الرئيسية / تقارير وحوارات / عن اللوبي الإسرائيلي الأوروبي الذي لا نعرفه
عن اللوبي الإسرائيلي الأوروبي الذي لا نعرفه

عن اللوبي الإسرائيلي الأوروبي الذي لا نعرفه

20 مايو 2016 08:59 مساء (يمن برس)

في ثلاثينيات القرن الماضي، عانت الولايات المتحدة والعالم مما يعرف بالكساد العظيم، الأزمة الاقتصادية الأعنف في القرن العشرين، ولأن الأمور كانت تتدهور باستمرار، وفقد عشرات الآلاف من الأمريكيين وظائفهم وأعمالهم، كان لابد للجميع من عدو يتوجهون له باللوم على ما حدث، وفي هذا الوقت لم يكن هناك أنسب من اليهود.

آمن نصف الأمريكيون، على الأقل، بأن اليهود هم السبب الرئيسي للأزمة، بانطباع عام مترسخ بـ «جشعهم وعدم أمانتهم»، فيما لا يقل عما بين 40 إلى 50% من الأمريكيين، بخاصة مع انتشار قناعة شعبية عامة بأن «اليهود يتحكمون في البنوك المحلية»، وقاد بعض نخبة الولايات المتحدة، مثل الأب تشارلز كافلن وجيرالد سميث، هجومًا على اليهود متبنين «معاداة السامية» كمنهج حياتي، وربما حظي اليهود بدعم سياسي رفيع المستوى، إلا أن تقبلهم في المجتمع الأمريكي أصبح في مهب الرياح، يومًا بعد يوم، وأصبحت هذه الفترة تاريخيًا إحدى أسوأ فترات اليهود في الولايات المتحدة، وقت لا يطيق الإسرائيليون تذكره بأي شكل، ويطاردون من يحاول إحياءه بكل الطرق.

تأتيكم هذه القصة برعاية روكويل شنابل، السفير الأمريكي السابق في الاتحاد الأوروبي، ورجل الأعمال وصاحب الباع السياسي الطويل، والذي وقف في الخميس 12 فبراير (شباط) لعام 2004، أثناء الأمسية الاحتفالية بافتتاح معهد عبر الأطلسي، المكتب الرسمي الخاص باللجنة اليهودية الأمريكية في بروكسل، ولبنة اللوبي الإسرائيلي الأولى في أوروبا، ليفسد الاحتفال على الحضور بقوله «بحسب فهمي فإن معاداة السامية وصلت إلى ما كانت عليه في ثلاثينيات القرن الماضي»، التصريح الذي أثار عاصفة فيما بعد، وانتقادات حادة من رؤوس اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، ودفع المتحدث باسم روكويل لإصدار بيان توضيحي، قال فيه إن السفير كان يرصد الواقع «من وجهة نظر مؤسسات أخرى»، وأن ما قاله «لا يعبر عن رأيه الشخصي أو رأي الولايات المتحدة»، ثم رحل روكويل في العام التالي مباشرة من منصبه بلا تجديد.


غلاف التقرير (مصدر الصورة: www.globalresearch.ca)

يوم الإثنين الماضي، التاسع من مايو (أيار) الحالي، أصدرت منظمة «تحقيقات الشأن العام» (PII)، المشهورة بمشروعها الصحافي «Spinwatch.org»، وبالتعاون مع منتدى التواصل الفلسطيني الأوروبي، تقريرًا موسعًا في أكثر من 100 صفحة، حصل «ساسة بوست» على نسخة منه، يرصد تواجد اللوبي الإسرائيلي في الاتحاد الأوروبي، ومدى تغلغله، تقرير هو الأول من نوعه، ولوبي عرف في التقرير بشكل اصطلاحي على أنه «مجموعة من المؤسسات الفكرية، والمراكز البحثية، وجماعات الضغط، والمؤسسات الإعلامية، ومن يقف وراءهم ويمولهم من مسؤولي الحكومة الإسرائيلية أو المنظمات اليمينية المحافظة أو أي مصادر تمويل أخرى».

