وبالتخلف وهي التي رأفت به ولم ترمه خارج الوطن لارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وكمنتهك أول لحقوق الإنسان ليس فقط خلال سنة الثورة ولكن منذ أن اعتلى سدة الحكم عام 1978 وماتخللها من نهب للمال العام واغتيالات ومنها قتله شخصيا وبيديه الملطختين بالدم لإبن أخيه علي صالح. وقد ذكرت بعض من اغتالهم في مقال سابق.

6- بعد تحديه ثلاث مرات في معركته مع طواحين الهواء ' اتحداكم، اتحداكم، اتحداكم ' تحدث بلغة عصبية واستعلائية عن 'انصياع' الذين أطاحوا به ورموه خارج الملعب السياسي والشرعية الدستورية وهو هنا لايعترف بأنهم جزء منها وليسوا خارجها مثله وأنه غير ذي صفة ليقول ذلك وأن لاعلاقة له بها بعد أن أهانها طوال 33 عاما و خرج من السلطة مذموما مدحورا. صالح استخدم كلمة انصياع التي كان يستخدمها من قبل غير مدرك للتطورات ولموازين القوى الجديدة التي جردته من أن يطلب من الأخر ما طلب. صالح لو خضع لعلاج وتأهيل نفسي لما وقع في هذه الحفرة ولكن فاقد الشيئ لايعطيه وهذه عبارته التي كان يستخدمها من موقع الأستاذية لوصف المعارضة الذي كان يتهمها بجهل مايملكه من علم لدنّي.

7- هدد خصومه بزحف جيشه السري الذي كدسه في المؤسسات والمصالح الحكومية وهو هنا يفضح إفساده للوظيفة العامة بزرع مخبرين فيها وإضعاف كفاءة الخدمة المدنية التي يريد إعادة انتاج دورها قبل سقوطه عندما كانت تكلف عناصرها المرتبطة بالأجهزة الأمنية للتظاهر أو للصلاة في ميدان السبعين أو للذهاب للتظاهر في مدينة تعز. والأن يريد وعبر نفس الأداة أن ينقض على الخصوم لشل عمل الحكومة وإلا ماذا يعنيه صالح بقوله أنه قادر على حشد المؤسسات و المصالح الحكومية وما هي علاقته بها ومدى نفوذه عليها وعلى أجهزة الأمن والخدمة المدنية التي تقودها.هؤلاء وهم معروفون فردا فردا يجب أن ينهوا علاقتهم غير القانونية بالأجهزة الأمنية وأن يكفوا عن أن يكونوا رأس الحربة في التخريب المؤتمرية 'كما فعلوا خلال عام الثورة الأول. وعلى هؤلاء ترك المؤتمر الشعبي كفرع علني لهذه الأجهزة وإنهاء ولائهم المزدوج وتحويل ولائهم إلى المؤسسات التي يعملون فيها وللوطن.

8- قال صالح أنه سيلعب على المكشوف وسيكشف الأوراق. وهنا أضع عدة وهي : ماهي أوراق لعبته الجديدة ؟ ، وبأي صفة يلعب؟، وضد من؟، ولأي هدف؟، وهل يملك الأهلية للعب دور سياسي؟ ومن هم رفاقه في مشواره التخريبي؟، وهل يعبر فعلا عن دور مزدوج للمؤتمر أوله المشاركة في حكومة الوفاق وثانيه التخريب وإفشال الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوة والمبادرة الخليجية ؟ وأخيرا هل يوجد في الميثاق الوطني كلمة زعيم حتى يعوض حالة الفراغ السلطوي التي تؤرقه وتعذبه؟.نقول له بداية أن مصالح الشعب ليست مجالا للعب كما كان يفعل خلال 33 عاما وأن هذه اللغة لاتليق برئيس سابق كان الفساد والجوع والعطش والفشل الحكومي عناوين حكمه الملطخ بالدماء من صعدة إلى عدن. صالح صانع الأزمات والحروب بامتياز لايريد أن يستريح ويريح وأن يهدأ ويكتب مذكراته وسيرة حياته لتكون ' نبراسا'!للجيل الذي انتفض ضده بدلا من تجريد أسلحته المعتادة للتخريب والفرقة وصنع أزمات جديدة. صالح وليس غيره من يخشى الحساب ومن يجب عليه أن يكون ممتنا للشباب لسماحهم بإفلاته من الوقوف أمام القضاء ليحاكم كمجرم حرب ومختلس للمال العام ومرتش ومبتز للمستثمرين اليمنيين وغير اليمنيين وناهب للأراضي وراع للفساد.

