الرئيسية / تقارير وحوارات / سوء التغذية كابوس يحط رحاله في اليمن
سوء التغذية كابوس يحط رحاله في اليمن

سوء التغذية كابوس يحط رحاله في اليمن

19 أبريل 2016 03:52 مساء (يمن برس)
بعد عام من استمرار الحرب والمعارك واشتداد وتيرتها بات اليمن يحتل المركز الاول في معدلات سوء التغذية المزمن لدى الاطفال مادون سن الخامسة.
 
ذلك ما اكدته نتائج دراسة ميدانية لبرنامج الاغذية العالمي بالاشتراك مع منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، حيث اشار المسح الشامل للأمن الغذائي، الذي يصدر كل عامين، الى ان معدلات سوء التغذية الحاد في اليمن بلغت حد الخطر في معظم البلاد وارتفعت نسبتها في بعض المناطق الى حد يتحتم التدخل العاجل حيث يعاني أكثر من عشرة ملايين يمني أي أكثر من 40 في المائة من سكان اليمن من عدم قدرتهم على تأمين وجبتهم التالية، والعدد في تزايد مستمر مع الحرب الدائرة حتى اليوم.
 
الحرب، البطالة، والفقر سبب المشكلة
 
أحمد الصغير، من مدينة عدن وأب لطفلين، يعاني ولده البكر ذو الاربعة اعوام من هزال شديد وأمراض أخرى كالإسهال والحمى التي ارهقت جسده النحيل.
 
يقول (الصغير) إنه قبل الحرب كان يعمل في شركة حراسات امنية براتب ضئيل لا يستطيع ان يسد به جوع أطفاله ويوفر قوتهم اليومي، ولكن منذ اندلاع الحرب فقد وظيفته كغيره من العاملين في القطاع الخاص بسبب الاوضاع... وها هو اليوم لم يستطع الحصول على عمل اخر رغم انتهاء الحرب في عدن ولم يعد بمقدوره توفير الغذاء اللازم لأسرته وطفله المريض الذي أخذ المرض يفتك به وأصبح زائرا دائما للمجمعات الصحية لأجل علاج ابنه.
 
وعلي ذات الصعيد  تعاني (أم علي) التي توفى زوجها في الحرب وكان معيلا لأسرته، تقول إنه قبل وفاة زوجها، الذي كان يعمل صيادا في البحر كانت حالتهم "مستورة" إذ يوفر لهم الوجبات الثلاث واحيانا وجبتين، ولكن بعد وفاته قبل اكثر من ستة اشهر اصبحت "بلا سند و لا معيل " لها ولابنها الوحيد الذي اصبح يعاني سوء تغذية حاد بسبب فقرها وعدم قدرتها على توفير الغذاء اللازم له، وأيضا بسبب انقطاع المعونات التي تقدمها المنظمات الإنسانية وعدم حصولها عليها منذ اكثر من اربعة اشهر، حيث حصلت على اول وآخر معونة قبل ما يقارب الاربعة اشهر والتي كانت تخفف عنها بعض الشيء... (أم علي) الى اليوم ما يزال طفلها يعاني وفي تردد دائم على المستشفيات.
 
برنامج الاغذية العالمي يحذر من كارثة
 
في مطلع نوفمبر 2015 حذر برنامج الاغذية العالمي من ان وضع الامن الغذائي في اليمن يتدهور، مشيرا إلى أن عشر محافظات من أصل إثنين وعشرين محافظة يمنية تواجه انعدام الامن الغذائي على مستوى الطوارئ.
 
وجدد البرنامج تحذيره في نهاية ديسمبر الماضي بالقول إن "النزاع اليمني والحرب المستمرة فاقمت ازمة الامن الغذائي إذ انضم أكثر من ثلاثة ملايين شخص الى صفوف الجياع في اقل من سنة".
 
فيما اظهر تقرير عن الحاجات الانسانية للأمم المتحدة لعام 2016م أن 7.6 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الامن الغذائي الشديد وهو مستوى يتطلب تدخلا سريعا للمساعدات الخارجية، كما ان 21.2 مليون شخص أي 82 بالمائة من سكان اليمن بحاجة الى شكل من اشكال المساعدة الانسانية.
 
تعز، الحديدة، وحجة في الصدارة
 
تصدرت محافظات تعز، الحديدة، وحجه المراتب الاولى في انعدام الامن الغذائي، فبسبب الحرب الدائرة والحصار المفروض على محافظة تعز منذ شهور وصعوبة ادخال المعونات الانسانية اليها وانعدام الغذاء والكهرباء والماء والأدوية والمستلزمات الطبية فإن تعز وصلت الى وضع حرج جدا انعدام الامن الغذائي خاصة والذي يستدعي تدخلا طارئا وبصورة عاجلة.
 