اشترك في العمل على التقرير ثلاثة من أهم الأكاديميين، العاملين في مشروع سبين ووتش، أولهم ديفيد كرونين، صحافي التحقيقات والناشط السياسي الأيرلندي، والبروفيسورة سارة ماروسيك، أستاذة العلوم الاجتماعية والدراسات الدينية بجامعة جوهانسبرج، وثالثهم ديفيد ميلر بروفيسور علم الاجتماع بجامعة باث، وأحد مؤسسي منظمة «PPI» في عام 2004، وسنحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على أهم ما جاء فيه، وعلى تغلغل وانتشار اللوبي الإسرائيلي في الاتحاد الأوروبي، وطريقه عمله وإدارته للصراعات الفكرية والسياسية والإعلامية هناك.

صناعة اللوبيات

اعتمد الباحثون الثلاثة على منهجية بحثية تدعى «دراسة هيكل السلطة»، منهجية لها قسمان هما تحليل الشبكة وتحليل المحتوى، وبينما يقوم التحليل الشبكي على رصد الشبكات المختلفة، المكونة من أشخاص ومنظمات، قائمين على بناء الهيكل السلطوي، ومالكين لعلاقات وتأثير على الحكومات المختلفة، فإن تحليل المحتوى يتعلق بدراسة ما يدور في تلك الشبكات، واختيار مجموعة معينة أو منظمة ما، وتحليل فكرها واتجاهاتها بوضعها تحت مجهر التدقيق.

من المعروف نسبيًا أن أقوى جماعات النفوذ في العالم في واشنطن ولندن، لكن الباحثين يلفتون أنظارنا إلى أنه «لم تعد اللوبيات جماعات ضغط فقط، وإنما صناعة مليارية كاملة»، صناعة قدر حجمها في الولايات المتحدة بـ2.6 مليار دولار، رقم سنوي تنفقه الشركات، وجماعات الضغط السياسي، لحشد شبكة تأييد لها في واشنطن، منها اثنان مليار دولار في الكونجرس فقط، لكننا في الآونة الأخيرة شهدنا تجاوز صناعة الضغط والحشد، لحاجز المليار دولار، في أوروبا أيضًا، سواء كان من شركات أو لوبيات سياسية.


أنطونيو تاجاني

لبناء هيكل سلطة فعال وبالغ التأثير، يؤمن اللوبي الإسرائيلي وصول شخصيات أوروبية مختارة، إلى مناصب مؤثرة بداخل الاتحاد الأوروبي، وفي ظل علاقات اقتصادية قوية، وتبادل تجاري بين أوروبا وإسرائيل يصل إلى 30 مليار دولار، منها ما يقارب 20 مليارًا كصادرات أوروبية، فإن تأسيس الهيكل يبدو أمرًا ممكنًا بشدة، وبتماهٍ أوروبي أيضًا، ويمكننا الإشارة إلى الإيطالي أنطونيو تاجاني، كمثال واضح على ذلك، حيث كان أحد أعضاء حزب سيلفيو برلسكوني، شعب الحرية، قبل أن يتم ترشيحه لمنصب المفوض الإيطالي في الاتحاد الأوروبي، في عام 2008، والذي كان قبله أيضًا عضوًا سياسيًا في مجلس إدارة «EFI»، أو «أصدقاء إسرائيل الأوروبيين»، تحالف حزبي بداخل الاتحاد الأوروبي، يدين بالولاء لتل أبيب، وبحسب التقرير، فإن أنطونيو كان يتمتع بصلاحيات منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مع مواقف شديدة الإيجابية تجاه إسرائيل، بجانب زيارته لتل أبيب في 2013، أثناء تصاعد التوتر بين عاصمة الكيان والاتحاد الأوروبي، على خلفية مجموعة مقترحة من التشريعات المشددة، تقضي بمنع المساعدات عن الشركات والمعاهد والمنظمات، المتخذة من المستوطنات المحتلة مقرًا لها.

لعب تاجاني دورًا كبيرًا في التقارب الإسرائيلي الأوروبي، وسعى لدفع تل أبيب في عدة برامج ومشروعات تابعة للاتحاد الأوروبي، كنظام ملاحة الأقمار الصناعية «كوبرنيكوس»، الممول من الاتحاد الأوروبي، وذكر التقرير قول تاجاني لمسؤولين أوروبيين بأن التكنولوجيا الإسرائيلية «بمثابة إلهام لأوروبا»، وكما ذكرت وثيقة داخلية، فإن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي أخبروا تاجان، قبيل زيارته لإسرائيل، بأن خطط التقارب الاقتصادي الإسرائيلي الأوروبي، التي يتبناها، بمثابة «بذلة حيكت بحنكة لخدمة المصالح الإسرائيلية».