9- تحدث في خطابه عن عملاء الدولار والريال الخونة الفاسدين والمفسدين الذين هربوا بجلودهم. يعرف الكل من يقصد ولكن هؤلاء لم يمارسوا الفساد في جمهورية واق الواق وإنما في جمهوريته هو وتحت سمعه وبصره ومباركته وكانت الأجهزة المختصة ترفع له كل ممارسات الفساد. وفي أحسن الأحوال كان يحيل ملفات الفساد إلى رئيس الوزراء الذي يحيلها إلى الوزراء المتهمين بالفساد الذين يضعونها في الأدراج. وهذا كان كل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. وأنا هنا أنقل ماسمعته من رئيس الجهاز السابق المرحوم أحمد الإرياني ومن ملف قرأت توجيهات صالح فيه.صالح نسي أنه لم يطلب الحصانة إلا لينجو من المحاسبة وهو يظن أن عيون الشعب غافلة عما نهبه من أموال وبمختلف العملات. وإذا كان هذا الكلام غير صحيح فليرفع قضية ضدي للدفاع عن نفسه ونقف معا أمام العدالة. ذاكرة الشعب لم تبل بعد وإذا كان قد حكم اليمن بنزاهة وكانت السلطة مغرما لامغنما كما كان يزعم فلماذا لم يعلن عن ثروته ولماذا امتنع هو وجميع أفراد أسرته القريبين والبعيدين عن تقديم إقرارات بذمتهم المالية إلى الهيئة العلياء لمكافحة الفساد ومنهم من هرب في 3 فبراير 2011 من بنك إسلامي في صنعاء 5 ملايين دولار إلى حسابه في أمريكا وعليه فقس.'

الحكومة الضعيفة من يتحمل مسؤولية ضعفها؟

حكومة الوفاق لم تأت من السماء ولا تعمل في فراغ وحقا تعمل في بيئة كلها ضعف، والضعف هو تركة صالح وجرثومته. هل ترك صالح اقتصادا قويا؟. لا. هل حرص على سيادة القيم التي تعلي من شأن المصلحة العامة؟. لا. هل ترك وطنا لاتعاني نسبة كبيرة من أبنائه من الجوع والعطش والأمراض والأمية؟. لا.هل ترك وطنا خال من الفساد والمحسوبية والحكم الأسري والمناطقية؟. لا.هل ترك وطنا يستطيع الاعتماد على نفسه بدون وصاية دولية عليه كما هو حالنا بعد طرده من الحكم؟. لا. ألم يصنف اليمن بالدولة الفاشلة في عهده؟ نعم. ألم تسوّد التقارير الدولية وجه صالح من حيث الافتقاد للحكم الرشيد والاستقرار والمحسوبية الخ. ؟. نعم. صالح يسوؤه أن صنعاء لم تعرف منذ سنوات انقطاع الكهرباءلخمسة أيام حتى كتابة هذا المقال. وقداتضح لمواطني صنعاء أن صالح وزمرته كانوا يتعمدان تعذيبهم بمضاعفة معاناتهم ليعيشوا في أزمات متواصلة تلهيهم عن الاهتمام بفساد نظامه ونهبه للثروة الوطنية والتوريث بقطع الكهرباء عدة مرات يوميا بدون مبرر فني أو تقني. على صالح أن يسأل نفسه عن السبب في ضعف الحكومة وهل يتصور وجود حكومة قوية في وطن أضعفه وأنهكه بالحروب والفقر. يعلم صالح أن بيروقراطيته الفاسدة

غير الكفؤة الذي لم يفصل بينها وبين الأجهزة الأمنية ونسف متعمدا مبدأ التوظيف بحسب الجدارة والحاجة هي التي تهيمن على الخدمة المدنية وأنها أداته كحصان طروادة لتخريب أداء الحكومة. صالح يوهم نفسه بأنه بنى دولة يمنية حديثة ولايمل من تكرار مزاعمه هذه حتى صدق نفسه.ولو كان ذلك صحيحا فلايمكن لأحد أن يغطي الشمس بغربال ولكنه كلام خاو ومغشوش ولذلك ثارعليه الشعب وخلعه. صالح يعتمد الأن على البيروقراطية والمؤتمرالمتوحدان والمتحالفان مع الأجهزة الأمنية وهذا هو اللغم الذي زرعه صالح لعرقلة حكومة الوفاق التي لن تحصل على قبول عام بها إلا بعد أن تضع حدا لمؤامراته ضدها وضد الشعب وتعمل على إعادة هيكلة الجيش والأمن وأن يكف عن وضع العصي في عجلاتها ولايستخدم مسجد شهداء الثورة لعلاقاته العامة وخطاباته المسمومة. وإن لم يفعل وعجزت حكومة الوفاق وعلى رأسها رئيس الجمهورية فقد تقتضي المصلحة الوطنية سبل أخرى للعلاج هي في متناول شباب ساحات وميادين الثورة..صالح ترك وطنا مريضا وليس ضعيفا فقط وأصبح العلاج فوق الإمكانات المحلية ويتطلب عونا دوليا ولأمد طويل. واليمن حالة عربية نادرة لايريد صالح المهزوم الاعتراف بها. وطبيعي جدا في بيئة كهذه أن تكون ال

حكومة ضعيفة وضعيفة جدا وهي لاتدعي مطلقا أنها قوية .صالح لم يتصور بحكم قصور معرفي وغرور سلطوي أن قوة أي دولة تكمن في اقتصاده وأن الدول القوية تصنف بحسب قدراتها الاقتصادية واستقرارها ولحمتها الوطنية المتماسكة وإجماع مواطنيها على أهداف مشتركة وكل هذا وغيره كثير غاب في نظامه البائد.

*كاتب يمني
شارك الخبر