وتأتي محافظة الحديدة بكثافتها السكانية الكبيرة تالياً، إذ ترتفع فيها مستويات الفقر والجوع بصورة أكبر، فقد كانت من قبل تسجل نسبة كبيرة في انتشار الامراض وزادت اكثر نتيجة الحرب حالات سوء التغذية، وفقا لتقرير وزارة الصحة والسكان.
 
محافظة حجة هي الاخرى تعاني من الفقر، كما إن هناك مشكلة اخرى تتمثل في بعد  مستشفيات المدينة عن الريف حيث تقدر المسافات في بعضها بأكثر من 80 كيلو متر، ومع الحرب وانعدام المشتقات النفطية فإن سكان الريف لا يجدون سيارات تنقل بها اطفالها الذين يعانون من سوء التغذية الى المدن إلا بأسعار مرتفعة جدا يصعب على الكثير من الاسر استئجارها، وبالرغم من وجود مجمعات صحية في القرى و لكنها تفتقر للأدوية والمستلزمات طبية وتعيش حالة من الاهمال.
 
استفحال سوء التغذية وإغلاق المراكز الصحية
 
قطعت اليمن شوطا كبيرا في مواجهة سوء التغذية قبيل الحرب، ولكن خلال التسعة الاشهر الاخيرة ارتفعت نسبة الفقراء إلى أكثر من 81 بالمائة، بحسب دراسة حديثة صادرة عن مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي.
 
ونفذت اليونيسيف دراسة ميدانية في محافظات (عدن، الحديدة، حجة) خلصت الى تفشي مستويات سوء التغذية الحاد وسوء التغذية الوخيم بنسبة 8.9 بالمائة و3.8 بالتوالي وأقرت هذه الدراسة بإصابة 573 ألف طفل بالمستوى الحاد الوخيم، وحذرت من اصابة طفل واحد من بين كل ثمانية اطفال دون الخامسة بسوء التغذية اضافة إلى 1.3 مليون طفل يعانون من سوء التغذية اليوم مقارنة مع 690 ألف طفل قبل الحرب.
 
إلى ذلك تضررت خدمات التغذية العلاجية مع تضرر المرافق الطبية في عشر محافظات وكذلك قلت الواردات العلاجية ونزحت الكوادر الطبية بحثا عن الأمن.
 
وقد اغلق حوالي 192 مركزا طبيا للتغذية بسبب شح الوقود وعدم القدرة على الوصول الى الاطفال في المناطق المتضررة.
 
أكثر من 100 حالة خلال شهرين
 
في زيارة للمجمع الصحي في مديرية التواهي، وهو أحد المجمعات الصحية في مديريات محافظة عدن الثمان وعبر منسقة برنامج التغذية الدكتورة نوال عبده علي حصلنا على احصائيات لعدد حالات سوء التغذية في المجمع خلال الفترة من شهر ديسمبر 2015 الى يناير 2016م حيث رصدت أكثر من مائة حالة سوء تغذية، مهنا 36 حالة تعاني سوء تغذية حاد.
 
وعن أبرز اسباب تزايد حالات سوء التغذية تحدثت مسؤولة قسم التغذية بالمجمع الصحي أمون هبة الله وارجعت ذلك الى الحرب والفقر وانعدام التغذية الصحيحة وغياب الوعي والجهل لدى السكان. ويعد الاسهال الحاد والحمى وفقدان الوزن أبرز أعراض المرض، حسب الدكتورة أمون.
 
أكثر من مليون طفل يعانون
 
أكثر من مليون طفل دون الخمس سنوات في اليمن يعانون من سوء تغذية حاد وبحاجة الى في عدن والتي لديها قسم مختص بسوء التغذية، وارجع الموظف الذي فضل عدم ذكر اسمه أسباب وصول المرض الى هذا الرقم الكبير الى الصراع المسلح، والذي أثر سلبا على وضع الاسر والأطفال، وسبب صعوبة في وصول المساعدات العاجلة، اضافة الى الحصار الخانق على المتضررين في مناطق الحرب، ما ادي الى ارتفاع معدلات سوء التغذية لتصل الى اعلى المستويات على الاطلاق ومن بين الاسوأ في العالم.
 
المجتمع بكل مكوناته الرسمية والاهلية وفي المقدمة اطراف الصراع تقع على عاتقهم مسؤولية ايقاف معاناة الاطفال الذين يعانون من حالات سوء التغذية، في ظل اوضاع باتت كارثية ولا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها أكثر .. ايقاف الحرب بشكل عاجل، وتسهيل وصول المساعدات الى الاماكن المتضررة خاصة واحترام القوانين الدولية الانسانية وتطبيقها التي تعد اليمن من الدول الموقعة على اغلب الاتفاقيات والبرتوكولات الملحقة، حلول مطلوبة على وجه السرعة لإنقاذ حياة ملايين اليمنيين.
 
*برنامج تمكين الشباب، المركز اليمني لقياس الرأي العام.
شارك الخبر