جمعية أصدقاء إسرائيل

في عام 2006، أنشأ أعضاء من حزب المحافظين البريطاني جماعة «أصدقاء إسرائيل الأوروبيين»، والمعروفة اختصارًا بـ«EFI»، إحدى أكثر جماعات الضغط نفوذًا في بروكسل، العاصمة البلجيكية التي تضم مؤسسات الاتحاد الأوروبي الرئيسية، جماعة قامت على أسس ونظم اللوبي الإسرائيلي في لندن، ثاني أقوى لوبي لإسرائيل عالميًا، بعد لوبيها في الولايات المتحدة، وبينما نجد أغلب أعضاء «EFI» أوروبيين، فإن ممولي الجماعة أغلبهم أعضاء في شبكة الإسلاموفوبيا عبر الأطلسي، العاملة رأسًا في الولايات المتحدة، أو ما نعرفها بـ«شبكة الخوف».

أسس جماعة أصدقاء إسرائيل، بشكل رئيس، ستيوارت بولاك أو البارون بولاك، السياسي البريطاني المحافظ الذي ولد في ليفربول، وفيها تلقى تعليمه في مجمع يهودي، ثم بدأ منذ سن الـ 15 في رحلات دراسية منتظمة إلى إسرائيل، ويعتبر البارون أحد أكثر مائة شخصية محافظة تأثيرًا ونفوذًا في بريطانيا، بحسب الديلي تليغراف في 2007، وهو رئيس جمعية «أصدقاء إسرائيل المحافظين»، والمكونة من أعضاء حزب المحافظين الموالين لإسرائيل، منذ عام 1989 وحتى عام 2015، وهي اللوبي الأكثر تأثيرًا في المملكة المتحدة، ويدين له الإسرائيليون بالفضل الكامل، في تعزيز سمعة تل أبيب بين المحافظين في إنجلترا.


شعار EFI (مصدر الصورة: interet general)

لفهم أكثر لأسس بنية جمعية أصدقاء إسرائيل، فإننا ينبغي أن ننظر للبناء المؤسسي لأصدقاء إسرائيل المحافظين، الجمعية التي يمكن اعتبارها أبًا روحيًا للتنظيم الأوروبي، معتمدة على استراتيجيات طويلة المدى، تتعلق برعاية ودفع الشباب البريطانيين، حتى بلوغهم مناصب سياسية عالية المستوى، كالسياسي البريطاني ووزير الخارجية السابق ويليام هيج، والمنضم لأصدقاء إسرائيل المحافظين منذ أن كان مراهقًا، في سبعينات القرن الماضي، وهو ما يؤكده هانو تاكولا، السياسي الليبرالي الفنلندي، وأحد أعضاء أصدقاء إسرائيل الأوروبيين، عندما قال أنه تمت هندسة «EFI» على نفس الأسس التنظيمية للوبي الإسرائيلي البريطاني، وأنه عقد عددًا من الاجتماعات، فيه مرحلة ما قبل قيام جمعية أصدقاء إسرائيل الأوروبيين، لبحث إنشاء كيان منظم، يعادل ويوازن موجة التعاطف المتنامية، مع القضية الفلسطينية، وذكر في التقرير أنهم قاموا بالاتصال بفان أوردن، جنرال بريطانيا الذي خدم في حلف الناتو في تسعينيات القرن الماضي، والمتحدث الرسمي الحالي باسم المحافظين في البرلمان الأوروبي، ممثلًا للجنة السياسات الأمنية والدفاعية، لسؤاله حول دور المحافظين الدقيق في التأسيس لـ«EFI»، لكنه رفض التعليق على الأمر أو إجابة الأسئلة!

تنسق «EFI» تحركاتها، داخل البرلمان الأوروبي، بدقة عالية، ويمثل ديفيد سارانجا، مستشار الرئيس الإسرائيلي للشؤون الخارجية، أحد المهندسين شديدي الكفاءة لهذه التحركات، بحكم عمله السابق كرئيس لقسم التنسيق بين البرلمان الأوروبي وإسرائيل، القسم المتواجد على نحو خاص في السفارة الإسرائيلية ببروكسل، ويمكن النظر لمثال واضح فيما بعد حرب غزة، نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2012، الحرب التي انحاز فيها الاتحاد الأوروبي للجانب الإسرائيلي ضمنيًا، بعدها بأقل من شهرين، وبتخطيط من سارانجا نفسه، نظمت «EFI» مؤتمرًا داخل البرلمان الأوروبي، وعلى جدول أعماله، بعنوان «المساعدات الإنسانية، إسرائيل كدولة رائدة عالميًا»، ليتكلم عن «الجهود» الإسرائيلية في مجال المساعدات الإنسانية، في قارات العالم المختلفة، مما جعل منها «دولة إنسانية رائدة».

من يدفع أجر العازف؟

مؤسسة عائلة أديلسون، ومؤسسة برنارد ماركوس، ومنتدى الشرق الأوسط MEF، وصندوق التجريد AF، هؤلاء جميعًا وغيرهم يمولون جمعية الأصدقاء الأوروبيين لإسرائيل، ويدفعون أجر العازف فيختارون اللحن بالطبع.

يمكننا أن نبدأ بمؤسسة أديلسون، لصاحبها شيلدون أديلسون، ملياردير الأعمال الشهير وأحد أغنى أغنياء العالم، بثروة تقدر بـ28 مليار دولار، رجل أعمال محافظ أمريكي يهودي، يمتلك عددا ضخمًا من المشاريع الفندقية في أغلب دول العالم، وعددًا من المؤسسات الإعلامية اليمينية الإسرائيلية، وعلى رأسها «معاريف»، والأهم أنه المتبرع الأكبر لـ«EFI» بمليوني دولار، في الفترة ما بين عامي 2010 و2013، ويتبنى الرجل تقريبًا، وبخطى حثيثة، أي مشاريع استيطانية تخدم تل أبيب، كتبرعه بمنحة لا ترد قدرها 25 مليون دولار، استخدمت في بناء جامعة أرييل بالكامل، على أراضٍ محتلة في الضفة الغربية.


شيلدون أديلسون

ولدينا مؤسسة ماركوس، لمالكيها الأخوين جاي ماركوس وآرثر ماركوس، رجلا الأعمال المتخصصان في صناعة الأقمشة، حيث مولا الجمعية بـ115 ألف دولار من 2010 إلى 2013، وأيضًا منتدى الشرق الأوسط MEF، المركز البحثي الأمريكي الشهير، والمايسترو الرئيسي لأوركسترا شبكة الإسلاموفوبيا عبر الأطلسي، بتمويل قدره 94 ألف دولار تقريبًا عن نفس الفترة، ثم صندوق التجريد AF وبالطبع دور محتم لنينا روزنوالد، إحدى أهم أفراد عائلة المال والأعمال الأمريكية المعروفة، والصهيونية المتحمسة، والحالمة دائمًا بلوبي صهيوني موحد عبر أنحاء العالم، وإحدى أكبر ممولات شبكة الإسلاموفوبيا، عن طريق مؤسساتها، حيث مول الصندوق جمعية «EFI» بـ90 ألف دولار عن نفس الفترة.

بجانب المتبرعين الرئيسيين في خلال فترة الثلاث سنوات، هناك أيضًا متبرعون آخرون بمبالغ متوسطة، كمؤسسة «جويس ودونالد رامسفيلد» والتي مولت الجمعية بـ 15 ألف دولار، وكما هو واضح من اسمها فهي لمؤسسيها جويس وزوجها دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مهندسي غزو العراق والصقر اليميني البارز، ومؤسسة نيوتن وروشيل بيكر الخيرية، والحاملة لاسم رجل الأعمال اليهودي نيوتن بيكر، والمعروفة بكونها أحد أضلاع مثلث مؤسساتي (الضلعان الآخران يحملان نفس الاسم) يقوم بتمويل المنظمات اليهودية العاملة في أي مكان من العالم، وبشكل رئيس في الولايات المتحدة، منظمة نصيبها من تمويل «EFI» بلغ 50 ألف دولار.

ومعهد عبر الأطلسي

كما قلنا أعلاه، فإن معهد عبر الأطلسي هو الممثل الرسمي لـ«AJC»، أو اللجنة اليهودية الأمريكية، في بروكسل، معهد يمثل الذراع الأوروبية لما يطلق عليه «عمدة المنظمات اليهودية الأمريكية»، فاللجنة اليهودية المؤسسة عام 1906 هي من أقدم المنظمات اليهودية العاملة في الولايات المتحدة، وتعتبر رأس حربة اللوبي الصهيوني في واشنطن، ولذلك كان افتتاحها لمعهد عبر الأطلسي، في عام 2004، شديد الأهمية لفاعلية اللوبي الإسرائيلي في أوروبا، وإحدى لبناته الأساسية التي ساهمت في تطوره على مر العقد السابق.


أنتونيس ساماراس، رئيس الوزراء اليوناني السابق، في خطاب أمام معهد عبر الأطلسي (مصدر الصورة: greek news online)

يكشف تقرير سبين ووتش عن حجم تمويل مليوني موجه إلى اللجنة، المصدر الرئيس لتمويل المعهد بالطبع، في الفترة ما بين عامي 2009 و2013، ويأتي على رأس قائمة الممولين سيث كلارمان، البليونير الأمريكي اليهودي المعروف، ومؤسس منظمة عائلة كلارمان، المتولية لتوجيه تبرعات للمنظمات اليهودية، وعلى رأسها «AJC»، وبلغت قيمة ما دفعه سيث ثلاثة ونصف مليون دولار تقريبًا، ويأتي بعده الصندوق اليهودي الشعبي بـ2.1 مليون دولار تقريبًا، ثم مؤسسة راسل بيري الخيرية، الحاملة لاسم صانع اللُعب الأسطوري المذكور، بتمويل قدره 1.26 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي ما حصل عليه المعهد اليهودي الأوروبي في هذه الفترة، ومن خلال أكثر من عشر جهات مانحة، قرابة 11 مليون دولار، مبلغ كان كافيًا تمامًا لتطوير اللبنة الرئيسية في اللوبي الإسرائيلي في أوروبا، والضغط على السياسيين الأوروبيين بشتى الطرق، وانتزاع صمت أوروبي، على أقل تقدير، أمام عشرات المجازر التي قام بها الإسرائيليون في الأراضي المحتلة.

بالرغم من قوة اللوبي، وعمق تفاصيل تقرير سبين ووتش الكثيرة، الموضحة لتغلغله شبه الكامل داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأمر لا يبدو بتلك القوة «الأسطورية»، وإسرائيل لم تنجح مع ذلك في اكتساب تأييد الجميع، ويمكننا الرجوع إلى مشهد جلسة مجلس الأمن الدولي، في أواخر عام 2011، عندما انتقد أربعة ممثلين لدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، التسارع الإسرائيلي في بناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية، مطلقين على ذلك «تطورًا سلبيًا بالكامل»، مما دعا وزارة الخارجية الإسرائيلية للرد مباشرة، في اليوم التالي للجلسة، قائلة في بيان لها أن ما حدث «تدخل في الشؤون الداخلية الإسرائيلية، وعلى الأوروبيين توجيه ملاحظاتهم مباشرة للمسؤولين الإسرائيليين»، إلا أنه، ومنذ ذلك الحين، تزايدت قوة اللوبي بلا شك.

على كلٍ، لا يبدو أمام الفلسطينيين كالمعتاد إلا تكوين لوبي مضاد، وهو أمر يحتاج لتمويل بالغ الضخامة بلا شك، الأمر الذي يفتقده الفلسطينيون إلا بمساعدة عربية، وعلى الجهة الأخرى فإن محاولات جهات حقوقية وصحافية وإعلامية، كمنتدى التواصل الفلسطيني الأوروبي، واشتراكه مع مشاريع تحقيقات عالمية كسبين ووتش، وإصدارهما تقرير كهذا، كل ذلك يبدو أمرًا غاية في الإيجابية، ويبشر بتحركات على مستوى مقبول، تساهم في الترويج للقضية الفلسطينية، في ثاني أهم منطقة سياسية في العالم.
 

شارك الخبر